وجهة نظر: شركات ألمانية تتَرَبَّحُ أيضاً من الموت في اليمن
٦ ديسمبر ٢٠١٨منذ ثلاث سنوات وثمانية شهور، تعمل أغنى بللد في شبه الجزيرة العربية على تخريب أفقر بلد في المنطقة. وَتدَخُّل العربيةِ السعودية والتحالف الذي أقامته الرياض في نزاع السلطة الداخلي في اليمن لم يقرب البلاد متراً واحداً من حل سلمي. لكنه تسبب في أكبر كارثة إنسانية في العالم. ومنذ تدخل التحالف السعودي في هذه الحرب في 2015، توفي حسب معطيات منظمة الإغاثة "انقذوا الأطفال" 85 ألف طفل بسبب سوء التغذية، ونحو60 ألف شخص ماتو مباشرة بقوة السلاح.
مقتل خاشقجي كنقطة تحول؟
ومن المفارقات، أن تكون هناك حاجة للقتل المروع للصحفي جمال خاشقجي في القنصلية السعودية بإسطنبول لإثارة موضوع آلام الملايين وعشرات الآلاف من الموتى أخيرا في اليمن. ومشاركة الغرب. فهو يحافظ بصادرات أسلحة بالمليارات على سير آلة الحرب السعودية.
وحتى ألمانيا ساهمت هي الأخرى طويلا واكتسبت الأموال أيضا، رغم أن بعض السياسيين الألمان يتجملون بالمراقبة المتشددة المفترضة لصادرات الأسلحة، ورغم ما يُزعم أنه لا يتم مبدئيا التصدير إلى مناطق التوتر، ورغم أن اتفاقية الائتلاف الحكومي تمنع صادرات العتاد الحربي إلى دول مشاركة مباشرة في حرب اليمن.
وانطلاقا من تأثير مقتل خاشقجي قررت الحكومة الألمانية وقفا مؤقتاً لصادرات الأسلحة الألمانية إلى العربية السعودية. لكن من الآن تُطرح رهانات حول متى ستنتهي فترة الخجل، وتصل أسلحة ألمانية من جديد إلى مملكة النفط. والشركات الألمانية مثل شركة الأسلحة الألمانية الكبيرة "راينميتال" تستغل الثغرات في قوانين مراقبة الأسلحة وقواعد الاقتصاد الخارجي.
فمن خلال شركات صغرى توصل تلك الشركات تصدير الأسلحة والذخيرة إلى الرياض وتساعد بذلك في استمرار الحرب. والفضيحة لا تتمثل فقط في أن راينميتال مثلا تشارك في القتل في اليمن من أجل عائدات أصحاب أسهمها، وإنما الفضيحة هي أيضا أنه لحد الآن لم تظهر محاولة لسد الثغرات في القوانين.
أكاذيب ألمانية
ومن الحقائق أيضا أن ألمانيا كمصدر أسلحة للعربية السعودية، تعد أكثر أهمية حسب ما توحي به الأرقام، بالمقارنة مع الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا، لأن العتاد الكبير مثل الطائرات المقاتلة يتم بناؤها غالبا داخل المجموعة الأوروبية. وإذا زودت بريطانيا سلاح الجو السعودي بعشرات مقاتلات من طراز يوروفايتر، فإن نحو 30 في المائة من هذه الصفقة، تكون عبارة عن تجهيزات ألمانية، مثل المدافع المركبة على الطائرة. وهذه التجهيزات لا تحتاج إلى ترخيص ـ وهي لا تظهر في تقرير صادرات الأسلحة كصادرات إلى الرياض.
لقد حان الوقت للتوقف عن بعض الأكاذيب: قوانين تصدير الأسلحة الألمانية صارمة في الحقيقة، لكن يتم تطبيقها فقط عندما تبدو ملائمة من الناحية السياسية. وما يُسمى "التزامات الاستخدام الأخير"، التي يلتزم بموجبها المشترون بعدم تحويل الأسلحة إلى جهة ثالثة، لا تستحق حتى الورق الذي كُتبت عليه. ففي الأسبوع الماضي فقط كشفت تحريات "دويتشه فيله" أنه باستخدام هذه الالتزامات يتم تحويل هذه الأسلحة المصدرة إلى العربية السعودية أو المنتجة بترخيص من الرياض إلى ميليشيات مختلفة في اليمن. وإذا تم تعليل صادرات الأسلحة إلى العربية السعودية بضرورة تقوية "مرسى الاستقرار في المنطقة"، فيجب هنا إثارة الشكوك.
تدمير اليمن ومحاصرة قطر في السنة الماضية واختطاف رئيس الوزراء اللبناني الحريري ونشر الوهابية الرجعية منذ عقود تبين أن العربية السعودية غنية بشكل غير محدود وبإمكانها شراء التأثير. لكنها ليست بالتأكيد "مرسى استقرار". وصفقات الأسلحة مع هذا "الشريك" ليست في محلها ـ ويجب حظرها بشكل حازم، وعلى مستوى أوروبا كلها.
ماتياس فون هاين