هل يسمع "زئير الجياع" وسط الحركات الاحتجاجية في مصر؟
١٩ يونيو ٢٠١٣"الجياع قادمون"، حركة جديدة تنضم لحملات الحشد والتعبئة الجماهيرية في مصر بعد ظهور حركة "تمرد" المناهضة للرئيس محمد مرسي والتي تطالب بإنتخابات رئاسية مبكرة و"تجرد" التي تجمع توقيعات المؤيدين لإستكمال فترته الرئاسية. الحركة الجديدة تتحدث بإسم "الفقراء والعمال والمعدومين والمهمشين وسكان العشوائيات والمقابر" على حد قولهم وتحشد تلك الفئات للتظاهر أمام قصر الإتحادية الرئاسي يومان قبل اليوم المرتقب في الشارع المصري 30 يونيو. DW عربية تلقي الضوء على الحركة وأهدافها.
"علبة حليب" أطلقت حركة "الجياع قادمون"
"بعد أن انهكنا الفقر ونهشنا الجوع وتولى أمرنا جماعة أدعت الإسلام هو الحل مما جعلنا نسبشر فيهم خيرا.. فوجئنا بسلطة حاكمة تغلف كل شيء بالدين ظانين شر السوء بأنهم هم وحدهم قد هداهم الله"، بتلك الكلمات أتت أفتتاحية بيان حركة "الجياع قادمون". القصة بدأت بعلبة حليب للأطفال كما يروي مدشن الحركة، كريم البدوي، صاحب شركة دعاية وإعلان لـDW عربية. "كان طفلي في حاجة لعلبة حليب من نوع معين ثمنها 47 جنيه ولم أكن أحتكم على المبلغ"، يقول البدوي لDW عربية. ويروي أن ذهبت زوجته إلى إحدى الصيدليات وقامت بإعطاء الصيدلي بطاقتها المدنية (الرقم القومي) رهناً ووعدته بتسديد ثمن العلبة خلال يومين في المقابل أعطاها علبة الحليب المطلوبة. "ما أحساسك بالرجولة وأنت رب أسرة حين تضطر زوجتك لرهن بطاقتها من أجل علبة حليب؟"، تساءل البدوي بحسرة. من هنا أتت الفكرة كما يقول البدوي "بجانب أنني من الناس التي تسكن العشوائيات والمهمشين والمعدمين".
ورغم ان البدوي يظل امام الدولة صاحب شركة دعاية وإعلان إلا انه لم يدخل جيبه قرش منذ فبراير من العام الماضي ويعيش على مدخراته والتي اضطر لإستهلاكها بعد إصابته في قدمه وحاجته لعملية جراحية على حد قوله. وعن الحركة يقول البدوي: "نحن نخاطب المهمشين والمعدمين وسكان العشوائيات نقول لهم إنزلوا حتى يرانا ضعاف البصر والبصيرة". وقد شدد البدوي على تلك النقطة في بيانه الذي يوزعه حيث كتب: "باسم الأحياء الأموات التي أوقعها الفقر وأنياب الجوع في قبر الحياة..نعلن صرخة وزئير الجياع حتى يرانا الحاكم..لنثبت شرعيتنا وحقنا في الحياة".
"الجياع قادمون" تنسق مع "تمرد" لتظاهرات حاشدة في 30 يونيو
عدد المنضمين للحركة يقارب 10 الاف مواطن حتى الآن حسب إعلان البدوي لDW عربية. ويغطي أعضاء الحركة معظم محافظات مصر من الدلتا للصعيد وحتى سيناء. وتعتمد الحركة على توزيع البياتنات وتعليق المنضمين لها لافته كتب عليها دوافع الحركة في شرفات منازلهم وكذلك صفحتهم على موقع التواصل الإجتماعي فيسبوك. تلك الصفحة التي عن طريقها إنضم للحركة هشام محي الدين من بورسعيد ليصبح منسقا للحركة في المدينة الساحلية. ويقول محي الدين لDW عربية: "أنضممت للحركة لأن حال البلد في النازل والمشهد السياسي صفر بل وأقل من الصفر فنحن حالياً نعيش في مهرجان". وقد أكد محي الدين على التنسيق بين حركتهم وحركة تمرد حيث ترتبط الحملتين بالنزول يوم 30 يونيو في تظاهرات حاشدة ضد النظام للمطالبة بإنتخابات رئاسية مبكرة.
البدوي الذي وقع على استمارة تمرد كشف عن تنسيق بين الحملتين في بعض المناطق في القاهرة أيضاً. ونفى البدوي أن يكون الجوع الذي يتحدث عنه هو فقط الطعام بل "أنا جعان أمن وصحة وتعليم وعمل". ويرى البدوي أن مصر "وقعت في عصابة"- في إشارة إلى جماعة الإخوان المسلمين مطالباً الناس بالنزول أيام 28 وحتى 30 يونيو وعدم الخوف مما أسماهم "القتلة والإرهابيين" والذي يراهم يتصدرون المشهد السياسي حالياً في مصر. وفسر الرجل الأربعيني إختياره ليوم 28 لدعوة أنصار حملته للنزول برغبته في عمل تراكم عددي يراه الناس ليتشجعوا على النزول جميعاً يوم 30 يونيو. وقد شدد البدوي على سلمية تظاهرات حملته للجياع نفاياً كل التكهنات بتوقعات حدوث أعمال عنف إذا ما حدثت "ثورة جياع". وأنهى البدوي حديثه لDW عربية مؤكداً على ثقته في نجاح حركته وحركة تمرد في الوصول لمبتغاهم في إنتخابات رئاسية مبكرة موضحاً: "لا يهمني من يحكمني المهم أن يوفر لي أبسط متطلبات الحياة".
زياد عقل: "الحركة تفقد للخبرة السياسية وموعد ظهورها غير مناسب".
ولتحليل ظهور تلك الحركة كان لDW عربية حديث مع زياد عقل، الباحث في مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية والمهتم بشئون الحركات الاحتجاجية. ويقول عقل: "خلال أخر عامين بل ومن قبلها لم تظهر حركة من تلك الطبقات التي تتحدث عنها تلك الحركة". ويتابع: " دور الطبقات الإجتماعية في تراجع وظهور تلك الحركة يعني أن هناك شعور بالتهميش من جانب تلك الطبقات وأن هناك مصالح مشتركة بينها وبين طبقات إجتماعية أخرى". رغم ذلك استبعد عقل نجاح تلك الحركة لعدة أسباب فندها قائلاً: "أولاً، تلك الطبقات صعب حشدها لأن هناك صعوبات كبيرة للوصول إليها عن طريق الإعلام". ويكمل: "ثانياً، كي تحشد تحتاج إلى موارد تلك الموارد هي أموال وقيادات وعدد حالياً كل ما يملكوه هو العدد ولن يستطيعوا أن يستغلوه لعدم التنظيم".
ويرى عقل أن ظهور تلك الحركة في الوقت الراهن غير مناسب في المجال السياسي "كان يجب الصبر حتى 30 يونيو ورؤية ما ستسفر عنه حركة تمرد". واستبعد الباحث السياسي إمكانية أن تحتوي تمرد حركة "الجياع قادمون" مفسراً ذلك بأن تمرد حركة غير مركزية وليس لديها الهيكل التنظيمي الذي يسمح بذلك. ويعتقد عقل أن مطلقي حركة "الجياع قادمون" ليس لديهم خبرة سياسية كبيرة حيث يفتقدون لأشياء كثيرة – على حد قوله. ويفسر ذلك قائلاً: "إذا كان تعريفهم للجوع هو الطعام فهنا هي تخاطب فئة معينة أما إذا كانوا يقصدون مشكلات البلد كالأمن والتعليم وهكذا إذن فهم ليسوا حركة للجياع فقط بل لطبقات كثيرة تعاني من تلك الأشياء أيضاً". ويتابع: "كذلك إستخدامهم لصفحة على الفيسبوك لا يصل للجياع بل شريحة إجتماعية مختلفة تماماً". أما عن سلمية تظاهراتهم فيقول أن مصر لم تصل بعد لمرحلة "ثورة الجياع" لكنها إذا وصلت لهذه المرحلة "لازم هتبقى عنيفة الناس ستخرج لحاجة إنسانية ولا يمكن أن تكون تلك منظمة".