عمل بيورو واحد في الساعة لإدماج اللاجئين
١٦ مايو ٢٠١٦يحاول العراقي زيد (23 عاما) وهو يحمل مغرفة ويرفع غطاء قدر كبير من اللحم وقطع البطاطس، أن يشرح للأشخاص المصطفين أمامه، مكونات هذه الطبخة "الألمانية بامتياز" المغمورة بالزيت ومرق لحم البقر. في المساء من السادسة والنصف إلى الثامنة يوزع زيد، الذي يعمل لدى بلدية برلين، وجبة العشاء على 152 من اللاجئين السوريين والعراقيين والأفغان أو المولدافيين، في هذا النادي الرياضي الذي تحول إلى مركز لإيواء اللاجئين.
ولقاء نقل القدور المليئة بالطعام وتقطيع الخبز وملء الأطباق ثم تنظيف الطاولات، يحصل على 1.05 يورو في الساعة، ولا يمكنه أن يعمل أكثر من 20 ساعة في الأسبوع. لذلك يكسب في أفضل الأحوال 84 يورو في الشهر. ويضاف هذا الراتب الهزيل إلى 143 يورو يحق له الحصول عليها "كمصروف جيب" خلال فترة دراسة طلب اللجوء الذي قدمه.
إلا أن ابتسامة كبيرة ترتسم تحت القبعة التي يعتمرها. ويقول زيد، الذي هرب من مدينة الحلة مع والده وشقيقته قبل ستة أشهر، إن هذا العمل "يتيح لي الاتصال بمتطوعين ألمان يأتون إلى هنا للمساعدة في توزيع الوجبات والتحدث باللغة الألمانية معي. على الأقل، لم أعد أتنقل في المركز لا أعرف ماذا أفعل".
ففي هذا المركز المخصص لإيواء اللاجئين، على غرار مراكز أخرى كثيرة، يشعر النزلاء بالملل الذي يدفع بهم إلى الصراخ لدى حدوث أي إشكال تافه ويحملهم حتى على تبادل اللكمات أحيانا.
وتوظف بلدية برلين في الوقت الراهن 3925 لاجئا موزعين على 75 مركز استقبال. وتريد البلدية التي تعرضت للانتقادات الشديدة بسبب تهاونها في استقبال اللاجئين، أن توسع الآن العرض القاضي بتأمين "فرص عمل بيورو واحد في الساعة" على الهيئات التي تعتبر ذات منفعة عامة. في بافاريا، إحدى المقاطعات الإقليمية التي تستضيف أكبر عدد من طالبي اللجوء، يعمل أكثر من 9000 لاجىء في هذه الوظائف. وتعرض عليهم مدينة هانوفر أيضا العمل في تصليح الدراجات الهوائية، وفرز الثياب أو مرافقة الأطفال إلى دور الحضانة في مقابل إعطائهم دروسا في اللغة الألمانية.
وعدت وزيرة العمل أندريا نالس باستحداث 100 ألف فرصة عمل من هذا النوع للاجئين، معتبرة ذلك "خطوة مؤقتة" ستمكنهم لاحقا من الاندماج في سوق العمل. وقد بدأت هذه "الأعمال البسيطة بيورو واحد"، قبل عشر سنوات عند إجراء إصلاح كبير لسوق العمل. وفي تصريح لوكالة فرانس برس، قال رونالد باخمان، الخبير الاقتصادي المعروف في "المعهد الألماني للدراسات الاقتصادية" في ايسين (غرب): "هذا تدبير حكيم على المدى القصير، إذ ليست أمام اللاجئين أي فرصة للعمل". وقبل البت في ملفاتهم، لا يحق لطالبي اللجوء العمل في أي وظيفة. وفيما تلوح الأصوات الشعبوية بفزاعة المهاجرين الذين يعيشون على حساب الدولة الألمانية، أضاف هذا الخبير أن "رؤية اللاجئين يعملون يبعث أيضا برسالة سياسية جيدة".
وأوضح باخمان أن هذه الوظائف المتواضعة التي خصصت لدى استحداثها للعاطلين منذ فترة طويلة عن العمل، تم تناسيها بمرور الوقت. وقال: "من النادر جدا جدا أن تتيح العودة إلى سوق العمل، لأن ما يتعلمونه منها ضئيل جدا". وأعلن رئيس "الاتحاد الألماني للنقابات" رينييه هوفمان معارضته لعمل المهاجرين في هذه الوظائف، لأن ألمانيا تحتاج كما قال إلى برنامج أكثر طموحا لإدماج اللاجئين في الاقتصاد الألماني.
وقال هولغر شيفر، الخبير في سوق العمل لدى "معهد البحوث" "إننا ندعم بذلك في الواقع استبعاد اللاجئين عن سوق العمل". ولا ينوي زيد الاستمرار في "وظيفته" الحالية. فقد انضم إلى صف دراسي في إحدى ثانويات برلين سيتمكن بفضله من متابعة دروسه في المعلوماتية التي اضطر إلى وقفها في العراق.
س.ك/ ع.ج (أ.ف.ب)