وجهة نظر: فوز ماكرون فرصة لألمانيا وأوروبا لمزيد من التكامل
٢٥ أبريل ٢٠٢٢النتيجة مفاجئة بشكل واضح: قرابة 60 بالمائة من أصوات الناخبين الفرنسيين ذهبت لصالح إيمانويل ماكرون، ولكن كان هناك أكثر من 40 بالمائة من الأصوات لصالح اليمينية المتطرفة ماري لوبان. وهذا يعني أن لوبان ستبقى ومطالبها ستبقى بإخراج فرنسا من حلف الناتو، وتغيير وضع الاتحاد الأوروبي.
في يونيو/حزيران سيتم انتخاب البرلمان الفرنسي، وأمام واقع توزيع الأصوات في الجولة الأولى من الانتخابات الرئاسية، هناك رغبة فرنسية بألا يتكرر الأمر؛ أي أن تحصل لوبان وبقية اليمين المتطرف على ثلث الأصوات، وأن يحصل اليساري الشعبوي جان لوك ميلنشون على 20 بالمئة.
النخبة السياسية في العاصمة باريس غير محبوبة في فرنسا منذ فترة طويلة، ولكن الآن يتجلى هذا الشعور العام: "هم هناك في الأعلى. نحن هنا في الأسفل"، وهذا موجه مباشرة للديمقراطية. إنه أكثر من إشارة تحذيرية.
الاتحاد الأوروبي كوحدة للحماية
"الجمهورية إلى الأمام"، الحزب الذي أسسه ماكرون في البداية كحركة وسطية، ساهم في تفاقم العجز الديمقراطي خلال السنوات الخمس الماضية، كما تفاقم أيضا بسبب دفع المعسكرات السياسية التقليدية نحو اليسار من جهة ونحو اليمين من جهة ثانية. وبالتالي سيتعين على ماكرون وفريقه تغيير ذلك، إذا كانت فرنسا لا تريد الانزلاق نحو القومية المتطرفة.
وهذا مرتبط بشكل كبير بأوروبا ككل، وخصوصا بالشريك الأهم: ألمانيا. غالبا ما ينظر في فرنسا إلى الاتحاد الأوروبي على أنه نادٍ للشركات الكبيرة وليس كمجتمع للحماية الذاتية، داخليا وخارجيا. فلقد أظهر الهجوم الروسي على أوكرانيا خلال الشهرين الماضيين أن الكثيرين على حق في تقييم أهمية الاتحاد الأوروبي. لأن الحرب الروسية هي أيضا هجوم على أوروبا حرة وديمقراطية.
تم انتخاب ماكرون قبل خمس سنوات بأجندة سياسية أوروبية واضحة - صاغها الشاب كليمان بون، الذي يتبوأ حاليا منصب وزير الدولة للشؤون الأوروبية في وزارة الخارجية الفرنسية. الرجل البالغ من العمر 40 عاما كتب لماكرون (الذي يكبره بأربع سنوات فقط) ما يجب فعله: تحقيق اندماج أعمق في الاتحاد الأوروبي وجعله أكثر ديمقراطية.
ولكن لا توجد حتى اليوم إمكانية اتخاذ القرارات وفق مبدأ الأغلبية في بروكسل بشأن قضايا السياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي. إنه أمر غير معقول: حيث يمكن لصديق بوتين، رئيس الوزراء المجري غير الليبرالي فيكتور أوربان، منع قرارات مهمة باستخدام حق النقض (الفيتو)، بينما تقوم روسيا الآن بمهاجمة الديمقراطية في أوروبا مستخدمة السلاح، ويتعين على دافعي الضرائب في فرنسا وألمانيا مواصلة إمداد أكبر خصم للاتحاد الأوروبي في الداخل، بالأموال. هذا غير معقول. وكثير من الفرنسيين يرون الأمر بهذه الطريقة أيضا.
الكرة الآن في ملعب برلين
لذلك فإن نتيجة الانتخابات في فرنسا هي قبل كل شيءفرصة ثانية لأوروبا، وخصوصا لألمانيا. يعمل ماكرون منذ أكثر من خمس سنوات على استقطاب الدعم لفكرته بأن يكون الاتحاد الأوروبي قوة عالمية أو تكتلا مستقلا بين الولايات المتحدة والصين، يتضمن وجود عنصر فرنسي-ألماني قوي.
ولكن لسوء الحظ، لم ترغب المستشارة الألمانية السابقة أنغيلا ميركل أن تتخذ نفس المسار. ويتميز إرث ميركل على صعيد السياسة الأوروبية بسجل كارثي بالنسبة للتكامل الأوروبي، إذا ما تمت مقارنتها بمستشارين مثل هيلموت كول أو هيلموت شميت. لقد تجاهلت مساعي ماكرون بشأن تعميق العلاقات بين البلدين بتجديد فاتر لمعاهدة الإليزيه، ومعاهدة آخن للعلاقات الفرنسية-الألمانية.
والآن لدى التحالف الحكومي الألماني، المكون من الحزب الديمقراطي الاشتراكي، والخضر، والحزب الديمقراطي الحر، فرصة لتصحيح هذا الخطأ.
المفاوضون من حزب الخضر كانوا أذكياء في مفاوضات تشكيل الائتلاف الحكومي في ألمانيا، عندما أصروا على أن تكون مسألة تقوية الاتحاد الأوروبي جزءا من اتفاقية تكوين الائتلاف الحكومي. وليس مثلما اعتاد الحزب الاشتراكي الديمقراطي أن يفعل مع سياسته المؤيدة لأوروبا ولكنها سياسة غير نشطة. هذه المرة هناك مقترحات ملموسة في العديد من المجالات السياسية المختلفة، وينبغي على أوروبا أن تتخذ خطوة كبيرة باتجاه تكوين الولايات المتحدة الأوروبية. هذا هو مربط الفرس الآن. والكرة باتت منذ مساء الأحد في ملعب برلين.
فرانك هوفمان