Media Global Forum
٤ يونيو ٢٠٠٨واصل منتدى دويتشه فيله الإعلامي العالمي أعماله لليوم الثاني، حيث ركز أعماله على العمل الصحفي في المناطق الساخنة وعلى رأسها المناطق الأفريقية والشرق الأوسط. وتركز الحديث عن الشرق الأوسط على كيفية قراءة ما بين السطور، وتمييز الحقائق من الأكاذيب، في ظل خضم المعلومات التي تنشر عن هذه المنطقة من العالم. وتعليقاً على هذه القضية، قال ديفيد فيتستوم، رئيس التحرير في القناة الإسرائيلية التلفزيونية الأولى: "إن الحقيقة هي الضحية الأولى لما يحدث في الشرق الأوسط من صراع. ووسائل الإعلام هي في النهاية جزء من فكر معين، وأنا لا أعتقد أننا كإعلاميين يمكن أن نغير هذا الأمر. خاصة أننا كإسرائيليين نبث أخبار عن مجتمعنا لمجتمعنا نفسه، فنحن جزء من الصراع ولسنا كقنوات أخرى أجنبية مثل سي.ان.ان أو بي بي سي أو دويتشه فيله أو حتى قناة الجزيرة".
وسلط معمر عرابي، من قناة وطن التلفزيونية الفلسطينية من جانبه، الضوء على الصعوبات التي يواجهها الصحفيين الفلسطينيين، نتيجة صعوبة الحركة، في ظل انتشار نقاط التفتيش في كل مكان. ووافقه الرأي ديفيد فيتسوم، الذي أكد أنهم كثيراً ما يعتمدون على الصحفيين المحليين المقيمين في الأراضي الفلسطينية لتغطية الأحداث هناك. وإن كان أضاف أنهم في النهاية يهتمون بشكل أكبر بالمشاكل الداخلية للمجتمع الإسرائيلي، أكثر كثيراً من اهتمامهم بالصراع الفلسطيني الإسرائيلي.
"لا يمكن لمراسل واحد أن يغطي أحداث العالم العربي بأكمله"
وأكد سلامة نعمات، الصحفي والمدير السابق لمكتب جريدة الحياة، على ضرورة توخي الدقة من قبل المراسلين الأجانب العاملين في منطقة الشرق الأوسط، منتقداً اعتماد الكثير من وسائل الإعلام الأجنبية على مراسل واحد لتغطية أحداث الشرق الأوسط والعالم العربي، مما يجعلهم يخلطون الأمور مثل خلطهم بين ما يحدث بين العراقيين والأمريكيين وبين ما يحدث بين الفلسطينيين والإسرائيليين أحياناً على حد قوله. وأضاف أنه من الصعب على مراسل أن يعرف خلفيات ما يحدث في 25 دولةً مختلفة. ووافقه الرأي أحد الحضور العراقيين، مؤكداً أن المراسلين الأجانب كثيراً ما يعتمدون على الصحفيين المحليين، مما يجعلهم عرضة أحياناً إلى رواية القصة من جانب واحد شيعي أو سني، في حالة العراق، حسب الصحفي الذي تعاملوا معه.
"من السذاجة أن نظن أن هناك إعلاماً حراً"
ومن جانها أكدت جاكي سوتون، مديرة المشاريع الإعلامية التابعة للأمم المتحدة في العراق، أن الصحفيين الشباب في الشرق الأوسط مثلهم مثل غيرهم من الصحفيين في كل مكان في العالم، يريدون تحقيق أنفسهم في هذا المجال، وإن كانوا يتميزون بقدر كبير جداً من الشجاعة على حد قولها. وأضافت أن دورهم كمؤسسة تابعة للأمم المتحدة هو توفير الأجواء المناسبة لهؤلاء الإعلاميين الشباب للتعبير عن أنفسهم بحرية وبمهنية، وأيضاً محاولة حمايتهم مما قد يتعرضون له من مخاطر نتيجة هذا التعبير الحر.
لكنها حذرت من المبالغة في تقدير الدور الإعلامي قائلة: "من السذاجة أن نفترض أن هناك إعلام حر، فلا توجد وسائل إعلام حرة في أي مكان في العالم. كل جهة وكل شخص له أجندة سياسية وهدف يريد تحقيقه، حتى في الدول الديمقراطية". ووافقها الرأي فيكتور كوخر من صحفية نويه زيورخه تسايتونج السويسرية، لكنه أضاف أن المهنية الصحفية تحتم الدقة في استخدام الكلمات ووصف الأشياء بأسمائها، وضرب مثلا بالوضع في الشرق الأوسط، منتقدا وسائل الإعلام الإسرائيلية والأجنبية من ناحية، حيث تصف الصراع العسكري مع فلسطينيين بانه حرب على "الإرهاب"، ووسائل الإعلام العربية من ناحية أخرى، حيث تصف تفجير فلسطيني لنفسه في حافلة مدرسية وقتله لعشرات الأطفال بـ"العمل البطولي"، مشيراً إلى ضرورة التعامل مع المعلومات التي يتلقاها الشخص بذكاء وتقييمها.
"الإعلام قد يبني الجسور والبعض قد يختار أن يعبر"
وأثناء المنتدى أيضاً انقسم الحاضرون في عدة ورش عمل، لمناقشة موضوعات أكثر تخصصاً، كان من بينها مثلاً المخاطر التي يتعرض لها الصحفيون في مناطق الصراعات، والإرهاب عبر شبكة الانترنت والصحافة الشعبية ودورها في دعم السلام. وفي هذا الإطار، تحدث كلاس جلينفينكل، من مؤسسة إعلام عبر التعاون والتحول، عن مشروعه الإعلامي في العراق، مؤكداً أن العراقيين كثيراً ما يلجأون إلى البرامج الترفيهية، وينتقدون من خلالها الأوضاع السياسية الحالية. وفي إطار مشروعه هناك، يسعى جلينفينكل إلى فتح قناة للحوار بين الأطراف العراقية المختلفة، مؤكدا ً أن عملهم معاً يساعدهم على نسيان الاختلافات، في ظل الأحداث اليومية والتحضير للبرامج.
ورغم اقتناعه بأن الإعلام لن يغير كل شيء، أكد جون مارك، رئيس شركة البحث عن أرض مشتركة والذي يعمل أيضاً في مشاريع إعلامية تنموية في عدة دول، أن الإعلام في النهاية يساعد على بناء الجسور، وأنه قد يؤثر تأثيراً بسيطاً، لكنه هاماً، خاصة على مستوى الأطفال، حيث يقوم مارك بعدة مشروعات موجهة للأطفال. ووافقه الرأي ميشائيل حلايش، من مؤسسة كالتير كاونتس، مؤكداً أن هناك كماً هائلاً من المشكلات والصراعات في عدة أماكن في العالم، وأن الشخص عليه أن يختار إما أن يحاول القيام بخطوة بسيطة قد تؤثر، أم لا،مؤكداً أنهم يعتمدون في عملهم بشكل عام على البرامج الترفيهية لأنها الأكثر تأثيراً في الجمهور العادي. وهو ما أكدت عليه كوني تسيموش، التي أدارت النقاش، وقالت مختتمة تلك الجلسة: "علينا أن نبني الجسور، والبعض يهدم الجسور، لكن البعض الآخر يختار أن يعبر".