"واحة السلام" ـ قرية يحتذى بها للعيش بسلام في الشرق الأوسط
"واحة السلام" أو "نيف شالوم" هي قرية تختلف عن جميع القرى في بلد يشهد صراعا مريرا منذ عشرات السنين. قصة هذه القرية تعود إلى عام 1972 عندما تبادرت إلى ذهن القسيس برونو هوسر فكرة بناء قرية يتقاسم فيها يهود وعرب هموم حياتهم اليومية رغم المشاكل السياسية والفروقات الدينية التي يعيشها بلدهم. ولاحقاً ترجم القسيس هذه الفكرة إلى واقع حيث تم بناء البيوت الأولى دون الحصول على مساعدات أو دعم حكومي. وفي عام 2004 سجلت الجهة المسئولة عن القرية 50 عائلة والاهتمام بالمعشية هنا في ازدياد، إذ أن المشرفين يخططون لقدوم 140 عائلة في المستقبل القريب. ومن بين الناس الذي جاؤوا للعيش في هذه القرية هي اليهودية السويسرية إيفي غوغينهايم التي تعرفت في القرية كذلك على زوجها الفلسطيني عمدة القرية.
التعليم كركيزة للسلام
تستند الحياة في "واحة السلام" إلى المساواة بين أبناء هذه القرية والاحترام المتبادل وكذلك إلى التعليم كركيزة للتفاهم بين الجانبين، ليس فقط في القرية، بل في إسرائيل والمناطق الفلسطينية أيضا. ووفقا لهذه الفكرة فقد تم تربية الأجيال الأولى من سكان القرية ولهذا فإنه تم تأسيس روضة أطفال ومدرسة يتعلم فيها الأطفال الإسرائيليون والفلسطينيون جنبا إلى جنب. ويشرف على الدروس في المدرسة والروضة معلمة فلسطينية وأخرى إسرائيلية. ويتعلم التلاميذ في المدرسة اللغتين العربية والعبرية، بالإضافة إلى طرق خلق قنوات للحوار بين الفلسطينيين والإسرائيليين وكذلك التعلم على احترام الآخر والتسامح.
وفي عام 2000 اعترفت وزارة التربية والتعليم الإسرائيلية بالمناهج المدرسية التي يقوم على أساسها التعليم في المدرسة. وتأمل هذه المدرسة منذ ذلك الحين في أن تكون مثال يحتذي به في بلدان تعاني من مشاكل عرقية ودينية. وفي حين يشق التلامذة حياة خالية من الأحكام المسبقة، يحاول الأهالي محاربة هذه الظاهرة. ولهذا قام المشرفون في عام 1979 بتأسيس "مدرسة السلام" المختصة في محاولة القضاء على الصراعات بين الشعبين عن طريق الدروس والدورات التدريبية.
لا وجود للفروقات
ومنذ البداية ووضع برونو هوسر مؤسس القريةهدف خلق قنوات الحوار بين الأديان السماوية الثلاثة أمام نصب عيناه. ومن أجل تحقيق هذا الهدف قامت مجموعة مكونة من فلسطينيين مسيحيين ومسلمين من جهة وإسرائيليين من جهة أخرى في عام 2001 ببناء ما يسمى بـ "بيت الهدوء" الذي يختص بتعريف المشاركين في الدورات التدريبية على الجوانب الروحية للسلام والحوار بين الشعوب. وفي هذا الإطار يتقاسم المشرفون على عمل المدرسة الوظائف القيادية بينهم ولهذا فإن منصب عمدة القرية يتسلمه تارة فلسطيني وتارة أخرى إسرائيلي.
طلائع حركة السلام
ولا تقتصر مشاريع القرية على روضة الأطفال والمدرسة، بل إنه تم تأسيس بيت في الواحة مخصص لاستقبال الضيوف. وإذا رغب الضيوف في التعرف على القرية، فإنهم يستطيعون مشاهدة فيلم فيديو عن تاريخ تأسيسها وعملها. ولم تحصل المدرسة بالصدفة على جوائز سلام مختلفة على سبيل المثال حصل المشروع في عام 2003 على جائزة السلام الألمانية ـ الإسرائيلية. ونظراً لأنها لا تحصل على مساعدات من الحكومة الإسرائيلية، فإنها تعتمد في تمويلها بشكل أساسي على التبرعات الخاصة، وإلا لما استطاعت "واحة السلام" البقاء على قيد الحياة. "واحة السلام" هي مكان يحاول فيه سكانها العيش بسلام في منطقة تعاني منذ عقود من الزمن من الحروب والصراعات. ويبدو أن هذا المشروع كتب له النجاح وربما يعتبر هذا المشروع أكبر مثال على أن الاحترام المتبادل والتسامح يساعد على العيش بسلام بين الشعوب.
دويتشه فيله