الاحزاب العربية في اسرائيل: حضور رمزي وتأثير سياسي محدود
٢٧ مارس ٢٠٠٦تعتمد إسرائيل نظام التعددية الحزبية في نظامها الانتخابي بعكس الولايات المتحدة مثلا التي تعتمد على نظام الحزبين فقط. وهذا يعني أن عددا كبيرا من الأحزاب تتنافس على مقاعد الكنيسيت الـ 120. تاريخيا كان هناك حزبان كبيران يتنافسان على رئاسة الحكومة في اسرائيل، هما حزب العمل وحزب الليكود. الا أن هذه المعادلة تغيرت تماما مع ظهور قطب ثالث في الساحة الحزبية الاسرائيلية يتمثل في حزب كاديما الذي أسسه أرييل شارون والذي تمنحه استطلاعات الرأي ما بين 36 الى 40 مقعدا. وهذا يعني حاجة كاديما الى حزب أو أحزاب أخرى للدخول معها في تحالف لضمان الاغلبية البرلمانية المتمثلة في 61 مقعدا. وفي هذا الإطار يشير المحللون الى أن حزب العمل بقيادة عمير بيريتس هو الأقرب للتحالف مع كاديما نظرا للقواسم المشتركة بينهما فيما يتعلق بالصراع مع الفلسطينيين، وهذه المسألة كانت المحك غالبا في تشكيل أو فرط التحالفات السابقة مع الاحزاب الدينية أو اليسارية الصغيرة.
عدم ثبات الخارطة الحزبية
خلافا لكثير من البرلمانات العالمية تتمثل في اسرائيل أحزاب صغيرة بكثرة. وهذا يعود الى القوانين الانتخابية الاسرائيلية التي تنص على ضرورة أن يتجاوز الحزب 2 بالمئة من مجموع أصوات الناخبين، وهذه نسبة تعتبر بالمقاييس الدولية بسيطة. فللمقارنة فقط تبلغ هذه النسبة في ألمانيا 5 بالمئة. هذا يعني انه يمكن أن يكون هناك حزب ممثل بمقعد واحد فقط وهذا ينطبق على "الحركة العربية للتغيير" التي تتمثل في البرلمان بمقعد واحد يشغله أحمد الطيبي. احدى النتائج المباشرة لذلك هي كثرة الانشقاقات وتنوع التحالفات بين أحزاب من مختلف الطيف السياسي. ومع ذلك تصر اسرائيل على التمسك بهذه النسبة البسيطة سعيا منها لتمثيل المجتمع الاسرائيلي متعدد الاعراق والاصول أفضل تمثيل في البرلمان. وهنال سبب آخر يؤدي الى عدم الاستقرار في الخارطة الحزبية الاسرائيلية وهو أن مفهوم "يمين" و "يسار" غير مطابق للمفهوم المتعارف عليه في الديمقراطيات الغربية مثلا، بل هو نابع من موقف هذا الحزب أو الشخص ازاء الصراع مع الفلسطينيين. ومن هنا يجد المرء أجنحة يسارية ويمينية في داخل الحزب الواحد.
الاقلية العربية في اسرائيل
تشكل الاقلية العربية التي تقطن داخل اسرائيل ويقدر عددها نحو 1.2 مليون نسمه ما نسبته 20 بالمئة من مجموع سكان الدولة العبرية. ويتعلق الأمر هنا بالفلسطينيين الذين لم ينزحوا عن مدنهم وقراهم أثناء حرب الـ 1948 التي جرت بين الدول العربية واسرائيل. ويقطن معظم هؤلاء في شمال اسرائيل، في المنطقة التي تعرف بالجليل، وفي المنطقة الوسطى المعروفة بالمثلث، اضافة الى بعض المدن مثل يافا وحيفا وعكا. ويتوزع السكان العرب اجمالا على 7 مدن ونحو 115 قرية. وتعتبر مدينة الناصرة هي مركز الاقلية العربية ويقطنها قرابة 70 ألف نسمة.
سياسيا وجد السكان العرب في اسرائيل في الحزب الشيوعي الاسرائيلي المعروف بـ "ركاح" فرصة لهم لدخول معترك السياسة والتعبير عن همومهم والدفاع عن مصالحهم. وكانت منطقة شمال الجليل تمثل معقلا حقيقيا لانصار الحزب اضافة الى مدينة الناصرة، الا ان هذه الحزب مر بمراحل عديدة من الانشقاقات، كان آخرها وربما أكثرها أهمية الانشقاق الذي حصل عام 1965 وادى الى تكوين:"القائمة الشيوعية الجديدة". وبدءا من عام 1977 ترشح المنشقون بشكل مستقل للانتخابات الاسرائيلية تحت اسمهم الجديد "القائمة العربية للعدل والمساواة" المعروفة بالعربية بـ "الجبهة" وبالعبرية "حداش". وكانت الجبهة قد حصلت في الانتخابات الأخيرة عام 2003 على مقعدين في الكنيسيت يشغلهما النائبان محمد بركة ومحمد مكحول. وتعتبر الجبهة، التي مازال جزء بسيط من اليهود يقوم بانتخابها، نفسها حزبا معاديا للأيدلوجية الصهونية وتدعو الى تحويل اسرائيل من دولة يهودية خالصة الى دولة ثنائية القومية.
التجمع الوطني الديمقراطي
اكثر الاحزاب شعبية في الوسط العربي في اسرائيل هو التجمع الوطني الديمقراطي المعروف في اسرائيل باسم "بلد" وفي الوسط العربي "بالتجمع". تأسس هذا الحزب في عام 1996 وينص برنامجه السياسي على المطالبة "بالاعتراف بالعرب في اسرائيل كأقلية قومية، كشعب له حقوق قومية جماعية ومساواة مدنية كاملة (...) كما يسعى التجمع الى سن قانون أساسي لضمان تطبيق الحقوق القومية للأقلية العربية الفلسطينية في اسرائيل." ويتمثل هذا الحزب حاليا في الكنيست بثلاثة أعضاء وتتوقع استطلاعات الرأي الأخيرة له أن يرفع هذا العدد الى أربعة.
يستفيد التجمع الوطني كثيرا من شعبية زعيمه ومؤسسه عزمي بشارة، الذي ساهم مساهمة كبيرة في ترسيخ قواعد الحزب وقيادته ليصبح الحزب الاول في الوسط العربي. عزمي بشارة الذي حصل على دكتواة في الفلسفة من برلين ودرّس عدة في سنوات في جامعة بيرزيت يعتبر أكثر السياسيين العرب مشاكسة للدولة العبرية التي يتهمها بممارسة سياسات عنصرية ضد العرب الاسرائيليين. ولا يخفي بشاره تعاطفه مع استخدام كل الوسائل لانهاء الاحتلال الاسرائيلي، الامر الذي عرضة للمساءلة امام القضاء الاسرائيلي حيث وصل الامر الى حد محاولة منع حزبه من خوض الانتخابات الاخيرة عام 2003. وبعد مداولات قضائية محمومة حكمت المحكمة الاسرائيلية بالسماح لحزبه بالترشح مما اعتبر في حينه نصرا كبيرا له ولحزبه.
القائمة العربية الموحدة
اما الحزب الثالث فيضم تحالفا بين "الحركة الاسلامية في اسرائيل" و "الحركة العربية للتغيير" بقيادة أحمد الطيبي. ويخوض هذا التحالف الانتخابات تحت اسم "القائمة العربية الموحدة." وتتمثل القائمة حاليا في الكنيست بثلاثة مقاعد يعتقد انها ستحافظ عليها. أما اهم ما تطالب به القائمة فهو قيام دولة فلسطينية عاصمتها القدس الشرقية وازالة كافة المستوطنات الاسرائيلية وتحقيق المساواة بين المواطنين اليهود والعرب داخل اسرائيل.