وجهة نظر: دحر "داعش" عسكريا أولا
٨ سبتمبر ٢٠١٤لا يكفي دحر تنظيم "الدولة الإسلامية" فحسب، بل يجب القضاء عليه تماما. أولا عسكريا، ثم سياسيا. ويتم الوصول إلى ذلك من خلال كسر كل موجة تعاطف مع الفكر الجهادي وتدمير محيطه. غير أنه قبل كل شيء يجب محاربة تنظيم "داعش"، وبعدها سيتحقق ما تسعى إليه الولايات المتحدة والغرب عموما. حلف الناتو أقام تحالفا من عشر دول أعربت عن استعدادها لخوض حرب ضد تنظيم"الدولة الإسلامية"، ومن بينها ألمانيا التي تريد المشاركة على المستوى السياسي فقط، حتى وإن كان من غير المستبعد أن تأخذ مثل هذه التحركات طابعا عسكريا في وقت لاحق.
لا يمكن القضاء على داعش دون الأسد
من الواضح جدا أنه لا يمكن للغرب بمفرده أن يخوض حربا ضد "الدولة الإسلامية" في العراق وسوريا دون مشاركة حلفاء. وإذا قامت الولايات المتحدة وبريطانيا بذلك، فقد تتهمان من خلال الحملات الدعائية (للجهاديين) بأنهما تقودان هناك حربا "صليبية". إذن هناك الحاجة إلى وجود حلفاء في المنطقة، خاصة من العراق ومن الحكومة الشيعية. بيد أن الجيش العراقي يوجد الآن في حالة إحباط، كما إن للحكومة في بغداد عددا كبيرا من الأعداء من بين العشائر السنية ومن بقايا حزب البعث السابق الذي ينشط في الخفاء.
في دمشق هناك احتمال وجود حليف آخر لمواجهة تنظيم "الدولة الإسلامية"، وهو الرئيس السوري بشار الأسد الذي يعمل الغرب على محاربته حتى هذه اللحظة. غير أن كل تحرك مشترك مع هذا الديكتاتور قد يصبح تحركا قاتلا بشكل لا يمكن تصوره. ورغم ذلك، لا يمكن القضاء على داعش دون الرئيس الأسد. إن ذلك يشكل كابوسا سياسيا، فالغرب راهن كثيرا على الإطاحة بالأسد، ونحن اليوم أمام ضرورة نهج سياسية واقعية.
تحالف مع أعداء الأمس؟
إضافة إلى ذلك هناك الأكراد الذين يتمّ الآن تسليحهم. وقد يمكن الآن التنبؤ بأن آمالهم المرتبطة بإنشاء دولة كردستان المستقلة ستزداد قوة ولاشك في حال انتصارهم، وهذا ما لا يريده أحد. ثم إن هناك إيران التي أظهرت تحفظا حتى اللحظة، ولكنها في الوقت ذاته مستعدة للتدخل فورا إذا ما تمّ تضييق الخناق على شيعة العراق، خاصة وأن المزارات الشيعية في خطر، كما أظهرت الأحداث في كربلاء. وأين هي الدول العربية من كل ذلك؟ أين هي مصر والأردن والسعودية؟ بالنسبة لهذه الدول فإنه من المستبعد تماما الوقوف فجأة إلى جانب الرئيس الأسد أو مع الشيعة، حيث يحتاج ذلك إلى بعض الوقت. وهذه الدول ترفض استخدام أراضيها كمركز لانطلاق العمليات.
ضرورة التحالف الدولي
رغم كل ذلك، لا يمكن القضاء على "الدولة الإسلامية" إلا عبر تحالف دولي، وذلك للتأكيد على أن الجميع ضد مواقف التطرف الجنوني للخليفة "أبو بكر البغدادي". فليس هناك من أحد يتقبل الاستبداد كما كان في عصور الجاهلية. كما إن كل حرب ضد الفكر "الجهادي" هي حرب مشروعة. الجميع يريد للشرق الأوسط والأدنى أن يتحول إلى منبر لتعايش الطوائف الدينية، سواء تعلق الأمر بالمسيحية أو الإسلام أوالإزيدية أو غيرها، وإلا فإن "دولة الخلافة" كما تسمي نفسها ستقضي على الثقافة الآسلامية التي يعود تاريخها إلى قرون طويلة.