واشنطن وأزمة النيجر.. محاولة للمحافظة على هامش مناورة
١ أغسطس ٢٠٢٣أدانت الولايات المتحدة، التي تعوّل على النيجر في مكافحة الجهاديين في منطقة الساحل، بشدّة إطاحة الرئيس محمد بازوم من دون أي إشارة إلى "انقلاب"، محافظة بذلك على هامش مناورة ضئيل. وفي حين كانت فرنسا من أولى الدول التي أمرت بتعليق مساعداتها المباشرة وبإجلاء رعاياها ورعايا دول أوروبية أخرى، لم تقرر الولايات المتحدة إلى الآن لا تعليق المساعدات ولا إجلاء مواطنيها.
وتعتبر الولايات المتحدة أن هناك "نافذة" مفتوحة للدبلوماسية ولإعادة الرئاسة إلى بازوم، وقد أشادت بالرسالة الحازمة التي وجّهتها دول غرب إفريقيا للعسكريين الانقلابيين.
والثلاثاء قال المتحدث باسم مجلس الأمن القومي في البيت الأبيض جون كيربي "لا مؤشرات لدينا تفيد بوجود تهديدات مباشرة للمواطنين الأميركيين أو لمنشآتنا" في النيجر.
وتابع "لذا نحن لم نغيّر موقفنا في ما يتعلّق بتواجدنا في النيجر في الوقت الراهن"، كما لم نقرر تعليق المساعدات الأميركية.
وأضاف "إذا تعيّن علينا إجراء تعديلات فسنجريها"، مشيرا إلى عدم وجود ما يستدعي ذلك في الوقت الراهن، مشددا على أن الولايات المتحدة "تراقب الأمور على مدار الساعة".
الثلاثاء أشارت فرنسا، القوة الاستعمارية السابقة في النيجر، الى أنها تتهيّأ لإجلاء رعاياها ورعايا أوروبيين من البلاد، وقد أقلعت لهذه الغاية ثلاث طائرات من فرنسا متّجهة إلى نيامي.
تطور سريع للأحداث
لدى سؤاله عن السبب الذي يحول دون توصيف الولايات المتحدة ما يحدث في النيجر بأنه "انقلاب"، قال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية ماثيو ميلر الإثنين "لم نتوصل بعد إلى هذا التوصيف لأن الأوضاع في تطور مستمر".
وتابع "لم يتّضح بعد ما إذا هذه المحاولة (للاستيلاء على السلطة) ستنجح في نهاية المطاف".
بحسب القانون الأميركي، يجبر هذا التوصيف الولايات المتحدة على وقف كل أشكال التعاون الاقتصادي والعسكري، باستثناء ما يتعلّق بمكافحة الجهاديين.
لكن أبعد من التوصيف القانوني واللغوي، ينطوي الأمر بالنسبة للولايات المتحدة على الحفاظ على هامش للمناورة في حال فشل الانقلاب، بحسب دبلوماسيين.
تقدّم الولايات المتحدة للنيجر مئات ملايين الدولارات من المساعدات، لا سيما الإنسانية، وتنشر في البلاد نحو ألف جندي في إطار مكافحة الجماعات الجهادية في منطقة الساحل.-
أبدت واشنطن دعمها الكامل لموقف الجماعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا التي أعطت المجموعة العسكرية الانقلابية في النيجر مهلة أسبوع "لاستعادة الانتظام الدستوري". وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن الذي توجّه إلى نيامي في آذار/مارس في زيارة هي الأولى لوزير خارجية أميركي لهذا البلد، أجرى محادثات مكثفة مع الدول الشريكة في المنطقة، لا سيما مع فرنسا والرئيس بازوم.
وكان بلينكن قد سلّط الضوء في مقابلة أجرتها معه وكالة فرانس برس في آذار/مارس، على الدعم الذي توفّره واشنطن لنيامي من خلال برنامج لإعادة دمج الإرهابيين التائبين، ومشروع لتحسين الري وتحصين الزراعة في مواجهة التغيّر المناخي في البلاد القاحلة والفقيرة.
وتسعى إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن إلى انخراط أكبر في إفريقيا بهدف التصدي للتاثيرات المتزايدة، خصوصا الروسية. غير أن الانقلاب في النيجر يعاكس هذه الجهود.
وأشار بلينكن بوضوح إلى أن مواصلة تقديم المساعدات الأميركية للنيجر تتوقّف على تطوّر الأوضاع ميدانيا واستعادة النظام الديموقراطي، وشدّد على أن واشنطن يمكن أن تتّخذ قرارا بهذا الشأن في الوقت المناسب من دون تحديد أي جدول زمني لذلك.
الإثنين قال مسؤول رفيع في الخارجية الأميركية طالبا عدم كشف هويته "إذا استنتجنا أن انقلابا وقع فسنتقيّد بالقانون الأميركي".
وتابع "إنها محاولة استيلاء على السلطة. لا نعتقد أنها نجحت بالكامل ونعتقد أن هناك فرصة ضئيلة لعكس" مسار الأمور.
وشدّد على أنه يبدو أن الرجل القوي الجديد في البلاد الجنرال عبد الرحمن تياني لم يتوّصل إلى "إجماع" تام في الجيش حول شخصه. وتعتبر واشنطن أن تياني تصرّف سعيا لتحقيق مصالحه الشخصية خشية إقالته من منصبه.
وتابع "لا نعتقد أنه يحظى بشعبية كبيرة"، مستبعدا من جهة أخرى انخراطا مباشرا لمجموعة فاغنر التي لفت إلى أنها قد تسعى إلى "الاستفادة" من الأوضاع.
في ذات السياق أعلنت وزيرة الخارجية الفرنسية كاثرين كولونا اليوم الثلاثاء أن فرنسا بدأت في إجلاء مواطنيها من النيجر في أعقاب انقلاب عسكري ، حيث أقلعت أول طائرة تقل أكثر من 260 شخصًا من العاصمة نيامي.
وقالت كولونا إن 12 طفلا رضيعا كانوا على متن الرحلة. ومن غير الواضح حتى الآن ما إذا كان هناك مواطنون من غير الجنسية الفرنسية على متن الطائرة.
ولا تعترف فرنسا بالحكام الجدد وتدعو إلى العودة إلى النظام الدستوري المحيط بالرئيس بازوم المنتخب ديمقراطيا.
ع.أ.ج/ ف.ي (د ب ا، أ ف ب)