هل يشيرالتصعيد الحالي في الشرق الأوسط إلى فشل سياسة أمريكا؟
١٠ يوليو ٢٠١٤"لقد تخلت الولايات المتحدة عن مسؤوليتها كحارسة للأمن وراعية للحوار في الشرق الأوسط"، هذا ما يصرح به حسن منيمنة من صندوق مارشال الألماني في حديث مع DW. ويوضح بأن الشرق الأوسط قد تحول في غضون سنوات إلى منطقة أزمات خطيرة: فإلى جانب ليبيا ومصر وإيران وسوريا يعيش العراق على وقع معارك دامية قد تؤدي إلى تفكيكهإلى دويلات، فيما تتصدر المواجهات الإسرائيلية الفلسطينية الجديدة اهتمام المجتمع الدولي.
بعد إطلاق صواريخ على إسرائيل انطلاقا من قطاع غزة وبعد الرد الإسرائيلي عليها بقصف مواقع داخل القطاع وما خلفه من ضحايا بشرية وخسائر مادية، يبدو أن التوتر في تصاعد مستمر وقد يأخذ أبعادا خطيرة جدا، في حال إن قامت إسرائيل بعملية عسكرية موسعة في قطاع غزة. بعد فشل مبادرة السلام الأمريكية برعاية وزير الخارجية جون كيري، يقف الأمريكيون عاجزين عن فعل أي شيء أمام حطام جهودهم في الشرق الأوسط.
"فوضى نتيجة الفراغ الذي تركته واشنطن"
في هذا الصدد يحمل منيمنة الرئيس الأمريكي باراك أوباما جزءا من المسؤولية لما يحدث في منطقة الشرق الأوسط ويقول: "الكثير من الفوضى في المنطقة يعود إلى الفراغ الذي تركته الولايات المتحدة"، لافتا إلى أن الولايات المتحدة تفتقد لرؤية استراتيجية وبالتالي فهي لم تعد تشكل قوة ضامنة للاستقرار بالنسبة لحلفائها في المنطقة.
من جهتها، اعتبرت صحيفة واشنطن بوست أن المعارك في العراق تشكل مثالا خطيرا على الفشل المبدئي للسياسة الأمريكية في الشرق الأوسط. ووصفت أن إدارة أوباما تنظر إلى الموضوع من منطلق وجود حكومة مشكلة من شيعة وسنة وأكراد، بإمكانها درء سيناريوهات أكثر خطورة في العراق "، وشددت الصحيفة على ضرورة أن تدرك إدارة أوباما أن الواقع يشير إلى أن العراق بصدد التفكك.
أما منيمة فينتقد عدم وجود سياسات برؤى مستقبلية، ويقول: "لم أستطع حتى الآن شرح الأسباب التي دعت إلى تحول سوريا إلى عش للجهاديين بشكل أكبر مما رأيناه في أفغانستان." ويلاحظ أنه كان من الممكن قبل سنوات فعل شيء ما في مواجهة هؤلاء بوسائل بسيطة. "اليوم علينا حشد موارد كبيرة لمكافحة ما يحدث في الوقت الراهن في كل من سوريا والعراق."
وترى صحيفة واشنطن بوست أنه أصبح من العادات السيئة لإدارة أوباما أن تتحرك فقط انطلاقا من انتظارها لمجرى الأحداث وحسب رغباتها لما يلزم تحقيقه عند وضع استراتيجيتها للشرق الأوسط. في هذا الصدد تشير الصحيفة إلى ما وصفته بالمطلب غير الواقعي من المنظور الحالي بتنحي الأسد عن الحكم في سوريا مثلا أو الآمال التي تعلقها على الجينرالات الانقلابيين في مصر لقيادة الشعب إلى الفضاء الديمقراطي المنشود.
مواقف متقلبة وعقائد متضاربة
على صعيد آخر، ينتقد حسن منيمنة من صندوق مارشال الألماني أن الرئيس أوباما متقلب المواقف في سياساته الشرق الأوسطية. ويوضح في هذا السياق أن أوباما قد بلور خلال السنوات الأخيرة ثلاث نظريات متضاربة فيما بينها: ففي العقيدة الأولى تحدث فيما يتعلق بالوضع في ليبيا عن "الاستثناء الأمريكي" ، مشددا على أن السياسة الأمريكية لا تحركها المصالح وإنما أيضا بشكل أكبر المبادئ. أما العقيدة الثانية فتتعلق بالخط الأحمر الذي تحدث عنه أوباما والذي يتمثل في استخدام الأسلحة الكيمائية في سوريا. وفي وست بوينت قام أوباما بتغيير موقفه ب180 درجة، واضعا مصالح بلاده نصب عينيه بغض النظر عما يتم انتهاكه من مبادئ.
على صعيد آخر، يشكك البعض في أن يستجيب رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي للمطالب الأمريكية الداعية إلى تشكيل حكومة وطنية تتكون من ممثلين عن مختلف المناطق والعرقيات والطوائف العراقية. ويبدو أنه ليس بحاجة إلى الدعم العسكري الأمريكي الذي قدمته اشنطن بهدف الاستجابة لمطالبها، حيث يبدو أن إيران وحلفاء آخرون قد عوضوا هذا الدعم العسكري المنشود.
حسب حسن منيمنة فإنه بإمكان الولايات المتحدة تدارك الأمر في المنطقة، ولن يكون الثمن باهضا ، كما يقول، حيث إنها ليست بحاجة إلى إرسال قوات عسكرية أو ضخ أموال طائلة. فالأهم هو أن تعطي لحلفائها في المنطقة الانطباع بأنها لديها رؤية استراتيجة تنهجها في المنطقة وتعمل على تحقيقها. ويشدد منيمة على ضرورة أن تلعب الولايات المتحدة دور "المظلة الحامية" التي يمكن تحتها التوصل إلى اتفاقات إقليمية في المنطقة.