عقب الاعتداء على كنيستين قبطيتين تشهد مصر موجة تضامن مثيرة للاهتمام: مسلمون يعلنون عن تضامنهم مع الأقلية المسيحية، ويؤكدون عبر تويتر وفيسبوك على وحدة البلاد ويتبرعون بالدم لضحايا الإرهاب المسيحيين. والرسالة هي في آن واحد مطمئنة وواضحة: نحن جميعا مصريون! لا نسمح ببث الفرقة بيننا بالتحريض والعنف.
ومصر هذه تستحق تضامننا! لأنه ليس في استطاعة المصريين تقديم جواب أفضل من هذا على الإرهاب. فحسابات الإرهابيين تهدف تحديدا إلى زرع إسفين بين المسلمين والمسيحيين وزعزعة المجتمع المصري من الداخل. والتضامن الذي يعيشه الآن مسيحيو مصر من قبل الطرف المسلم بعد الاعتداءين يُعتبر بالتالي إشارة مهمة في اتجاه الناشطين والمتعاطفين مع تنظيم "داعش" الذي تحمل بفخر مقزز مسؤولية الاعتدائين: هنا يتموقع مسلمون يقولون بوضوح: الإرهاب ضد أناس يدينون بمعتقد آخر ليس له البتة علاقة بديننا!
السيسي وواجب التحرك برزانة
والآن جاء دور السياسة. الرئيس عبد الفتاح السيسي فرض حالة طوارئ تستمر ثلاثة أشهر، وأعلن عن إجراءات أمنية مشددة. مسيحيو مصر يحتاجون بإلحاح لهذه الحماية. ولا يبقى لهم خيار آخر سوى وضع أمنهم الذاتي بين يدي الحكومة والتعاون معها، حتى ولو أنهم يصبحون من خلال ذلك أكثر استهدافا من قبل إسلامويين متطرفين، يرون في الأقباط خدما لنظام السيسي المكروه من قبل هؤلاء المتطرفين.
لكن الحكومة لم تنجح إلى حد الآن في حماية المسيحيين ووقف قتل الأقباط وتهجيرهم من شبه جزيرة سيناء. هنا يجب على السيسي أن يقوم بما هو أكثر حتى ولو بالوسائل العسكرية. لكنه يجب عليه التحرك برزانة. فالعمل بإجراءات مشددة أكثر ضد منتقدي الحكومة والمعارضين، لاسيما ارتكاب خروقات إضافية لحقوق الإنسان سيكون خطيرا. فذلك من شأنه تقسيم المجتمع ووضع المسيحيين إزاء مخاطر أكبر.