هل يتجاوز "التقارب" الإيراني السعودي مرحلة جس النبض؟
١٩ يناير ٢٠١٧أكد الرئيس الإيراني حسن روحاني أن ما لا يقل عن عشر دول عرضت التوسط بين السعودية وإيران، وربط بين تطبيع العلاقات بين البلدين وتغيير السعودية لسياساتها في المنطقة، وهو نفس الشرط الذي تضعه الرياض إذ تؤكد على ضرورة التزام طهران بعدم التدخل في الشؤون الداخلية لدول المنطقة. وبغض النظر عن هذه الانتقادات المعتادة والمتبادلة بين الجانبين، فإن الملفت هو الكشف عن جهود الوساطة الجارية بين البلدين في مؤشر عن احتمال حدوث اختراق ما قد يكسر جبل الجليد ويفتح صفحة جديدة في العلاقات بين البلدين ودول المنطقة بأسرها.
وبهذا الصدد أوضح حسين رويوران خبير الشؤون الإيرانية في حوار مع DW أن الموقف الإيراني "تكرر على لسان ثلاثة مسؤولين إيرانيين: أمين المجلس القومي الإيراني علي شمحاني، ثم رئيس الجمهورية علي روحاني وأخيرا وزير الخارجية جواد ظريف". وهذا ما يؤكد حسب الخبير الإيراني أن الأمر لا يتعلق باجتهادات فردية، وإنما بموقف النظام الإيراني. غير أن حجم الخلافات المعقدة التي تراكمت طوال عقود بين الطرفين قد تحول دون حدوث اختراق فعلي وسريع رغم مغريات المكاسب الموضوعية التي قد يحققها التقارب بين البلدين.
تحول في لهجة الطرفين؟
في رد على سؤال بشأن ما إذا كان العراق والكويت عرضا المساعدة لطي الخلافات بين الرياض وطهران قال الرئيس الإيراني حسن روحاني "هناك العديد من الدول، ذكرتم العراق والكويت. هناك ثماني أو عشر دول أخرى في ذهني الآن تحدث مسؤولوها معنا بشأن ذلك". وأوضح روحاني أن إيران لا تسعى لاستبعاد السعودية من سياسات المنطقة وستقدم المساعدة للرياض "إذا اتخذت القرار الصحيح" مشيرا إلى ضرورة وقف تدخلها العسكري في اليمن وامتناعها عما وصفه بالتدخل في الشؤون الداخلية للبحرين. ومن مؤشرات الانفراج أيضا ما أكده مسؤول إيراني أن السعودية وجهت دعوة لطهران لمناقشة ترتيبات الحج خلال الموسم المقبل.
وبدوره رد وزير الخارجية السعودي عادل الجبير على هذه التصريحات مؤكدا أن العلاقة مع إيران لا تزال متوترة ويجب على طهران الكف عن "أفعالها العدائية" لتحسين العلاقات. وبهذا الشأن أكد المحلل السياسي السعودي محمد عبد الله آل زلفة في حوار مع DW أن شروط الرياض واضحة بهذا الصدد وتتعلق "بامتناع إيران عن التدخل في الشؤون الداخلية لدول لمنطقة". ويضيف آل زلفة النائب السابق في مجلس الشورى السعودس أنه في حال تحقق هذا الشرط فإن الرياض "سترحب بكل أريحية بأي تقارب". من جهته أكد ظريف أن إيران والسعودية يجب أن تعملا معا للمساعدة على إنهاء الصراعات في سوريا واليمن بعد التعاون بنجاح بشأن لبنان العام الماضي.
إرث ثقيل وخلافات لا تنتهي
لعل آخر فصول تدهور العلاقات بين القوتين الإقليميتين هو ما وقع بعد وفاة مئات من الحجاج ومعظمهم إيرانيون في حادث تدافع أثناء موسم الحج عام 2015. وقالت إيران يومها إن عدم كفاءة المنظمين كانت سببا في وقوع الكارثة وقاطعت الحج العام الماضي. وساءت العلاقات مرة أخرى بعدما أعدمت السعودية رجل الدين الشيعي نمر باقر النمر وما تلاه من احتجاجات إيرانية عارمة أدت لاقتحام السفارة السعودية في طهران، وهو ما ردت عليه الرياض بقطع العلاقات الدبلوماسية والتجارية مع طهران.
كما يخوض الجانبان حروبا بالوكالة في عدد من ساحات الصراع في اليمن والبحرين والعراق ولبنان وسوريا. ويقفان على طرفي نقيض في كل الأزمات التي تشهدها المنطقة.
تغيرات إقليمية متسارعة
في حواره مع DW أكد رويوران أن "هناك استحقاقات سياسية على المستوى الإقليمي من بينها استلام إدارة ترامب قريبا لمهامها، وهي إدارة لا تتوافق لا مع إيران ولا مع السعودية". واستطرد بهذا الصدد أن "السعودية تعاني من حرب الاستنزاف في اليمن ومن التهاب الوضع في البحرين ومن قمع انتفاضة هذا الشعب. كما أنها تخسر إقليميا في سوريا والعراق. وبعثت بمندوب لترامب ورفض أن يستقبله". وأضاف أن السعودية يمكن أن تخرج من هذا المأزق بالتعاون مع إيران. وبهذا الشأن قال وزير الخارجية الإيراني في المنتدى الاقتصادي العالمي في دافوس "لا أرى سببا في أن تكون هناك سياسات عدائية بين إيران والسعودية. حقيقة يمكننا العمل معا لإنهاء الأوضاع المأساوية لشعوب سوريا واليمن والبحرين وغيرها من دول المنطقة".
غير أن آفاق التطبيع بين الجانبين لا يزال يسودها الغموض أمام حجم العداء المتراكم، ولا يزال كل طرف يطرح شروطا قد لا يقبلها الطرف الآخر. وبهذا الصدد قال آل زلفة "موقف الرياض واضح ويشترط عدم تدخل إيران في دول المنطقة، في البحرين والكويت واليمن وفي سوريا ولبنان..". وهذا ما يعني عمليا أن حظوظ نجاح محاولات التقارب بين الجانبين قد لا تتعدى مرحلة جس النبض.
حسن زنيند