وزراء مالية الاتحاد الأوروبي أمام معضلة تمرير موازنة الاتحاد
لم يتبق أمام جان كلود يونكر، الرئيس الحالي للاتحاد الأوروبي سوى أسبوع واحد لتحقيق تسوية مرضية لمسالة ميزانية الاتحاد الأوروبي لدى الدول الأعضاء. رئيس وزراء لوكسمبورغ ووزير المالية فيها، جان كلود يونكر، سيسعى من خلال إجراء محادثات فردية مع رؤساء حكومات الدول الأوربية إلى إيجاد تسوية بشان الخلاف الحاصل حول ميزانية الاتحاد الأوروبي للفترة ما بين عام 2007 و 2013. وسيقوم وزراء مالية الدول الأوروبية يوم الأحد المقبل الموافق الثاني عشر من يونيو / حزيران في اجتماع ثان بمراجعة الموقف ومناقشة المبالغ المقترحة والممكنة.
وقبيل ذلك طالبت الدول الممولة للاتحاد الأوروبي، من بينها ألمانيا، بتخفيض حجم مساهمتها في ميزانية الاتحاد لتصل الى 1% من الناتج المحلي الاجمالي لدول الاتحاد الاوروبي، في حين تطالب الدول المستفيدة برفعها إلى 1.24%. وكحل وسط اقترح رئيس وزراء لوكسمبورغ نسبة 1.06. وقال الأخير في ظل أزمة التصديق على وثيقة الدستور الأوروبي: "ربما حان الوقت الآن لرؤساء حكومات الدول الأوروبية لبذل مزيد من الجهود وإظهار إرادة أقوى في سبيل حل الخلاف القائم حول الميزانية". وفي هذا الخصوص قال وزير المالية الألماني هانز آيشل: "على الكثير من الدول الأعضاء أظهار قدر من المرونة بشكل واضح وملموس".
بريطانيا تهدد باستخدام "الفيتو"
على صعيد آخر يمارس وزراء المالية الأوروبيون ضغوطاً على بريطانيا بشكل خاص لمطالبتها بتقديم بعض التنازلات بشان ما يعرف "بالخصم البريطاني في الميزانية" الذي كانت رئيسة الوزراء السابقة مارغريت تاتشر قد حصلت عليه عام 1984، والذي تم على ضوءه تخفيف حجم المساهمة البريطانية في ميزانية الاتحاد الأوروبي بشكل كبير نظرا للإمكانيات المتواضعة للاقتصاد البريطاني آنذاك. "تراكم الخصم البريطاني بواقع 7 مليارات يورو سنويا، أمر لا يمكن قبوله"، هذا ما صرح به وزير المالية النمساوي كارل هاينز غراسر. من جهتها هددت بريطانيا باستخدام حق النقض "فيتو" ضد أية محاولة أوروبية تحاول تغيير هذا الواقع. وكان رئيس الوزراء البريطاني صرح في مقابلة صحفية عدم نية بلاده تقديم أي تنازلات في مسألة "الخصم" الذي حصلت عليه بريطانيا منذ 20 عاماً. وأكد على هذا الموقف وزير الخزانة البريطاني غوردون براون خلال لقاء وزراء مالية الاتحاد الأوروبي الذي عقد يوم الثلاثاء الماضي في لوكسمبورغ. وأضاف براون: "سوف نقوم إذا لزم الأمر باستخدام حق النقض "فيتو" للحفاظ على موقفنا".
أما بالنسبة لألمانيا والتي تضخ ما يقارب 7 مليارات يورو سنوياً في خزينة الاتحاد الأوروبي في بروكسل، فكانت قد طالبت على لسان وزير ماليتها هانز آيشل بتخفيف العبء المالي عليها، متسائلا: "كيف لي أن أوضح لدافعي الضرائب الألمان، أننا نحتل المرتبة الرابعة على مستوى الرفاهية، بينما نأتي في المرتبة الثالثة فيما يتعلق بمسألة الدفع. إن هذين الأمرين لا يتوافقان." وأضاف آيشل: "على الآخرين أن يفهموا أننا بحاجة إلى وقت وتفهم لكي نوصل ذلك الى المواطن الألماني، ولكن هذا يتطلب موقفا ومسلكا واضحا لجميع الأطراف في الايام القادمة." ولم ينس آيشل بالطبع الإشارة الى الوضع السيئ للميزانية الألمانية في الوقت الحالي، مما يجعل فكرة زيادة حصة ألمانيا في ميزانية الاتحاد غير واردة على الاطلاق." يذكر أن الميزانية الألمانية تعاني هذا العام فقط من عجز يتراوح بين 10 إلى 12 مليار يورو، مما يعني أن ميزانية ألمانيا ستتجاوز في هذا العام أيضا وللمرة الرابعة على التوالي نسبة العجز المسموح به أوروبيا والذي لا يجوز أن يتخطى 3% من الناتج المحلي الإجمالي.
دعوى قضائية ضد إيطاليا
أكدت أوساط مالية في الاتحاد الأوروبي أنه سيتم مناقشة فرض عقوبات ضد إيطاليا بسبب تجاوز عجز ميزانيتها المتواصل. وكانت المفوضية الأوروبية قد قامت الثلاثاء الماضي في مدينة شتراسبورغ بصياغة تقرير رسمي أولي عن آخر التطورات المتعلقة بالدين الإيطالي الجديد. يشار الى أن أيطاليا تجاوزت في السنتين الماضيتين النسبة المسموح بها (3%) للعجز، كما أنها لن تكون قادرة على الحفاظ عليه هذا العام أو العام القادم.
وقد كان هناك جدل كبير بين إيطاليا والمفوضية الأوروبية حول تقييم الميزانية. ولكن مفوض العملة الأوروبية يواكين ألمونيا قال في السادس من يونيو / حزيران أن الجانبين توصلا الى اتفاق شبه تام بهذا الشأن. ويجري حالياً رفع دعوى قضائية بحق 10 دول أعضاء خالفت أيضا قواعد ميزانية الاتحاد الأوروبي. أما الدعوى التي كانت قد قدمت بحق هولندا، فقد تم إيقافها بعد أن تأكد لوزراء مالية الاتحاد الأوروبي يوم الثلاثاء الماضي أن عجز هولندا المالي قد انخفض بشكل واضح دون نسبة 3 % من إجمالي الناتج المحلي.
وبالرغم من عدم توصل وزراء المالية إلى اتفاق فيما يتعلق بفرض ضريبة على وقود الطائرات أو رسوم إضافية على تذاكر السفر من أجل تمويل صندوق التنمية، إلا أنهم نجحوا في وضع تعليمات أشد صرامة فيما يتعلق بقضية غسيل الأموال.