ماذا لو اعترف لاعب كرة عربي بمثليته الجنسية؟
١١ يناير ٢٠١٤مازالت ردود الأفعال حول إعلان لاعب سابق في المنتخب الألماني لكرة القدم معروف عن مثليته الجنسية متواصلة في الشارع الألماني. خطوة اللاعب الدولي الألماني السابق توماس هيتسلسبيرغر أثارت الكثير من ردود الأفعال الإيجابية في الأوساط السياسية و الرياضية في بلد يعتبر متسامحا، إلى حد ما، مع موضوع المثلية الجنسية. وعلق المتحدث الرسمي باسم الحكومة الألمانية شتيفن زايبيرتعلى الموضوع قائلا: "هذا الإعلان يظهر أننا نعيش في بلد لا يخشى فيه أحد أن يكشف عن ميوله الجنسية لأسباب تتعلق بالتعنت أو التشدد".
وكان هيتسلبيرغر كشف عن هذا الموضوع لأول مرة خلال حوار أجرته معه صحيفة "دي تسايت" الأسبوعية الألمانية مؤكدا أنه يشعر بقدرته على التحدث عن هذا الموضوع، خاصة بعد انتهاء مسيرته المهنية كلاعب كرة قدم. ويعد لاعب نادي شتوتغارت الألماني السابق أول لاعب ألماني بارز يكشف عن مثليته الجنسية.
خطوة جريئة!
وعلى الصعيد العالمي سبق أن بادرت قلة قليلة من الرياضيين إلى الكشف عن ميولهم الجنسية المثلية، و منهم الأمريكيان روبي روجر لاعب كرة القدم و جاسون كولينز لاعب كرة السلة في دوري المحترفين، ورغم أن هناك تسامحا مع المثلية الجنسية في ألمانيا إلا أن الموضوع مازال يعتبر بمثابة محرم في عالم الرياضة، مثل لعبة كرة القدم التي تعتبر رياضة ذكورية بامتياز، و تستقطب ملايين المعجبين بنجومها الذين تحظى حياتهم الشخصية أيضا بمتابعة واسعة، و هذا ما فسر به البعض إقدام هيتسلسبيرغر على هذه الخطوة فقط بعد انتهاء نشاطه الكروي.
وتناقلت وسائل الإعلام الألمانية الخبر باهتمام كبير و بترحيب بخطوة هيتسلسبيرغر "الجريئة" واعتبر بعضها أن اللاعب الألماني تحول بذلك إلى "قدوة للمثليين"، وأنه سيفتح بذلك نقاشا من جديد حول حقوق المثليين و تعامل المجتمع معهم. كما لقي الموضوع متابعة كبيرة على مواقع التواصل الاجتماعي.
"تابو" في العالم العربي
وإذا كان موضوع كهذا قد أثار اهتماما كبيرا واعتبر خطوة شجاعة وغير مسبوقة في بلد كألمانيا، فما هي ردود الفعل لو أن لاعبا عربيا لكرة قدم أعلن عن خبر كهذا؟
الخبير الاجتماعي المغربي مصطفى الشكدالي يجيب على هذا السؤال بالقول" أكيد أن خطوة كهذه لو فعلها لاعب كرة قدم مغربي أو عربي فسيسقط بالتأكيد في أعين محبيه ومتابعي كرة القدم بشكل عام و ستتم مهاجمته بسبب ذلك". وعن أسباب ذلك يقول الشكدالي ل DW عربية " لا ينبغي المقارنة بين مجتمع كالمجتمع الألماني والمجتمعات العربية، لأن لكل مجتمع منطقه و مراحل تطوره وقيمه، وللاعتراف بفئة كهذه ينبغي أن تكون هناك شروط تاريخية واجتماعية في المجتمع المعني وكل ما يخرج عن المعتاد خصوصا في مسألة الجنس يقابل بالكثير من الهجوم و الرفض في مجتمعاتنا". ويعتقد الخبير المغربي أنه لا يوجد هناك لاعب كرة قدم عربي يجرؤ على إعلان مثليته الجنسية لأسباب متعددة: أولا لأن ذلك سيعني نهاية مساره الكروي، وثانيا لأنه لن يجد وسائل إعلام مستعدة لنشر خبر كهذا بسبب الرقابة المفروضة على هذا الموضوع.
"فاطمة" التي أصبحت "محمد"
وقبل بضعة أشهر أعلنت عميدة المنتخب التونسي لكرة القدم أنها تحولت إلى رجل، يستعد للزواج قريبا. "فاطمة علي المليح" أجرت عملية جراحية لتغيير الجنس بعد اكتشاف هيمنة الهرمونات الذكورية على جسدها لتتحول إلى "محمد علي المليح". فاطمة التي لعبت أيضا في صفوف منتخب الإمارات للسيدات صرحت وقتها أنها كانت تشعر بالخجل من تغيير ملابسها في حجرات الملابس و أن ما أدى بها إلى اكتشاف حقيقتها الجنسية هي وقوعها في حب فتاة.
ويعتبر الشكدالي أن الاعتراف بميول كهذه من شأنه أن يؤثر على حياة اللاعب أو الشخص المشهور في كل الحالات، و مهما كانت طبيعة المجتمع الذي يعيش فيه، وقد يصل ذلك إلى التشكيك في كفاءته أو قيمته في المجال الذي يشتغل فيه، رغم أن لا علاقة لميوله الجنسية بذلك، وهذا ناتج عن أن هناك تمسكا في أذهان الناس بأن العلاقة الجنسية تتم فقط بين الرجل والمرأة، لهذا نجد أنه لو أخفق هذا اللاعب في تحقيق إنجاز ما أو تراجع أداؤه سوف تتم معايرته بمثليته الجنسية قبل أي شيء آخر.
وكان كاتب مغربي أعلن في وقت سابق عن ميوله المثلية في سابقة من نوعها في المغرب. وأثار موقفه آنذاك جدلا كبيرا و انتقادات من عدة جهات وصلت إلى حد الدعوة إلى مقاطعة إنتاجه الأدبي والندوات التي يشارك فيها، ومازال المثليون في العالم العربي عرضة للهجوم و الانتقاد، حيث ينظر إليها كفئة مرفوضة من المجتمع. وظهرت في السنوات الأخيرة مبادرات من طرف مجموعات من المثليين و الحقوقيين من أجل الاعتراف بهم و بحقوقهم لكنها أيضا لاقت الكثير من الجدل والانتقادات.