هولندا في قبضة اليمين الشعبوي!
١٧ مايو ٢٠٢٤حقق اليميني الشعبوي خيرت فيلدرز في هولندا ما يحلم به حزب البديل من أجل ألمانيا، وهو من الأحزاب اليمينية الشعبوية التي صعدت خلال السنوات القليلة الماضية في أوروبا. وأتفق فيلدرز على تشكيل ائتلاف حكومي مع حزبين يمينيين وحزب ليبرالي لأول مرة. دخل فيلدرز البرلمان قبل 18 عاماً ويضم حزبه من أجل الحرية رسمياً عضواً واحداً فقط: هو خيرت فيلدرز نفسه. أما النواب الآخرون عن حزبه فيحملون صفة نواب مستقلون من الناحية الفنية وهؤلاء يتم تجنيدهم بواسطة فيلدرز نفسه من دائرة أنصاره. وعلى الرغم من الانتكاسات العديدة، فقد عمل على الترويج لبرنامجه الانتخابي الذي يشكك بالاتحاد الأوروبيويروج الكراهية ضد الأجانب.
وفي الانتخابات التي جرت قبل ستة أشهر، أصبح حزب فيلدرز من أجل الحرية هو الحزب الأقوى بنسبة 24 في المائة تقريباً، ومع ذلك كان عليه التخلي عن مطالبته بمنصب رئيس الحكومة، لأن مطالب كهذه لا تلقى التأييد لدى أحزاب الائتلاف الأخرى، وخاصة الحزب الليبرالي اليميني الرائد، أي حزب الشعب من أجل الحرية والديمقراطية تحت قيادة رئيس الوزراء المنتهية ولايته، مارك روته.
واتفقت أحزاب الائتلاف الأربعة على تشكيل حكومة يتألف نصفها من سياسيي الأحزاب المتحالفة والنصف الآخر من الخبراء أو التكنوقراط. ولا يزال من غير الواضح من الذي سيحصل على منصب رئيس الوزراء.
"الأكثر صرامة في أوروبا"
البرنامج الحكومي الذي وضعه الائتلاف الشعبوي اليميني بقيادة خيرت فيلدرز صعب. وجاء في اتفاقية الائتلاف: "يجب أن تنتمي هولندا إلى فئة الدول التي لديها قواعد اللجوء الأكثر صرامة في أوروبا". ويقول أعضاء التحالف إن التغيير الجذري في سياسة اللجوء والهجرة أصبح وشيكاً، ويجب أن ينخفض عدد الوافدين بشكل حاد. وقد أعلن زعيم الحزب: "ستكون لدينا سياسة اللجوء الأكثر صرامة على الإطلاق".
وبالإشارة إلى الادعاءات القائلة بأن المهاجرين يحصلون على مزايا اجتماعية عديدة، قال إن الأشخاص الذين ليس لديهم تصاريح إقامة سيتعين أيضاً ترحيلهم بالقوة: "الهولنديون يأتون أولاً ". وقد فشل رئيس الوزراء روته من حزب الشعب من أجل الحرية والديمقراطية في تشديد سياسة الهجرة في عام 2023. ويعود ذلك إلى أن ائتلافه الليبرالي لم يرغب في ذلك الوقت بدعم دعم القيود المفروضة على لم شمل الأسر. وخلال العام الماضي تقدم حوالي 70 ألف شخص في هولندا بطلبات لجوء، وهو نفس العدد تقريباً في عام 2015، ويمثل ذلك ذروة حركة قدوم اللاجئين إلى الاتحاد الأوروبي.
تجاهل الانتقادات السابقة للاسلام
في الماضي، صنع خيرت فيلدرز لنفسه اسماً على المستوى العالمي باعتباره من أشد منتقدي الإسلام. وأخرج أفلاماً تنتقد الإسلام ودعا إلى فرض ضريبة على ارتداء الحجاب. فالإسلام بالنسبة له ليس ديناً، بل هو برنامج سياسي. لكنه تجاهل ذلك خلال محادثات الائتلاف. وأبدى فيلدرز ميلا للتصالح على نحو غير اعتيادي: "لن نتحدث عن القرآن والمساجد والمدارس الإسلامية". في عام 2018، أجرت الشرطة الهولندية تحقيقًا لأن إسلامياً متطرفًا كان يخطط على ما يبدو للاعتداء على خيرت فيلدرز.
الطرق السريعة ومحطات الطاقة النووية
لدى الائتلاف الجديد في هولندا أيضاً ما يقدمه للسائقين. سيتم زيادة الحد الأقصى للسرعة على الطرق السريعة الهولندية من 100 إلى 130 كيلومتراً في الساعة خلال النهار. كما سيحصل المزارعون على إعفاء من اللوائح البيئية. ويجب توفير المال. وتسعى حكومة فيلدرز اليمينية إلى الاستثمار في الإسكان وبناء محطتين للطاقة النووية.
ولم يتم تضمين الاستفتاء على خروج هولندا من الاتحاد الأوروبي، الذي دعا إليه حزب من أجل الحرية والديمقراطية في ورقة الائتلاف، لكن الحكومة الجديدة ستكون بالتأكيد أكثر انتقاداً للاتحاد الأوروبي وسعيه لضم دول إضافية غرب البلقان. وتعد هولندا ثالث أكبر مساهم صافي في ميزانية الاتحاد الأوروبي، بعد ألمانيا وفرنسا.
الوجهة التالية: أوروبا
في ظل حكومة جديدة، يستطيع خيرت فيلدرز خوض الحملة الانتخابية الأوروبية بمزيد من الزخم. فوفقا لاستطلاعات الرأي، يحتل حزبه المركز الأول في هولندا في الانتخابات الأوروبية المقررة في الفترة من 6 إلى 9 يونيو/ حزيران بنسبة 22 في المائة من الأصوات.
ويتوقع فوزه بسبعة مقاعد من أصل 31 مقعداً هولندياً في البرلمان الأوروبي. وحتى الآن، لم يمثل فيلدرز هناك بأي عضو في البرلمان. وفي البرلمان الأوروبي، سينضم حزب من أجل الحرية إلى فصيل "ID" اليميني المتطرف، الذي يضم أيضاً حليفة فيلدرز منذ فترة طويلة مارين لوبان من حزب التجمع الوطني اليميني في فرنسا، وحزب الحرية الشعبوي اليميني من النمسا وحزب البديل من أجل ألمانيا. وتتصدر الأحزاب اليمينية الشعبوية الأربعة صناديق الاقتراع للانتخابات الأوروبية في بلدانها. وهذه الأحزاب ترفض المسار الصارم الذي يتخذه الاتحاد الأوروبي ضد روسيا ويريدون مساراً أكثر ودية تجاه الصين.
تجربة سياسة
تمثل "حكومة الأمل" الجديدة، كما تطلق أحزاب الائتلاف الأربعة على نفسها، تجربة سياسية حتى بالنسبة لهولندا. ويواجه الائتلاف اليميني الجديد العديد من نقاط الضعف ويسعى للعمل مع الأغلبية المتغيرة في البرلمان. ووفق صحيفة "دي فولكس كرانت" الهولندية: "سيعتمد الكثير على الصفات القيادية لرئيس الوزراء المستقبلي، الذي سيتعين عليه تشكيل حكومة فاعلة. وإذا نجح هذا، فسيكون فريداً من نوعه في تاريخ البرلمان الهولندي. وفي حال الفشل لن تكون هناك حاجة للبحث عن أي بدائل أخرى، وبعد ذلك ستكون هناك انتخابات جديدة".غير أن إجراء انتخابات جديدة لن يكون نافعاً على الإطلاق لأعضاء الائتلاف الثلاثة الأصغر حجماً الذين استمرت شعبيتهم في الانخفاض مؤخرا على عكس فيلدرز الذي استمرت شعبيته بالازدياد. وإذا أجريت انتخابات جديدة يوم الأحد، فإن 31 في المائة من الهولنديين سيصوتون لحزبه الذي يضم رجلاً واحداً من الناحية الفنية.
أعدته للعربية: إيمان ملوك