هيومن رايتس ووتش: وثَّقنا انتهاكات جسيمة في سوريا قد ترقى إلى جرائم ضد الإنسانية
١٠ يونيو ٢٠١١مع تزايد وتيرة العنف وقمع قوات الأمن السورية للمحتجين في سورية، تشهد المناطق الحدودية التركية واللبنانية تدفق المزيد من أعداد اللاجئين السورين. وحسب أحدث التقارير ليوم الجمعة(10 يونيو /حزيران 2011) فقد تدفق أكثر من 2800 سوري إلى تركيا خلال الأيام الماضية خوفا من أعمال انتقامية من النظام السوري. وقد تعهدت ألمانيا بتقديم الدعم والمساعدة لتركيا على خلفية تدفق آلاف المواطنين السوريين إلى تركيا. ووعد وزير الخارجية الألماني غيدو فيسترفيله الحكومة التركية اليوم الجمعة بتقديم مساعدات إنسانية.
وتتابع المنظمات الانسانية بقلق الأوضاع المأساوية للاجئين السوريين الفارين من بلادهم، وقد أعربت منظمة هيومن رايتس ووتش الأميركية غير الحكومية عن قلقها البالغ إزاء انتهاكات حقوق الانسان في وسريا، وفي حوار مع دويتشه فيله قال نديم حور ممثل منظمة هيومن رايتس ووتش إن المنظمة وثقت "انتهاكات جسيمة في سوريا قد ترقى إلى ان تكون جرائم ضد الإنسانية".
وفيما يلي نص الحوار مع نديم حور .
دويتشه فيله: ما هي آخر التطورات في أوضاع النازحين واللاجئين في لبنان وتركيا، وخصوصا ان بعض الأنباء تفيد بأنه يتم إطلاق النار على حافلات تنقل جرحى شمال سوريا إلى الحدود التركية؟
نديم حور: في لبنان أغلبية اللاجئين وصلوا منذ عدة أسابيع ووضعهم لا بأس به من الناحية المادية لأن اغلبهم لديهم عائلات أو أصدقاء داخل البنان ولكن الخوف كان، ولا يزال، في لبنان بأن عددا من هؤلاء اللاجئين تم اعتقالهم ، فبحسب معلوماتنا ما لا يقل عن 14 شخصا اعتقلوا تحت ذريعة أنهم دخلوا إلى البلاد خلسة. وهم حاليا محتجزون ويتم محاكمتهم على هذا الأساس. لذلك فالمطلب الأساسي في هذه الحالة هو تقديم لبنان لهؤلاء الحماية القانونية وألا يعتبرهم أشخاصا دخلوا خلسة إلى البلاد لأنهم هربوا من القتل والاعتقال التعسفي. وبالنسبة لأعداد اللاجئين، فليس لدينا إحصائيات دقيقة جدا، خاصة أن بعضا من اللاجئين عادوا إلى سوريا وبعضهم بقي، فالإحصائيات تتغير. ولكن منذ حوالي أسبوعين كان يبلغ عدد اللاجئين السوريين في لبنان 4 آلاف شخص. العدد الأكبر من اللاجئين هم من يعبرون إلى الحدود التركية شمال سوريا من منطقة جسر الشغور والقرى المحيطة بها وهذا العدد ازداد في الأيام الأخيرة حيث وصل حتى أمس إلى 2500 ويتزايد بحسب السلطات التركية وكان هناك عدد كبير من السوريين ينتظرون النزوح إلى تركيا وكانوا بانتظار إعداد الجانب التركي لمخيمات أو ملاجئ.
ما الذي تقدمه المنظمات الإنسانية للاجئين؟
هذا يختلف من بلد إلى آخر، في لبنان لعبت جمعيات محلية دورا إلى جانب الأمم المتحدة والدولة اللبنانية. أما في تركيا فالهلال الأحمر التركي والسلطات التركية هي التي أخذت هذه المسؤولية على عاتقها كلية.
اللجنة الدولية للصليب الأحمر، على سبيل المثال، دعت اليوم السلطات السورية إلى السماح بدخول فرق العاملين بها إلى مراكز الاحتجاز والمناطق التي شهدت أعمال عنف خلال الاحتجاجات، إلى ما يرجع ذلك؟
منذ بدأت موجة الاحتجاجات والمظاهرات داخل سوريا وسلطات البلاد تعتمد سياسة التعتيم. ليس فقط الصليب الأحمر والجمعيات الإنسانية الأخرى، ولكن أيضا الصحافيين يُمنعون من الوصول إلى أي من المتظاهرين الموقوفين أو حتى من الوصول إلى المدن التي تعرضت إلى قمع شديد كمدينة درعا وبانياس وبعض مناطق حمص وحاليا جسر الشغور. منع المنظمات الدولية من الوصول إلى المعلومات ومن مقابلة هؤلاء الأشخاص، جزء من هذه الحملة التي تنتهجها السلطات السورية. وقد وثقنا انتهاكات جسيمة قد ترقى إلى ان تكون جرائم ضد الإنسانية منذ اندلاع الأحداث في سوريا من ناحية، القتل المتعمد للمدنيين الذين لا يحملون أي سلاح أو الذين لا يشكلون أي خطر على السلطات. كما أننا وثقنا حالات التعذيب الممنهج الذي طال الآلاف من الأشخاص والاعتقالات التعسفية. فحتى الآن، وبالرغم من الوعود من أنه سيكون هناك عفو عن ما يسمى بالجرائم التي حدثت في الفترة الماضية، فمازال هناك عدد كبير جدا من الأشخاص معتقلون ولا تعرف أسرهم أين هم. كما أن السلطات الأمنية السورية منعت وصول المساعدات الطبية والإسعاف إلى متظاهرين كانوا بحاجة إلى رعاية طبية.
ذكرت أن هناك صعوبات أمام تغطية الأحداث من داخل سوريا، كيف تستقي منظمة هيومن رايتس ووتش معلوماتها حول الأوضاع في سوريا؟
تستخدم المنظمة ثلاثة أساليب أساسية، أولها من حيث أننا متواجدون في البلدان المجاورة لسوريا فحين يصل أي لاجئ أو أي شخص من سوريا نجري معه مقابلة تفصيلية لنعرف ما حدث. هيومن رايتس ووتش تعمل على الملف السوري كباقي البلدان منذ سنوات عديدة، وكانت المنظمة دائما تجد صعوبة في الحصول على معلومات، لذلك شكلنا نوعا من مجموعات عمل من السوريين، نشطاء سوريين، يبعثون لنا المعلومات ويتعاونون معنا في توثيق المعلومات ونعتمد على هذه الشبكة من النشطاء السوريين بشكل أساسي. كما أننا نتواصل مع الداخل السوري عبر السكايب ووسائل انترنت أخرى، وإن كان هذا الأمر ليس دائما سهلا. فمدينة جسر الشغور، على سبيل المثال، معزولة تماما من الهاتف والإنترنت منذ الأسبوع الماضي.
أجرت الحوار: هبة الله إسماعيل
مراجعة: منصف السليمي