وثائقي خاشقجي "المنشق".. حرب تقييمات وشركات تتحاشى عرضه
٢ أبريل ٢٠٢١يمكن لأيّ مشترك في منصة نتفلكس أن يشاهد فيلم "إيكاروس" لمخرجه الأمريكي بريان فوغل، وهو الفيلم الذي توج بأوسكار أفضل فيلم وثائقي لعام 2018. غير أن مشاهدة فيلم "المنشق" (يُترجم كذلك بالمعارض) للمخرج ذاته، على المنصة ذاتها، أمر غير ممكن. السبب: أنه فيلم عن مقتل جمال خاشجقي.
صدر الفيلم تحديدا يوم 8 يناير/كانون الأول 2021 في الولايات المتحدة، والفيلم هو من انتاج منظمة "هيومن رايتس فاونديشن" التي تتخذ من نيويورك مقرا لها. وهو الآن متاح للمشاهدة فقط حسب الطلب الخاص في ست منصات منها أي تونز، وأمازون برايم، ومايكروسوفت، عبر التأجير أو الشراء للاستخدام الشخصي. ورغم عدم عرضه في منصات اشتراك كبرى في المنطقة العربية، إلّا أنه حقق شعبية نسبية تظهر في كم التعليقات حوله في منصات تقييم الأفلام، كمنصة IMDB و"راتن تومیتوز".
صمت كبير رغم الإشادة
يعتقد فوغل، وهو مخرج أفلام وثائقية مشاغب يعشق كشف الأمور الخطيرة كما فعل مع فيلم "إيكاروس" الذي فضح الاحتيال الروسي في المنشطات المحظورة، أن موضوع فيلم "المنشق" هو "تفجيري جدا" بالنسبة للشركات الكبرى التي تملك علاقات اقتصادية مع السعودية أو تبحث عن موطئ قدم في السوق السعودية التي تشترك بكثافة في منصات الترفيه، حسب ما ينقله variety في تقرير عن الفيلم.
تظهر في الفيلم حوارات مع خطيبة خاشقجي، خديجة جنكيز، وأصدقاء للصحفي الراحل، ويعرض الفيلم تفاصيل لم تنشر سابقا عن اغتيال خاشقجي وأدلة تربط السلطات السعودية بالموضوع، كما يعطي معلومات كثيرة عن شخصية الصحفي الراحل وانتقاداته للسعودية، كما يعرج على علاقة الأمير محمد بن سلمان بالموضوع.
يحكي فوغل أنه التقى بالمدير التنفيذي لنتفلكس، ريد هاستنيغ، في عرض أولي للفيلم كما كانت كذلك هيلاري كلينتون حاضرة، وكان الحضور قد أشاد كثيرا بالفيلم لكن لم يتوصل صناع الفيلم بعروض لشراء حقوق الفيلم بغرض توزيعه.
"كان هناك صمت كبير، لا يوجد ولو عرض واحد، عكس أفلام أخرى تم عرضها في التوقيت ذاته. كان الأمر صادما" يقول فوغل لـ variety، متابعا أن منتجي الفيلم قرروا أن يجعلوه متاحا حسب الطلب بسبب هذه الصعوبات رغم أن فوغل كان يتمنى أن يكون متاحا بشكل أسهل في منصات عرض للجميع.
حرب التقييمات
استطاع الفيلم أن يحصل على تقييم 7.9 على 10 في منصة IMDB، وهو تقييم قوي بالنسبة لفيلم وثائقي يعرض موضوعا سياسيا مثيرا للجدل. أكثر تعليق حقق تصويتاً بين المتابعين، قال فيه صاحبه: "فيلم رائع. صناعه وصلوا بشكل حصري ومطول إلى شخصيات مهمة في القصة، والأكثر الأهمية هو رواية الأحداث التي جرت في القنصلية في إسطنبول".
يشير المعلق إلى ظاهرة وقعت للفيلم هو هجوم بالتقييمات السلبية ممّا قيل إنها حسابات سعودية تحاول تقييم الفيلم بـ1 على 10. وهي ظاهرة تكررت في مواقع أخرى لتقييم الأفلام كـ"راتن تومیتوز".
تعليق آخر على الفيلم يقول: "كما لو أنهم قتلوه أمام ملايين الناس، لكن رغم ذلك لا توجد عدالة. الآن تدرك حقيقة العالم الذي نعيشه".
في التعليقات التي لم يعجبها الفيلم، نقرأ واحدا يكتب: "هذه مجرّد محاولة لربط الجريمة بولي العهد السعودي دون أيّ أدلة. فقط تكرار ما قيل سابقاً في وسائل الإعلام. المضحك في الفيلم أن واحدا من ضيوفه يدعم تنظيم داعش. وهذا يجعلني أقتنع أن الفيلم لا يبحث عن الحقيقة. وكما هو معروف، فـ95 بالمائة من الأخبار في وسائل الإعلام مزيفة أو مسيسة أو كاذبة".
ليس مبهرا لكنه مهم
جيفري إم أندرسون، وهو ناقد أفلام أمريكي معروف، أعطى الفيلم 4 على 5 في موقع "كومن سنس ميديا"، و كتب أن الفيلم "طويل وغير مبهر بشكل قوي جدا، لكنه يبقى ضرورياً للغاية. يؤكد فوغل في فيلمه على استمرار طريقته الخاصة في الصحافة الاستقصائية حتى ولو كانت في مواجهة قوى عالمية يمكن أن تسحق الفيلم".
يتابع الناقد: "الفيلم يضفي طابعا إنسانيا على الصحفي الأسطورة، ويظهر علاقته الخاصة مع خطيبته كما يركز على إصراره في الاستمرار بالمعركة".
بيتر برادشاو، أعطى الفيلم التقييم ذاته في مقال على "الغارديان"، معلقا: "قد لا يكشف الفيلم شيئاً جديداً جوهريًا، لكنه فيلم شرس وقوي ومضيء للغاية. تم إنجازه بوضوح وحيوية. بطريقة ما، لعب أردوغان دور "الحنجرة العميقة" (مصطلح معروف في عالم التحقيقات ويشير إلى مصدر مطلع للغاية يرفض الكشف عن نفسه)".
ويضيف: "لقد أدى غضبه (أي أردوغان) وكذلك توفر وثائق إلى أن ينشر الفيلم محتوى كان من الممكن أن يستغرق عدة سنوات من صحفيين استقصائيين. لكن هناك تفاصيل ملفتة للنظر".
إسماعيل عزام