هل يعود أحمدي نجاد لرئاسة إيران؟
٩ يوليو ٢٠١٦بعد حكمه لولايتين، امتدت من عام2005 لعام 2013، لم يعد بإمكان الرئيس السابق محمود أحمدي نجاد الترشح لولاية ثالثة على التوالي لشغل هذا المنصب. وهو ما فسح المجال لرجل الدين المعتدل حسن روحاني لرئاسة البلاد. الأمر الذي جعل العالم يتنفس الصعداء، خاصة بسبب توتر العلاقات بين إيران والمجتمع الدولي في فترة ولاية الاول، حيث وصلت المحادثات النووية إلى طريق مسدود. هذا اضافة إلى العزلة السياسة لطهران وتدهور الوضع الاقتصادي في البلد. وعلاوة على ذلك فقد عرف أحمدي نجاد بلهجته الخطابية المتشددة ضد الغرب وإسرائيل. وحتى على الصعيد المحلي، فإنه كان مثيرا للجدل، فإعادة انتخابه سنة 2009 رافقتها احتجاجات حاشدة واتهامات بالتزوير. وبعد الفوز الساحق لحسن روحاني سنة 2013، ظن العالم أن المسيرة السياسية لأحمدي نجاد قد انتهت.
من جهته أراد أحمدي نجاد آنذاك الابتعاد عن السياسة وعاد إلى عمله كمحاضر بالجامعة. وحتى في الأيام الأخيرة من ولايته بدا ذلك واضحا، إذ قام المجلس الأعلى للثورة الثقافية بإعطائه الإذن لإنشاء جامعة خاصة في طهران. ولكن ذلك لم يتحقق على أرض الواقع لعدم وجود التمويل الكافي. ولكن الرئيس السابق لم يتمكن من الابتعاد بشكل نهائي عن السياسة. فقد قام المرشد الأعلى علي خامنئي بتوفير وظيفة له في مجلس الوساطة، وهو عبارة عن هيئة للتوسط في النزاعات بين البرلمان ومجلس صيانة الدستور .
خطابات ضد الاتفاق النووي
وبعدها غاب أحمدي نجاد عن الساحة السياسية لسنوات. ولكن في الأسابيع الأخيرة عاد الرئيس السابق للقيام بجولة في مختلف المحافظات، حيث قام بإلقاء العديد من المحاضرات، انتقد فيها الاتفاق النووي، وسط تهليل وهتافات أنصاره. كما وجه أحمدي نجاد انتقادات حادة لحكومة الرئيس حسن روحاني، حسب الصحفي الإيراني، بهمن نيرومند، الذي قال في مقابلة مع DW: "لقد قال أن الجمهورية الإسلامية على الطريق الخطأ، هناك خيانة لمبادئ الثورة وروحاني يقود البلاد إلى الضلال."
عودة أحمدي نجاد لمثل هذه الخطابات لا يمكن أن يكون صدفة، خاصة بسبب قرب موعد الانتخابات الرئاسية في السنة القادمة. ويرى المراقبون أن أحمدي نجاد يريد بذلك أن يعود لترشيح نفسه مجددا لمنصب الرئاسة. وتشير بعض الأنباء إلى أن المتحدث السابق باسم الحكومة قد تقدم بطلب إلى الهيئة الانتخابية المختصة. وبالإضافة إلى ذلك فمن المقرر أن تكون هناك حملة كبيرة لعودة أحمدي نجاد للمعترك السياسي، حسب ما ذكرت صحيفة " الشرق" قبل عدة أيام. وخاصة بعد هزيمتهم في الانتخابات البرلمانية، يبحث المتشددون عن قوة دافعة للاقتراع المقبل. والبعض منهم يعتقد أن الرئيس السابق هو الشخص المناسب لذلك.
الاستفادة من خيبة الأمل في البلاد
وبالفعل هناك إحباط شعبي تجاه الحكومة الحالية. فالعديد من الإيرانيين كانت لديهم آمال كبيرة في تحسين الوضع الاقتصادي إثر رفع العقوبات. "ولكن هذا لم يحدث"، كما يقول نيرومند:"الكثير من الاتفاقات الأولية بين إيران والمستثمرين الغربيين لم تتم بعد، لأن البنوك لم تبد استعدادها، لتولي تمويلها". خاصة وأنه لا تزال هناك مجموعة من العقوبات سارية المفعول.
من جهتها نشرت وزارة الخارجية الأمريكية الأسبوع الماضي تقريرا سنويا، كشفت فيه أن إيران أكبر داعم للإرهاب العالمي. وفي هذا الصدد يقول بهمن نيرومند، الذي يقوم بنشر تقرير شهري عن إيران بتكليف من مؤسسة هنريش بول الألمانية: "كل ما يقال عن إيران بهذا الشكل، يتم نشره خاصة من طرف الصحف المحافظة. ووالزعيم الثوري خامنئي حذر مرارا وتكرارا من الوثوق أكثر من اللازم في الولايات المتحدة. " حيث قال:"حتى لو قمنا بكل ما يريده الأمريكيون، فإنهم سيطالبوننا بأشياء أخرى". ولهذا يعتقد محمود أحمدي نجاد، على ما يبدو، أن بإمكانه الاستفادة من خيبة الأمل في البلاد.
حصيلة سياسية واقتصادية بائسة
ورغم كل ذلك ليس هناك ما يدعو إلى الاعتقاد بأن الوضع سيكون أفضل في ظل رئاسة جديدة لأحمدي نجاد. وفي هذا الصدد يقول نيرومند أن: "حصيلته السياسية كرئيس كانت بائسة جدا"، مضيفا بأنه " قد دمرالاقتصاد، وذلك على الرغم من أن عائدات النفط كانت مرتفعة بشكل غير عادي، خاصة في السنوات الأربع الأولى من رئاسته".بالإضافة إلى ذلك فإن حوالي 200 مليار دولار منها ذهبت في قنوات غير معروفة . من جهة أخرى ، فقد دخل أحمدي نجاد لمنصبه سنة 2005 بوعود لخلق ملايين فرص العمل الجديدة وخفض معدل التضخم من الريال المحلي. ولكنه لم ينجح في المهمتين. بل على العكس، فإن العقوبات الدولية وسوء تدبير الحكومة وضعت إيران سنة 2013 في حالة ركود اقتصادي عميق، إذ ارتفع معدل التضخم في فترة ولايته إلى أكثر من 30 في المائة وبلغ معدل البطالة 12 في المائة. هذه هي الأرقام الرسمية وقد تكون القيم الفعلية أسوأ من ذلك، حسب بعض المراقبين.
حظوظه في العودة للرئاسة؟
ولهذا السبب فإن الإيرانيين ينظرون إلى العودة السياسية لأحمدي نجاد بمشاعر مختلطة نوعا ما، حسب نيرومند الذي يقول:"على الرغم من أن لديه العديد من الأتباع في المحافظات، إلا أن العديد من المحافظين في البرلمان والجماهير الشعبية اتخذت موقفا ضده." ومن بينهم رئيس البرلمان ،علي لاريجاني، الذي كان يشغل منصب كبير المفاوضين في الملف النووي في عهد أحمدي نجاد، ليصبح الآن من أشد منتقديه، حيث قال في إحدى تصريحاته:" بالنسبة للإيرانيين فإنه لن تكون فكرة جذابة أن يدخل شخص غمار الانتخابات الرئاسية سنة2017، بعد ولايتين لم تكن ناجحة بشكل المطلوب."
" وحتى المرشد الأعلى خامنئي، الذي كان يدعم احمدي نجاد في السنوات الأربع الأولى من حكمه،كانت لديه خلافات كبيرة معه في ما بعد"، على حد قول نيرومند". ولهذا السبب، يضيف الصحفي الإيراني المستقر في ألمانيا: "لا أعتقد أن يتم إعادة انتخابه رئيسا مرة أخرى. وإذا وقع ذلك بالفعل، فذلك سيعني مجموعه التغيرات في السياسات الداخلية والخارجية، من شأنها أن تقود البلاد لكارثة حقيقة "، حسب قناعة الخبير الإيراني، الذي يضيف:" لا أعتقد أن يحدث ذلك."