وجهة نظر: سقوط عفرين نكسة للكفاح من أجل شرق أوسط أفضل
١٦ مارس ٢٠١٨حاصرت القوات التركية مدينة عفرين الكردية في شمال سوريا. وبعد شهرين من بدء عملية "غصن الزيتون"، فإن سقوط المدينة والمنطقة التي تحمل نفس الاسم هو فقط مسألة وقت. وعندما تبدأ القوات البرية التركية في الاستيلاء على المدينة عبر القتال في الشوارع، فستكون هناك أيام وربما أسابيع دامية قادمة. لأن أكثر من 100 ألف نسمة من أهالي عفرين، ومعظمهم من المدنيين الأكراد، ليسوا مستعدين لمغادرة بلدتهم عبر الممر الأخير من ناحية حلب، والذي يربط عفرين بالعالم الخارجي.
الأكراد يعتمدون على أنفسهم فقط
وحدات حماية الشعب الكردية (YPG) تقف بمفردها في الحرب ضد ثاني أكبر جيش في حلف الناتو. ورغم أن الجيش السوري النظامي قد أعلن بعد بداية الهجوم التركي أنه سيدافع عن سيادة سوريا مع الأكراد، إلا أنه بعد تعرض مواقعه لقصف من قبل سلاح الجو التركي؛ دعت روسيا إلى انسحاب الجيش السوري، ولم يُرَ له أثر بعد ذلك.
ومن أجل تقليل خسائر قواتها تستخدم تركيا الطائرات المقاتلة التي تقصف مدنًا مثل عفرين، بالإضافة إلى المرتزقة الذين قاتلوا في السابق في سوريا في صفوف ميليشيات الإسلامويين الجهاديين أو تم تجنيدهم في الدول الناطقة بالتركية. ويفترض أن يكون بينهم أيضا مقاتلون من الإيغور، بينما يقف العالم الغربي ساكنا أمام الحرب، بل إن الحكومة الألمانية وافقت حتى على تصدير أسلحة جديدة إلى تركيا.
القيادة التركية تنفذ الغزو في سوريا لسببين: سبب داخلي، إذ أن الرئيس أردوغان يحشد الأمة خلفه بهذه الطريقة. فعلى أردوغان أن يثبت أقدامه كرئيس حتى عام 2019 على أبعد تقدير، وبعدها ستكون لديه سلطات غير محدودة تقريبا. والسبب الآخر خارجي، فتركيا تسيطر الآن على جزء من شمال سوريا مع عفرين ومنطقة جرابلوس الواقعة في شرقها. وقد أشارت أنقرة إلى أنها لن تتخلى عن هذه البقعة بعد الآن. والعلم التركي يرفرف بالفعل فوق مبان بلديات. وفي المنطقة الكردية، يفترض توطين لاجئين سوريين يقيمون (الآن) في تركيا.
انتكاسة بالنسبة لشرق أوسط أفضل
قبل عامين، شكك أردوغان للمرة الأولى في معاهدة لوزان لعام 1923، التي تضع حدود تركيا الحالية. ومنذ ذلك الحين، تقوم صحف تركية بطباعة خريطة لحركة الاستقلال التركية، مرسوم عليها الممر من حلب إلى الموصل أيضا كجزء من تركيا، وكذلك الجزر في بحر إيجة، التي تقع قبالة البر الرئيسي التركي وتنتمي إلى اليونان.
من خلال الغزو التركي لعفرين هناك تهديد لسقوط نموذج سياسي مبشر بالخير. لأنه في عفرين، تشارك كافة المجموعات العرقية والدينية في الحكم الذاتي، ويتم هناك تطبيق المساواة بين الرجل والمرأة. وبدلاً من الحكومة المركزية العربية السابقة و"الدولة الإسلامية" المزعومة، تُمارَس ديمقراطية تعددية ولا مركزية في عفرين منذ عام 2013. ومن هنا فإن سقوط عفرين الوشيك هو نكسة في الكفاح من أجل شرق أوسط أفضل.
راينر هيرمان- صحيفة فرانكفورتر ألغماينه تسايتونغ