1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

الاغتصاب.. أقسى معاناة للسودانيات خلال الفرار من أهوال الحرب

ماجدة بوعزة
٦ ديسمبر ٢٠٢٤

صدرت عشرات التقارير التي توثق لحالات العنف الجنسي الذي تتعرض له السودانيات منذ اندلاع الحرب. سواء في بلدهن أو خلال اللجوء لبلدان الجوار، لا شيء يحميهن من الاغتصاب. فهل تعبر التقارير فعلا عن مدى سوء وضعيتهن؟

https://p.dw.com/p/4nr9s
Sudan | Frauen und Kinder in Nord Dafur | Archivbild 2014
صورة من: Abd Raouf/AP Photo/picture alliance

قدَّرت وحدة مكافحة العنف ضد المرأة الحكومية في السودان، خلال تصريحات سابقة لأحد مسؤوليها أن أعداد حالات الاغتصاب في صفوف النساء السودانيات المبلغ عنها، تمثل حوالي 2 بالمئة فقط مما ارتُكب في حقهن فعليا. لهذه الدرجة تبدو الأوضاع صعبة لفتيات ونساء البلد، الذي لم تتوقف الحرب الأهلية فيه عن إراقة الدماء والتسبب في الويلات لمواطنيه.

ومن بين الأرقام المرعبة الصادرة عن منظمة المرأة في منطقة القرن الإفريقي SIHA، أن أكثر من 90 بالمئة من المغتصبات السودانيات، هن ضحايا اغتصاب جماعي، كما أن العديد منهم كن ضحايا اختطاف.

كما أن معظم الحوادث الموثقة لدى المنظمة، ارتكبها عناصر قوات الدعم السريع، وبعض عناصر الجماعات المسلحة الأخرى في دارفور، ممن عذبوا وتاجروا واغتصبوا السودانيات في مواقع مختلفة داخل البلد.

طفلة لاجئة مغتصبة وحامل.. أين المفر!
"نهلة"، طفلة سودانية تبلغ من العمر 13 سنة، هي اليوم تجل واضح لأزمة السودانيات داخل وخارج أرض الوطن المكلوم. اغتصبت في وطنها من قبل معتدين لم يرأفوا بصرخاتها المستنجدة، واستباحوا جسدها الذي لم يكتمل نموه بعد.

لم تتوقف مأساتها في التعرض لاعتداء جنسي همجي، بل تلته فاجعة الحمل الذي لم تجد مفرا من حدوثه بسبب نقص الخدمات الطبية.

التقطت هذه الصورة يوم 1 أغسطس 2024
أكثر من 90 بالمئة من المغتصبات السودانيات، هن ضحايا اغتصاب جماعي حسب إحدى المنظماتصورة من: Mohamed Khidir/Xinhua News Agency/picture alliance

يقترب موعد وضع الطفلة لمولودها، وهي تعيش تحت وطأة الخوف واللاأمان. "نهلة" اليوم لاجئة رفقة والدتها في مصر، فرتا معا بعد ما حل بهما من تعذيب واغتصاب، وبعدما لم يجدا أمانا في الوطن الذي مزقته الحرب الأهلية. لكنهما مازالتا في حاجة للدعم والمساعدة والتوجيه، وهو ما تحرص عليه جهات رسمية في السودان بمساعدة المنظمات الدولية.

سليمة إسحق، مديرة وحدة مكافحة العنف ضد المرأة (حكومية)، تحاول جاهدة مد يد العون لكل الحالات التي تطلب النجدة من النساء السودانيات، داخل وخارج البلد. قالت في تصريحات لمهاجر نيوز "إن أكثر من 3 ملايين امرأة غادرن السودان بسبب أوضاع الحرب"، مؤكدة أن "أوضاعهن تكون أكثر قساوة من النازحات داخليا، منهن يتمكنن من طلب النجدة أحيانا، ونتمكن من الوصول إليهن بتنسيق مع المنظمات الإنسانية، رغم الصعوبات التي نواجهها".

أما عن اللاجئات، فتقول المتحدثة "صحيح أن هناك تمويل لأجلهن على الصعيد الدولي، لكن المشكل يتمثل في عدم وصولهن للخدمات حتى الأساسية منها، والسبب أوضاعهن القانونية، إذ تمتنعن عن ولوج المستشفيات الحكومية في بلدان اللجوء خوفا من الترحيل، ويضطررن للاستنجاد بدعم الأهل للحصول على مال لولوج المستشفيات الخاصة، وإن لم يتوفر فإنهن يبقين عرضة للأمراض والمعاناة الصحية والتشرد".

وأضافت المتحدثة قائلة "في التشاد مثلا، نسمع من المواطنات السودانيات أن الإساءة والتحرش والاستغلال مواقف يتعرضن لها في كل مكان، حتى داخل مراكز اللجوء والمعسكرات حيث يتواجدن. وفي مصر مثلا، وفي حالة الطفلة "نهلة" ففي ظل وجودها غير القانوني، تظل ولادتها في المستشفى أمرا غير متاح، ويجب الاستعانة بخدمات الأطباء السودانيين هناك المتعاونين مع المنظمات الدولية".

التقطت هذه الصورة في جوبا جنوب السودان يوم 20 يوليو 2023
تمتنع السودانيات عن ولوج المستشفيات الحكومية في بلدان اللجوء خوفا من الترحيلصورة من: Samir Bol/Anadolu Agency/picture alliance

"الحصول على فوطة صحية جعلتني ضحية اعتداء جماعي"
عاشت خديجة رحلة لجوء صعبة بعد ما ألم بمنزل أسرتها من خراب إثر قصف مكثف على حيهم منذ أشهر، وجدت نفسها الناجية الوحيدة. لم تفكر كثيرا ورافقت الجيران الفارين دون أن تسأل عن الوجهة.

بعد رحلة ثلاثة أيام بلياليها، وجدت نفسها لاجئة في ليبيا، لا تحمل وثيقة هوية أو مالا أو رقم هاتف تستغيث بصاحبه حتى، لتصير مشردة في أرض غريبة.

تعرضت الشابة العشرينية للسجن حسب ما حكته لمهاجر نيوز، لكنها تجد أسواره اليوم أرحم بها من التشرد في شوارع مصراتة التي تلفها الميلشيات من كل جانب وتحكم قبضتها عليها. أفلتت من محاولات تحرش كثيرة وكان سلاحها في ذلك الصراخ في الشوارع المظلمة. لم تعتقد أنها ستصير لقمة سائغة بعدما وجدت بيتا يأويها بعد ما يزيد عن أربعة أشهر.

تقول "خرجتُ من منزل السيدة الليبية التي آوتني، بعدما وجدتني في الشارع ذات صباح أرتجف بردا. طلبت منها مالا لأجل شراء فوط صحية، كانت الشمس قد غربت وحل الظلام في أحياء المنطقة. ذهبت مسرعة إلى دكان على بعد شارعين، حصلت على الفوطة الصحية وعدت مسرعة".

اعترض طريقها أربعة شباب ليبيين، بدأوا بالحديث معها بكلمات نابية، ثم تطاولوا عليها باللمس حسب ما روته لمهاجر نيوز، حاولت الإفلات منهم لكنهم بدأوا بالاعتداء عليها بالضرب، أسقطوها أرضا ثم قاموا بتكميم فمها وجرها إلى بناية مهجورة. "اغتصبوني واحدا تلو الآخر، لم توقفهم حالتي الصحية ودورتي الشهرية عن ذلك، كانوا كالوحوش لا يرون إلا الجسد".

لم تستطع خديجة الوصول إلى المنزل إلا بمشقة، كما أنها اختبأت عن أنظار السيدة الليبية التي آوتها من التشرد ليومين، مما استدعى هذه الأخيرة لمحاولة فتح باب الغرفة الخارجية الموجودة في حديقة المنزل لمعرفة ما أصاب ضيفتها. "حينما اكتشفت أني تعرضت للاغتصاب، قالت يجب أن نذهب للمستشفى، لكني لا أملك أي وثيقة، فاضطررت للبقاء دون علاج رغم ما حل بجسدي من جروح وألم"، تقول اللاجئة السودانية.

مخيم لجوء للسودانيين في التشاد التقطت فيه الصورة يوم 5 أكتوبر 2024
النساء المغتصبات يلاحقهن الوصم ويجعلهن يرفضن العودة للسودانصورة من: Sam Mednick/AP

خلال حديثها عن أوضاع النساء اللاجئات، تحدثت سليمة عن حاجيات النساء المرتبطة بصحتهن الجنسية، وعن كونها توازي أهمية الأكل والماء الذي يبقيهن على قيد الحياة. وقالت "المنظمات الدولية تحاول قدر الإمكان مد النساء بهذه المواد المتعلقة بالنظافة الشخصية والأدوية وتوفر لهن الرعاية الصحية، لكن أحيانا يتعذر الوصول للنساء في المناطق التي يسيطر فيها القتال على الأجواء، أو في أماكن لجوئهن".

كما أبرزت المتحدثة أن وزارة الصحة السودانية أيضا تحاول الوصول لأكبر عدد من النساء، خاصة ضحايا العنف الجنسي لكنها لا تتمكن من تغطية كل الأماكن. ونحن نحاول عبر المجهودات غير الرسمية توفير كل ما من شأنه أن يحفظ ما تبقى من كرامة وصحة هذه النساء، اللواتي يلاحقهن الوصم ويجعلهن يرفضن العودة للسودان".

من الاغتصاب.. لا أمان لأي سودانية في الداخل ولا في مناطق النزوح واللجوء!
إن حوادث الاغتصاب في السودان منذ اندلاع الحرب لا تتوقف، وقد ذكرت إسحق حادثة شهدتها إحدى القرى السودانية، اعتدى خلالها مسلحون جماعيا على جميع الممرضات في مركز صحي، وقالت: "النساء المستضعفات في مناطق النزاع يعلمن أنهن هدف للمغتصبين، ويحاولن الاحتماء في البيوت أو في المناطق اللآمنة نسبيا".

وتضيف المتحدثة "أما النساء اللواتي يقدمن خدمات، مثلا في قطاع الصحة أو الشرطيات أو غيرهن، لا يحسبن حساب أنهن هدف فعلي للمتحرشين". "خلال هذه الأوضاع اكتشفنا أن وضع النازحين في السودان على كارثتيتها تظل أفضل بكثير من أوضاع اللاجئين خارج أرضنا، السودانيون خارج حدود بلدنا منسيون، لا أحد يتذكرهم".

مهاجر نيوز

استغلال جنسي للهاربات السودانيات في تشاد