وزراء الطاقة بالاتحاد الأوروبي يناقشون حظر الغاز الروسي
٢ مايو ٢٠٢٢أبدت ألمانيا اليوم الاثنين (الثاني من مايو/ أيار 2022) استعدادا لدعم فرض الاتحاد الأوروبي حظرا فوريا على النفط الروسي، وهو تحول كبير في موقف أكبر عملاء قطاع الطاقة الروسي من شأنه أن يسمح لأوروبا بفرض مثل هذا الحظر في غضون أيام.
هل تغير الموقف الألماني؟
ولم تشمل العقوبات الدولية بسبب الحرب في أوكرانيا الجزء الأكبر من صادرات الطاقة الروسية، وهي في الغالب أكبر مصدر دخل لموسكو حتى الآن. وتقول كييف إن ذلك يعني أن الدول الأوروبية تمول مجهود الكرملين الحربي وترسل إلى موسكو مئات الملايين من اليورو يوميا.
ويتعرض المستشار الألماني أولاف شولتس، الذي كان أكثر حذرا من الزعماء الغربيين الآخرين في دعم أوكرانيا، لضغوط متزايدة لاتخاذ موقف أكثر حزما. ويأتي جانب من هذه الضغوط من داخل ائتلاف الحزب الديمقراطي الاشتراكي الحاكم.
وقال وزير الاقتصاد الألماني روبرت هابيك للصحفيين قبل محادثاته في بروكسل مع نظرائه في دول الاتحاد الأوروبي "ألمانيا ليست ضد حظر نفطي على روسيا. بالطبع هذا عبء ثقيل، لكننا سنكون مستعدين للقيام بذلك".
وقال وزير المالية كريستيان ليندنر، الذي ينتمي للحزب الديمقراطي الحر المؤيد لقطاع الأعمال، لصحيفة دي فيلت إنه "باستخدام الفحم والنفط، من الممكن التخلي عن الواردات الروسية الآن... لا يمكن استبعاد ارتفاع أسعار الوقود".
كانت ألمانيا قد خفضت بالفعل حصة النفط الروسي في وارداتها إلى 12 بالمئة مقابل 35 بالمئة قبل غزو روسيا لأوكرانيا في 24 فبراير/
شباط، لكنها قالت سابقا إنها بحاجة إلى شهور للتخلص التدريجي من الخام الروسي لتقليل التأثير الاقتصادي في الداخل.
تصاعد الضغوط من أجل بدائل للغاز الروسي
وتعتمد الأجزاء الشرقية من ألمانيا على وجه الخصوص على الوقود من مصفاة مملوكة لشركة النفط الروسية الحكومية روسنفت والتي يخدمها
خط أنابيب "الصداقة" الذي يعود إلى الحقبة السوفيتية ويمتد لآلاف الأميال وصولا إلى حقول النفط في سيبيريا.
من المرجح أن يكون تخلي أوروبا التام عن الغاز الطبيعي الروسي أكثر صعوبة من العثور على مصادر أخرى للنفط. وطالبت روسيا عملاءها
الأوروبيين بدفع ثمن الغاز بالروبل، وهو ما يرفضه الاتحاد الأوروبي. وقطعت موسكو الأسبوع الماضي الإمدادات عن بولندا وبلغاريا. وعقد وزراء الاتحاد الأوروبي اليوم الاثنين في بروكسل اجتماعا خاصا لمناقشة الرد المشترك على قرار روسيا قطع إمدادات الغاز إلى بولندا وبلغاريا، وركزت المحادثات على أفضل السبل لضمان أمن الطاقة لأوروبا، وسط تصاعد الضغط لإيجاد إمدادات بديلة.
وتعهدت رئيسة المفوضية الأوروبية أورزولا فون دير لاين بضمان ألا يكون لقرار روسيا بحجب الإمدادات سوى تأثير ضئيل قدر الإمكان على المستهلكين في أوروبا.
وأوقفت روسيا شحنات الغاز إلى بولندا وبلغاريا يوم الأربعاء، بعد أن رفضت الدولتان قبول خطة جديدة للسداد طلبتها موسكو. وقالت شركة الطاقة الروسية العملاقة جازبروم إن شركة "بي.جي.إن.آي.جي" البولندية وشركة بلجارجاز البلغارية لم تسددا ثمن الغاز لا في الوقت المحدد ولا بعملة الروبل كما طلبت روسيا.
ومن ناحيتهما، أكدت صوفيا ووارسو الوفاء من جانبهما بجميع الالتزامات التعاقدية. ومنذ أن أوقفت روسيا الإمدادات، تتلقى بولندا وبلغاريا الغاز من جيرانهما، وفقا للمفوضية الأوروبية.
ووصف العديد من قادة الاتحاد الأوروبي قرار روسيا بأنه "ابتزاز"، بعد فرض أوروبا عقوبات اقتصادية واسعة النطاق ضد موسكو بسبب غزو أوكرانيا.
وطبق الاتحاد الأوروبي، الذي يضم 27 دولة، بالفعل حظراً على واردات الفحم الروسية، لكن من الصعب استبدال إمدادات النفط والغاز، وهناك مناقشات جارية بشأن المزيد من العقوبات.
انقسام في المواقف حول حظر واردات النفط الروسية
من جانبها، أكدت وزيرة الخارجية الألمانية أنالينا بيربوك تأييد بلادها لحظر واردات النفط الروسية.
وقالت الوزيرة في تصريحات لشبكة "إيه آر دي" الألمانية الإعلامية إن هناك "استعداداً" الآن لخوض سنوات عديدة دون النفط الروسي، مشيرة إلى عقود توريد جديدة، موضحة أنه قبل أسابيع قليلة ما كان من الممكن تحمل عواقب وقف فوري لواردات النفط الروسي.
وقال وزير الاقتصاد والعمل المناخي الألماني روبرت هابيك إن بلاده مستعدة لدعم فرض حظر على النفط الروسي، لكن يجب التحضير لذلك جيداً، كما يتعين الأخذ في الاعتبار اعتماد دول الاتحاد الأوروبي الأخرى على الإمدادات الروسية.
وأضاف هابيك للصحفيين قبل اجتماع للاتحاد الأوروبي بشأن الطاقة "الموقف الألماني هو أننا بحاجة إلى التحضير جيدا للخطوات وألا يؤدي ذلك إلى وضع اقتصادي لا يمكن السيطرة عليه. لقد أحرزت ألمانيا تقدما كبيراً في مجال الفحم والنفط وهي في طريقها لفعل الشيء نفسه بالنسبة للغاز. تحتاج الدول الأخرى إلى مزيد من الوقت".
وتراجعت حصة النفط الروسي من النفط المستهلك في ألمانيا من 35 إلى 12% في غضون أسابيع قليلة منذ بدء الحرب الروسية ضد أوكرانيا، حسبما جاء في التقرير المرحلي الجديد للحكومة الألمانية بشأن أمن الطاقة. وبتأييد ألمانيا لحظر النفط، يتزايد الضغط على الدول الأعضاء المتبقية في الاتحاد الأوروبي، التي لا تزال ممانعة لهذه الخطوة.
فيما قال وزير الطاقة النمساوي، ليونور جيفسلر، في بروكسل اليوم إن بلاده مستعدة لفرض الاتحاد الأوروبي حظر على واردات النفط الروسية بموجب حزمة أخيرة من العقوبات قيد الدراسة.
وقال جيفسلر في اجتماع وزراء الطاقة بالاتحاد الأوروبي، إن "النمسا مستعدة لتحمل عواقب حظر الاتحاد الأوروبي للنفط الروسي في حال قررت المفوضية الأوروبية والدول الأعضاء ذلك".
وأضاف جيفسلر، الذي كان متشككاً من قبل بشأن العقوبات المفروضة على الطاقة الروسية، أنه من المهم أن يتخذ الاتحاد الأوروبي القرارات المتعلقة بالعقوبات بصورة جماعية.
لكن المجر ترفض حظر استيراد النفط والغاز الروسي. وبحسب دبلوماسيين ، يعتزم فيكتور أوربان ، رئيس الحكومة ، الذي أعيد انتخابه في أوائل أبريل/نيسان ، مناقشة القضية في قمة الاتحاد الأوروبي في بروكسل في نهاية مايو/ايار.
وتتطلب جميع العقوبات قراراً بالإجماع من قبل الدول الأعضاء.
كما حذرت دول أخرى في الاتحاد من عواقب وخيمة للقرار. ووفقًا لمصادر فإن دولاً مثل إسبانيا والبرتغال وإيطاليا واليونان ترى أن القرار من شأنه أن يتسبب في ارتفاع أسعار الوقود بشكل كبير. وتسعى هذه الدول إلى فترة انتقالية أطول لإيجاد بدائل للنفط الروسي.
اليورو أو الدولار فقط مقابل عقود الغاز الروسي
بدورها، قالت وزيرة الطاقة والبيئة الفرنسية باربرا بومبيلي اليوم إن دول الاتحاد الأوروبي ستواصل الدفع باليورو أو الدولار مقابل عقود الغاز الروسي الموقعة بتلك العملات.
وأضافت بومبيلي في بروكسل خلال اجتماع طارئ لوزراء الطاقة في دول الاتحاد الأوروبي "كلنا متفقون على أننا سنواصل الدفع باليورو ولن نسمح بتغيير العقود من طرف واحد".
ومن المتوقع أن تختتم المفوضية الأوربية العمل في الحزمة السادسة من العقوبات على روسيا بسبب غزوها لأوكرانيا، والتي ستشمل حظر شراء النفط الروسي الذي تمثل صادراته مصدراً كبيراً لعائدات موسكو.
ع.ح./ص.ش. (د ب أ، رويترز، ا ف ب)