هل يفعلها ترامب ويطيح بالاتفاق النووي مع إيران؟
٢١ سبتمبر ٢٠١٧برعاية من الاتحاد الأوروبي، شاركت ألمانيا إلى جانب الدول المعنية بالاتفاق النووي الإيراني في اجتماع هادئ في شكله عاصف في مضمونه. مبادرة إتاحة اللقاء بين وزير الخارجية الأميركي ريكس تيلرسون بنظيره الإيراني محمد جواد ظريف للمرة الأولى على هامش أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة بنيويورك. الاجتماع خيمت عليه التصريحات النارية للرئيس دونالد ترامب، التي اعتبر فيها الاتفاق "إحدى أسوأ الصفقات في تاريخ الولايات المتحدة".
وقد أعربت برلين وعواصم أوروبية أخرى عن قلقها البالغ إزاء التبعات السلبية المحتملة لأي انسحاب أمريكي من الاتفاق مع إيران، في وقت يسعى فيه المجتمع الدولي لإعادة كوريا الشمالية إلى طاولة الحوار لحملها على العدول عن برنامجها الصاروخي والنووي. وبهذا الصدد يقول خبير DWماكس هوفمان أنه "حينما يُشغِل دونالد ترامب نفسه بموضوعات السياسة الخارجية ككوريا الشمالية وإيران، فإن الرعب ينتاب شركاءه خصوصا الأوروبيين منهم".
مصداقية أوروبا في الميزان
وزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي فيديريكا موغيريني، التي تترأس لجنة متابعة الاتفاق مع إيران أكدت بلغة دبلوماسية أن المشاركين في اجتماع نيويورك "اتفقوا على القول بأن كل الأطراف تحترم نص (الاتفاق) حتى الآن". وعبارة "حتى الآن" توحي بأن الوضع قد يتغير في أي لحظة، ما سيفتح الأبواب على المجهول.
وذكرت موغيريني الإدارة الأمريكية بأن "الاتفاق يسير جيدا... لدينا أصلا أزمة نووية ولا نريد الدخول في أزمة ثانية". إن أي انسحاب لترامب من الاتفاق النووي سيدفع الإدارة الأمريكية لفرض عقوبات على طهران، وهو ما ستمتنع عنه أوروبا بلا شك، ما سيزيد من تأزيم العلاقات الأطلسية المتوترة أصلا.
وفي حوار مع DW أكد الدكتور مصطفى اللباد، خبير الشؤون الإيرانية ومدير مركز الشرق للدراسات الإقليمية والاستراتيجية بالقاهرة، أن "هناك نقطة التقاء بين الموقفين الأمريكي والأوروبي ويتمثل في منع إيران من امتلاك السلاح النووي". إلا أنه استطرد موضحا أن "تشكيك ترامب في الاتفاق مع إيران سيفتح الباب أمام التشكيك في مصداقية كل الاتفاقيات التي كان الاتحاد الأوروبي طرفا فيها. ثم إن الأمر يتعلق باتفاق متعدد الأطراف وليس اتفاقا ثنائيا بين إيران والولايات المتحدة".
ألمانيا متشبثة بالاتفاق
كان موقف برلين واضحا منذ البداية، إذ أكد وزير الخارجية سغمار غابرييل أن "ألمانيا لها كل المصلحة بعدم تعريض الاتفاق النووي مع إيران للخطر، وبالتالي عدم الانسحاب منه سواء في الحاضر أو المستقبل". وأوضح الوزير أن السنتين الماضيتين أظهرتا أن الاتفاق نجح فعلا في منع انتشار الأسلحة النووية في المنطقة".
ومن وجهة نظر ألمانية ليس هناك أي داع لتعليق الاتفاق، فقد زارت الوكالة الدولية للطاقة الذرية المنشئات النووية الإيرانية ثماني مرات للتأكد من الالتزام بالاتفاق، وفي كل مرة كان جواب الوكالة بالإيجاب، لدرجة أن المستشارة أنغيلا ميركل بدأت ترى في الاتفاق نموذجا يمكن نهجه مع كوريا الشمالية.
ورأى كلاوس ـ ديتر فرانكبيرغر محرر الشؤون الخارجية في صحيفة "فرانكفورتر آلغماينه تسايتونغ" الألمانية في عددها الصادر يوم (الأربعاء 20 سبتمبر/ أيلول 2017) أن خطوة ترامب "قد تزيد من سرعة تحقيق ما يعلن أنه يسعى لتفاديه، أي اكتساب إيران للسلاح النووي. إن الأمر لخطير ..إنها حماقة كبرى. وباستثناء هتافات وتصفيقات البعض فإن الولايات المتحدة ستجد نفسها في عزلة".
بيد أن الملفت في الموقف الأوروبي هو ما أثاره الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون حول إمكانية إعادة التفاوض حول بعض استحقاقات الاتفاق، مشيرا إلى ما أسماه بـ "النشاط المتزايد لإيران على الصعيد البالستي"، غير أن دبلوماسيين فرنسيين شددوا على أن الأمر لا يتعلق بـ "إعادة التفاوض" حول الاتفاق بل بـ "استكماله".
وبهذا الصدد أوضح الدكتور اللباد أن الهدف هو الضغط على إيران وانتزاع تنازلات منها بشأن دورها الإقليمي المتنامي للوصول لخارطة سياسية في الشرق الأوسط كما يتصورها ترامب. أما بشأن الموقف الفرنسي فأوضح اللباد أنه "ليس هناك مانع لدى باريس لتقليم أظافر إيران وتقليص دورها الإقليمي".