وجهة نظر: ميركل.. حاكمة من عالم آخر
٢ أكتوبر ٢٠٢٢شاركت المستشارة الألمانية السابقة أنغيلا ميركل في مناسبتين علنيتين خلال الأسبوع الماضي. ففي مؤسسة هيلموت كول، التقت بالزعيم الجديد لحزب الاتحاد المسيحي الديمقراطي، فريدريش ميرتس، الذي كانت علاقتها به سيئة جدا. وفي غوسلار ألقت خطابا بمناسبة الذكرى 1100 لتأسيس المدينة. كل هذا لا يبدو مميزا. كما أنها لم تقل شيئا مهما حقا. المرأة التي طالما كان يحترمها الكثيرون ويرون فيها منقذة للعالم الغربي الحر، خاصة خلال فترة حكم دونالد ترامب.
هل من شيء آخر؟ أعلنت ميركل مؤخرا أنها بصدد نشر مذكراتها في خريف 2024. ولكن في الحقيقة هناك الكثير من الهدوء حول المرأة التي حكمت ألمانيا لمدة 16 عاما. وتلك الحقبة لم يمر على نهايتها وقت طويل.
لا أحد يطلب النصيحة من المستشارة السابقة
بالطبع، يعود ذلك بالدرجة الأولى إلى ميركل نفسها التي طبقت ما أعلنته بأنها ستبتعد عن الظهور العلني. ولكن كثرة الأحداث التي حصلت خلال الاثني عشر شهرا التي مضت منذ الانتخابات البرلمانية الاتحادية، جعلت الأمر يبدو كما لو أن سنوات ضوئية قد مرت منذ أن غادرت ميركل مكتب المستشارية.
نادراً ما يطلب أحدٌ من ميركل نصيحتها أو تقييمها للوضع العالمي الحالي المخيف، لأن هناك انطباعا يتكرس بأنها تركت خليفتها أولاف شولتس من الحزب الاشتراكي الديمقراطي وائتلاف "إشارات المرور" في حالة من الفوضى. فلأكثر من عقد ونصف لم تفعل ميركل شيئا للتخلص من اعتماد ألمانيا على روسيا في مجال الطاقة. كما أنها تأخرت كثيرا في مجال رقمنة البلاد. ولم تنفق على تطوير البنية التحتية والمرافق العامة. وفي عام 2015 رحبت بكرم كبير بأعداد كبيرة من اللاجئين، معظمهم من سوريا، ولكنها لم تعد تهتم بتفاصيل هجرة منظمة إلى ألمانيا.
نهج ميركل: رجاء بدون مطالب لا يطيقها الشعب
وهذا هو سبب اختلاف النظرة إلى ميركل اليوم عما كانت عليه قبل عام - وهذا ينطبق على أولئك الموجودين في الحكومة اليوم، ولكن أيضا على حزبها، حزب الاتحاد المسيحي الديمقراطي. فقليلون مازالوا يمتدحون رباطة جأشها وتواضعها وواقعيتها. لا يتم بالضرورة تحميل ميركل مسؤولية قرارات سياسية خاطئة، ولكن تُلام على ما لم تتخذه من قرارات.
إنه من الرخيص أن يتم اتهامها بأنها أساءت تقييم الرئيس الروسي فلاديمير بوتين وأنها قللت من خطره. لأن كل السياسيين الغربيين تقريبا فعلوا ذلك. لكن ما يمكن أن تُلام عليه هو موقفها السياسي المتمثل في رأيها بأن الألمان لا يتحملون القرارات الصعبة. لقد انتهت هذه الأوقات التي كانت فيها مثل هذه السياسة ممكنة.
سياسة ميركل: لست شجاعة بما فيه الكفاية
في خطابها خلال افتتاح مؤسسة هيلموت كول في برلين قبل أسبوع، قالت ميركل إنه يجب أخذ كلام الرئيس الروسي بوتين على محمل الجد. لا يبدو أن هناك أحداً لا يقدر الخطر القادم من حاكم الكرملين المتحمس للحرب، ولا يأخذه على محمل الجد. لكن ما الذي يجب أن يناقشه السياسيون معه بالضبط، في وقت أعلن فيه بوتين التعبئة العامة في بلاده؟
ربما كان الحكم التاريخي على ميركل سيكون أكثر رحمة إذا تمكن الغرب وألمانيا، من تجاوز أخطر أزمة منذ الحرب العالمية الثانية. لقد غيرت الأشهر القليلة التي مرت، منذ مغادرة ميركل منصب المستشارية، البلاد بشكل كبير. شكوك عميقة بشأن المستقبل تسود سواء في المجتمع أو على الصعيد الاقتصادي. هذا ليس خطأ ميركل. ولكنه يُظهر ما كان يمكن أن تنجزه بشجاعة أكبر خلال 16 عاما قضتها في السلطة.
يينس توراو