وجهة نظر: "لا تغيير كبيرا في سياسة اللجوء الأوروبية"
٢٤ أبريل ٢٠١٥مراسم حزن جنائزية في مالطا، ودقيقة صمت لرؤساء الدول والحكومات في بروكسل في قمتهم الاستثنائية (الخميس 23 أبريل/ نيسان)، حداداً على أرواح مئات اللاجئين الذين غرقوا في الأيام القليلة الماضية قبالة سواحل ليبيا. وعلى عكس العديد من الدول الإفريقية، يحاول الاتحاد الأوروبي على الأقل أن يكون أكثر عدالة تجاه مسؤوليته في أزمة غرق اللاجئين في البحر المتوسط؛ فقرر زيادة الإنفاق ثلاثة أضعاف على وكالة تأمين حدود الاتحاد الأوروبي "فرونتكس" من أجل تعزيز حماية سواحل إيطاليا ومالطا والعمل بفعالية أكبر في البحث عن ركاب السفن التي غرقت وإمكانية إنقاذهم. هذا هو القرار الوحيد الملموس للاجتماع الأوروبي في بروكسل، الذي من المستغرب أنه استغرق ذلك الوقت الطويل. هذه القمة لم تكن كافية لإحداث تحوّل واضح في السياسة الأوروبية تجاه اللاجئين، رغم الأحداث المأساوية التي يشهدها البحر المتوسط.
الاتحاد الأوروبي يريد حفظ ماء وجهه
تختلف مصالح أعضاء الاتحاد الأوروبي من دولة إلى أخرى اختلافا كبيرا جداً. وبالتالي لم يأتِ قرار زعماء الاتحاد الأوروبي في تعزيز نشاط عملية "تريتون" الإنقاذية، التي يتولاها خفر السواحل الأوروبي، إلا نتيجة لضغوطات الرأي العام. وذلك لأن زعماء الاتحاد لا يريدون الظهور بشكل غير إنساني. فالمستشارة الألمانية أنغيلا ميركل قلقة أيضا على القيم الأساسية للاتحاد الأوروبي وحقوق الإنسان الموضوعة على المحك في هذا السياق. وألمانيا وبلجيكا وبريطانيا وغيرها ترسل المزيد من السفن والعاملين لمنع وقوع أسوأ الكوارث على الأقل.
ولكن لم يتم توسيع مهمة "تريتون" بشكل واضح. وهنا يبقى التساؤل عما إذا كان بمقدور خفر السواحل الأوروبي "فرونتكس" بالتعاون مع القوات البحرية الإيطالية العثور فعلا على جميع من غرقت سفنهم. إن المسألة هنا لا تتعلق فقط بالفقراء الذين يركبون قوارب الموت رغم المخاطر، وإنما تتعلق أيضا بحفظ ماء وجه الاتحاد الأوروبي. وها هي دول الاتحاد الأوروبي توفر تسعة ملايين يورو شهريا لعملية "تريتون" الإنقاذية.
لكن هذا هو مستوى التكاليف المالية التي كانت مخصصة أيضا لمهمة الإنقاذ الإيطالية المنتهية "مارِ نوستروم" (بحرُنا). ومن حيث الجوهر فإن هذا ما هو إلا استعادة للحالة السابقة من جديد مع الاعتراف بأن إنهاء مهمة "بحرنا" الإنقاذية كانت خطوة خاطئة. لكن وللحقيقة أيضا فإن إيطاليا لم توقف مهمة "بحرنا" الإنقاذية في الخريف الماضي بسبب التكلفة المالية فحسب، وإنما وبشكل رئيسي بسبب وزير الداخلية الإيطالي اليميني الشعبوي أنجيلينو ألفانو، الذي لم يكن يرغب في استضافة اللاجئين، الذين تم إنقاذهم، داخل الأراضي الإيطالية.
المشكلة الحاسمة لم تحل
قمة بروكسل الاستثنائية لم تحل المشكلة الحاسمة المتمثلة في: ماذا يُفعل باللاجئين وطالبي اللجوء والمهاجرين لأسباب اقتصادية؟ ولم يتوصل أعضاء الاتحاد الأوروبي إلى اتفاق حول نسب التوزيع. كما تتواصل منذ سنوات وحتى الآن عملية إعادة النظر في إصلاح "اتفاقية دبلن"، التي تلزم البلد، الذي يدخله اللاجئ لأول مرة برعاية هذا اللاجئ. ومثلما الحال منذ سنوات لن يحدث الكثير. وقد حدد بوضوح رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون خطا صارما تشاركه فيه بلدان أخرى أيضا. فكاميرون يريد بالفعل إنقاذ اللاجئين بواسطة السفن البريطانية، ولكنه ليس مستعدا لاستضافة أي واحد منهم على أراضي المملكة المتحدة، وإنما إنزالهم فورا على الأراضي الإيطالية.
وما يريد الاتحاد الأوروبي محاولته والنظر فيه حاليا هو تحديد قوارب التهريب بطريقة أو بأخرى قبل ركوب اللاجئين فيها وتدميرها بواسطة غارات جوية. ويبدو أن هذه المسألة تتجه إلى طريق مسدود لوجود العديد من العراقيل القانونية والعملية. وفي هذا السياق تبقى فكرة وجود قوة عسكرية للاتحاد الأوروبي في بلد العبور الرئيسي، ليبيا، خارج النقاش.
إلزام بلدان العبور بمسؤولياتها
لم يقرر رؤساء الدول والحكومات الأوروبية بعد القنوات القانونية التي قد يقرها الاتحاد في بلدانه لمنع عصابات تهريب البشر من اللجوء إلى نموذج التهريب التجاري هذا. ويبدو أنه ربما سيتواصل نقاش ذلك في كثير من القمم المقبلة. ومن المقرر بالفعل عقد قمة استثنائية مقبلة، وهذه المرة في مالطا مع دول إفريقية ودول شرق أوسطية ينحدر منها اللاجئون وكذلك مع دول عبور اللاجئين. إذ يجب فعلا العمل المشترك مع هذه البلدان وعدم إعفائها من مسؤولياتها.