ظهرت قوات الجيش العراقي في مواجهاتها لتهديدات تنظيم "الدولة الإسلامية" الإرهابي بوجه غير مشرف. فعندما هاجم الجهاديون مدينة الرمادي قبل وقت قصير، كان الأمر بالنسبة لهم عبارة عن نزهة محفوفة ببعض المغامرة فقط، كما لم يواجهوا أية مقاومة أثناء دخول المدينة. ورغم أن مهمة الدفاع تقع على عاتق الجيش العراقي، فقد فضل الجنود والقيادات العسكرية في المدينة الهرب، تاركين المدينة أمام مصيرها المحتوم، ويعني ذلك موت المئات من السكان. في الرمادي أيضا لجأت مليشيات تنظيم "الدولة الإسلامية" إلى الاستمرار في نهجها والذي يتجلى في هدر الدماء وترهيب المواطنين.
مليشيات شيعية بديلة للجيش النظامي؟
بعد فرار الجيش الحكومي من الرمادي تعول حكومة بغداد على بدائل عسكرية لمواجهة الإرهابيين. وتتشكل تلك البدائل من ميليشيات شيعية، تنتمي إلى عدد من الجماعات مثل كتائب "حزب الله" اللبناني، و"عصائب أهل الحق" ومنظمة "بدر"، وهي جماعات لها علاقات جيدة مع إيران. فقائد منظمة "بدر" هادي العامري، كان خلال الحرب العراقية الإيرانية بين 1980و1988 إلى جانب طهران. وفي الوقت الحالي يشغل منصب عضو مجلس النواب العراقي. منذ ظهور تنظيم "الدولة الإسلامية"، تم اعتبار العامري كأحد القياديين العراقيين الأكثر مهابة وبالتالي الأعلى مكانة بين زعماء الميليشيات. ويعود الطلب الكبير على خدمات العاميري إلى قدرة وصول قواته إلى مقاتلي "الدولة الإسلامية" ومواجهتهم. في الأشهر الأخيرة برهن العاميري على فعالية قواته، ولذلك يُنتظر منه الآن أن يستعيد مدينة الرمادي.
مخاوف السنة من هيمنة الشيعة
قد تكون نجاعة منظمة "بدر" أحد الأسباب في ضعف الروح القتالية داخل الجيش العراقي النظامي. وقد يفكر الجنود النظاميون السنة في مدى استفادتهم من محاربة "الدولة الإسلامية"ً، بسبب احتمال هيمنة الشيعة على أمور البلاد بعد طرد مقاتلي التنظيم الإرهابي. وكان للسنة تجربة بهذا الشأن خلال السنوات الأخيرة من فترة حكم رئيس الوزراء العراقي الشيعي نوري المالكي، الذي عمل على تهميش العراقيين السنة، لدرجة أن الكثيرين منهم انضموا نهاية الأمر لتنظيم "الدولة الإسلامية". فنسبة عدد العراقيين السنة داخل التنظيم الإرهابي تصل إلى حوالي 90 بالمائة. وعلى ما يبدو تتم محاربة شيطان التطرف الشيعي بواسطة رئيس الشياطين. فالأحداث أظهرت أن الجنود السنة لم يبرهنوا على روح قتالية عالية.
دعاة الكراهية باسم الدين
في العراق تم استغلال الدين مرارا وتكراراً بشكل سيء فباسم الدين يتم تحريض العراقيين على أعمال العنف، فيقاتلون بعضهم بعضا بشكل فضيع. في ببلد عاش دماراً كبيراً، يبقى الدين طبعا الملاذ الأخير للناس، غير أنه يجب على المرء أيضا أن يتساءل، كيف ينجح دعاة الكراهية من الجانبين الشيعي والسني في تحريض الناس ضد بعضهم البعض بكل هذه السهولة؟. ومن الواضح أن العراقيين السنة والشيعة يملكون قدرات كبيرة للتعبئة.
.
عندما يرى الإنسان كيف يطلق عدد كبير من العراقيين شيعة وسنة دعوات للذبح والقتل باسم العقيدة، فإن السؤال الذي يتبادر للذهن هومدى تأثير التقاليد العتيقة التي لم تفلح في تقديم نموذج أفضل في لعبة الصراع الدائر في الحاضر. قد يصبح الدين قابلا للإستغلال بشكل سيء خصوصاً في دول مثل العراق والتي يحكمها منذ عقود محبطين وفاقدي الأمل في الوجود والطبيعة والبشر. ورغم ذلك يجب التساؤل: هل كان علماء الدين والدعاة دائما على صواب؟ وهل تصرفوا على نحو صحيح ؟