انتقادات لشركات ألمانية بسبب استثمارات في الصين
٢٩ نوفمبر ٢٠١٩في عام 2013 دشنت مجموعة فولكسفاغن الألمانية لصناعة السيارات مصنعا في مدينة أورومكي غرب الصين، كان الكثير من صناع القرار في الشركة على علم بالمخاطر المرتبطة بتلك الخطوة. اختيار عاصمة منطقة شينجيانغ الصينية ذات الحكم الذاتي، كموقع للمصنع، كان يحمل في حد ذاته احتمالات الإضرار بصورة الشركة وسمعتها.
وحينها انتشرت تقارير حقوقية تنتقد اضطهاد الحكومة الصينية للأقليات وانتهاكها الممنهج لحقوق الإنسان. وبالفعل طلبت شركة فولكسفاغن من بكين ضمان توظيف أقلية الإيغور المسلمة وغيرها من الأقليات الأخرى التي تعيش في تلك المنطقة.
بين التجارة وحقوق الانسان
عادت منطقة شينجيانغ لتحتل صدارة الأخبار العالمية، بعدما كشفت وثائق حكومية مُسربة، تفاصيل حول كيفية إدارة الصين لمراكز احتجاز عبر إحكام إقفال الأبواب وفرض رقابة دائمة على المحتجزين، ما يدحض الرواية الرسمية لبكين التي تصف تلك المواقع بـ"بمراكز تدريب". وأظهرت الوثائق التي حصل عليها "الاتحاد الدولي للصحافيين الاستقصائيين" ونشرتها 17 وسيلة إعلامية عبر العالم، النظام الصارم المعتمد في مراكز الاحتجاز في شينجيانغ وتحكمها في تفاصيل حياة المحتجزين حيث يتم فرض رقابة صارمة على حوالي مليون من الإيغور وأقليات أخرى غالبيتهم من المسلمين.
وأثارت هذه التقارير موجة من الإدانات في العواصم الغربية، كما وضعت الشركات الألمانية التي استثمرت في تلك المنطقة تحت ضغط الرأي العام. فيما دعت منظمات حقوق الإنسان مثل هيومن رايتس ووتش الشركات الغربية إلى وقف مشاريعها في شينجيانغ. واعتبرت المنظمة أن تلك الشركات "قامت بوضع نفسها في موقف صعب"، كما يقول ماكس زنغلين، رئيس البرنامج الاقتصادي في معهد ميركاتور للدراسات الصينية، وهو مركز أبحاث مقره في برلين. وأضاف "من الصعب أخلاقيا تبرير القيام بأعمال تجارية في المنطقة"، حسبما نشرته صحيفة "هاندلسبلات" الاقتصادية الألمانية في عددها ليوم (الأربعاء 27 نوفمبر/ تشرين الثاني 2019).
بكين اعتبرت وصف وسائل الإعلام الغربية "مراكز التعليم والتدريب المهني" في الصين بأنها "معسكرات اعتقال" عارٍ من الصحة وأن هدفها هو محاربة الفكر المتشدد ومنع انتشار الإرهاب والتطرّف الديني.
حرج الشركات الألمانية!
وفي رد فعلها على الانتقادات، أكدت فولكسفاغن أنها ليست على علم بأي اضطهاد للأقليات في مصنع سياراتها في شينجيانغ. وقال متحدث باسم الشركة "نفترض أنه لا يوجد موظف يعمل تحت الإكراه". واستطرد أنه سيتم توظيف العمال المؤهلين، بغض النظر عن انتمائهم الديني أو العرقي.
من جهته، أكد مجلس عمال شركة فولكسفاغن (وهو هيئة تدافع عن حقوق ومصالح الموظفين) تلك المعلومات، مؤكدا أن ممثلين عنه يزورون مصنع شينجيانغ بانتظام بما في ذلك زيارة تفقدية هذا العام "في محادثات مع الزملاء ومع ممثلي الإدارة، لم يتلق الوفد أي دليل على العمل تحت الإكراه أو التمييز ضد الأقليات في الشركة".
ولا تتمتع منطقة شينجيانغ، بالمقارنة مع شنغهاي أو بكين، بنفس مستوى التطور الاقتصادي وهو ما دفع الحكومة الصينية لتشجيع الشركات على الاستثمار فيها خلال السنوات الأخيرة. غير أن عددا من المراقبين يرون أن تواجد الشركات الغربية في تلك المنطقة يبدو كورقة توت يسعى من خلالها النظام الشيوعي الصيني إلى إخفاء إجراءاته القمعية ضد الأقليات الدينية والعرقية هناك.
فولكسفاغن تدافع عن نفسها
تبلغ القدرة الانتاجية لمصنع فولكسفاغن في أورومكي حوالي 50 ألف سيارة سنويًا. كما أن 25 في المئة من العاملين في الشركة (من أصل 650) ينتمون للأقليات، وفقا لمتحدث باسم فولكسفاغن. وتسعى الشركة إلى إظهار حسن نيتها بالتزامها بقواعد العمل التي تسري على جميع مصانعها عبر العالم. غير أن المنتقدين يرون أنها استثمرت في منطقة شينجيانغ بضغط من بكين، مقابل فرص استثمارية أفضل في مواقع انتاج صينية أفضل. غير أن الشركة نفت ذلك وأكدت أن "فولكسفاغن اختارت المصنع في أورومكي وفقا لاعتبارات اقتصادية بحتة".
المنظمات الحقوقية من جانبها زادت من ضغوطها، معتبرة أن الأمر يتعلق بأكبر معسكرات اعتقال جماعية لأقلية عرقية دينية منذ الحرب العالمية الثانية. ويقدر الخبراء أن أكثر من مليون شخص محتجزون في شينجيانغ . وتعتبر تلك المنظمات أن الاستثمار في المنطقة يخدم بالدرجة الأولى سياسة الحزب الشيوعي القمعية.
ح.ز/ع.ج.م(أ.ف.ب / د.ب.أ / رويترز)