وجهة نظر: صمت عن جريمة عنصرية وجلبة حول لحم الخنزير
٢٦ يوليو ٢٠١٩في لايبزيغ هذا الأسبوع، كان "الغرب المسيحي" يقف على حافة الانهيار. هذا ما بدا على كل حال. فبعد إعلان حضانتين للأطفال في ألمانيا عن منع لحم الخنزير والدببة الصمغية، مراعاةً لطفلين مسلمين. سارعت صحيفة "بيلد" الألمانية الشعبية واسعة الانتشار في ألمانيا إلى تناول الخبر في صفحتها الأولى. وبعد ساعات قليلة، أصبحت الحضانتين في ولاية سكسونيا-أنهالت تحت حماية الشرطة.
من جهة أخرى تصاعدت موجة الغضب والكراهية على شبكة الإنترنيت. وأصبح الغرب وقيمه المتمثلة في الديمقراطية والحرية جميعها مهددة بالانقراض، واللوم هنا يقع على الإسلام. فمثل هذه الموضوعات التي تُتداول على مواقع التواصل الاجتماعي "غير الاجتماعية" تلقى في مثل هذه المناسبات انتشاراً كبيراً. "لحم الخنزير" موضوع لاقى تفاعلاً كبيراً على شبكة الإنترنيت.
ربما أذكى كلمة قيلت خلال هذا النقاش جاءت من رئيس المجلس المركزي لليهود في ألمانيا. وقال جوزيف شوستر: "آخر شيء نحتاجه هو الكراهية ضد الأقليات لمجرد أن مؤسسة ما تأخذ الطعام بعين الاعتبار". لكنه ترك الكلام مفتوحاً حول ما إن كان يقصد بكلامه شبكة الإنترنيت أو حتى وسائل الإعلام، وربما السياسيين الألمان أيضاً. نعم، يؤكد شوستر: "إن حظر لحم الخنزير مبالغ فيه"، وبهذا قد تناول النقطة الأهم في النقاش. لكنه ينتقد بالأخص "الجدل المحموم" داعياً إلى المزيد من التعقل والهدوء".
الغضب بدلاً من التعاطف
يتغير المشهد إلى مشهد آخر. في إحدى البلدات الواقعة في ولاية هيسن، قام رجل ألماني مسلح هذا الأسبوع بإطلاق النار من سيارته التي كان يقودها، على شاب إريتيري. لم يكن يعرفه. نجا الأب البالغ من العمر 26 عامأ بفضل المساعدة التي قُدمت له على الفور. لكنه عمل فظيع. لأنه يرمز إلى الكراهية و العنصرية الخالصة والعنف المظلم. كما يحيل هذا العمل الإجرامي الذي يوقظ المخاوف من خلال طريقة تنفيذه إلى بعض الجرائم المشابهة التي شهدتها الولايات المتحدة الأمريكية.
ماذا عن صوت السياسة؟ لقد استغرق الأمر وقتاً طويلاً حتى ارتفعت الأصوات المنددة بمحاولة القتل هذه. بعض السياسيين الذين ساهموا في غليان موضوع "لحم الخنزير" أو "الدببة الصمغية" لا زالوا صامتين. لا ليس فقط ممثلي حزب البديل من أجل ألمانيا اليميني الشعبوي فقط.
وماذا عن مواقع التواصل الاجتماعي؟ لا شيء مقارنة مع إعصار لايبزيغ الذي سببه حظر لحم الخنزير. الكراهية والسخط تحولت إلى موضة في ألمانيا، بدل التعاطف والالتزام بالحقوق الأساسية.
وهذا ليس بالأمر الجيد للبلاد وشعبها. بعد الطلقات القاتلة التي تسببت في مقتل فالتر لوبكه من حزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي، والذي كان ضحية متطرف يميني في أوائل يونيو/ حزيران، كان سياسيون كبار ومن بينهم أيضاً الرئيس الألماني (فرانك فالتر شتاينماير) إلى اليقظة والحزم. وغالباً ما تتردد نبرة القلق في الخطب السياسية حول الديموقراطية وما كان يُطلق عليه بـ "السلم الاجتماعي".
معظم الكراهية والعداء العنصري ينطلق من شبكة الإنترنيت. ومن الجيد أن السلطة القضائية أضحت أكثر تفاعلاً على مدى عدد من الأسابيع مع مثل هذه المحتويات وليس فقط في قضايا منعزلة. موقعي فيسبوك وتويتر لا يقومان بما يكفي (من التدابير للتصدي لذلك)، لذلك يتعين على السياسة الألمانية والأوروبية الاستمرار في الضغط.
الحذر مطلوب
حادثة فيشترسباخ تُظهر أن الكراهية تنتقل من شبكة الإنترنيت إلى الواقع. الشخص المسلح، الذي حاول قتل الرجل ذو البشرة السوداء كان قد أعلن في السابق عن هذا العمل في حانة محلية. ولكن لم يتوقف أحد عند ما قاله أو ينتبه له، أو يتفاعل بالتحذير من تصريحاته. وهذه أيضاً تعد مأساة بحد ذاتها.
لكل فعل مقلدون. كل فعل يحتاج إلى عامل مسبب. لهذا السبب جوزيف شوستر محق في قوله بأن ألمانيا ليست بحاجة إلى "الكراهية ضد الأقليات". في كثير من الأحيان، يبدو أنه لم نصل بعد إلى تهديد السلم الاجتماعي.
لكن من ناحية أخرى، بإمكان كل فرد فعل الكثير ضد الكراهية، من خلال التبليغ أو الإشارة إلى الحالات ذات الطابع الإجرامي على الإنترنت، والمشاركة في المظاهرات التي تعزز كرامة الإنسان والديمقراطية، و التي تناهض أعداء الديمقراطية والمساواة بين جميع الناس.
"Arsch hoch" (المقصود هنا انهض أو تحرّك) كان اسماً لإحدى الحملات ضد كراهية الأجانب قبل 25 عاماً في ألمانيا. أسباب قيام هذه الحملة عادت من جديد أو أنها لا تزال قائمة.
كريستوف شتراك