هل فشل الإسلام السياسي في ليبيا؟
٣٠ أبريل ٢٠١٤تحت شعارِ "معًا نرسخُ الديمقراطيةَ والتوافق" انطلقت في العاصمة الليبية طرابلس يوم السادس والعشرين من أبريل/ نيسان الجاري، فعالياتُ المؤتمر الأول لحزب العدالة والبناء الإسلامي الذي شهد انتخابَ محمد الصوان رئيسا جديدا للحزب والهيئة العليا لدورة رئاسية جديدة تدوم أربع سنوات.
وفي تصريح أدلى به لـDWعربية عقب انتخابه، قال الصوان "تمر ليبيا بفترة حساسة وحزب العدالة والبناء رغم قصر تجربته إلا انه استطاع أن يكون حاضرا في المشهد السياسي على مستوى المشاركة في الحكومة وبالتالي نعتبر أن تجربتنا قوية جدا لكن لا بد من تطوير حزبنا في البناء الحزبي وفي القدرة على التواصل مع بقية مكونات المجتمع الليبي".
وبالفعل، لم يتأسس حزب العدالة والبناء إلا منذ سنتين فقط، في ما يعتبره العديد من المراقبين الذراع الطويلة لتنظيم الإخوان المسلمين داخل ليبيا؛ الأمر الذي يرفضه محمد صالح الشلماني القيادي في حزب العدالة والبناء، مشددا أن حزبه حزب مدني ذو مرجعية إسلامية يطمح أن يكون وسطيا منفتحا على غيره. ويضيف الشلماني في هذا السياق قائلا لـDWعربية: «نحن نختلف عن حزب النهضة التونسي وحزب الحرية والعدالة في مصر. نحن في ليبيا قررنا أن نطلق مبادرة لحزب سياسي مدني لا علاقة له بالحركة الدينية الدعوية على غرار الكثير من الأحزاب الإسلامية العربية الأخرى".
"فشل" الإسلام السياسي
قيادات الحزب الإسلامي تعتبر أن الاتهامات الموجهة للحزب مصدرها قوى الثورة المضادة وأزلام نظام قديم جائر ودكتاتور يريد أن يخلخل الثقة في حزب العدالة والبناء ويوهم الناس بأنه يمارس سياسة الإقصاء خشية أن يصل تيار آخر للحكم. بيد أن المتجول بين شوارع العاصمة طرابلس، سريعا ما يصادف شعارات مكتوبة على جدران المدينة تعكس آراء الشارع الليبي، وتتحدث عن فشل الإسلام السياسي في ليبيا، بل وهناك من يشكك في دعوة محمد الصوان إلى إعادة صياغة حوار وطني يجمع كل التيارات السياسية في ليبيا، معتبرين أن الأحزاب الإسلامية جميعها تجند قياداتها المسلحة في المدن الليبية من أجل تمديد الفترة الانتقالية للبقاء مدة أطول في السلطة.
من جهته، يعتقد الباحث والمحلل السياسي الليبي إسلام الحاجي بأن حزب العدالة والبناء يستخدم السلاح وسيلة لبسط سلطته دون التفكير في مصلحة ليبيا الوطنية. وقد أفاد لـDWعربية أن "الانتقال السياسي في ليبيا أصبح يعيش مطبات كثيرة بسبب الصراع بين الكتل السياسية. والمطلوب الآن مرحلة انتقالية ثالثة بانتخاب رئيس وبرلمان جديدين لكن الصراع المستميت على السلطة بين طرف إسلامي وآخر ليبرالي يجعل الديمقراطية بعيدة عن متناول الليبيين الذين دفعوا دماءهم من أجلها". ويعتبر الحاجي أن الإسلام السياسي لا يريد دولة قانون ومؤسسات، ومن ثمة فهو "مطالب" بمراجعة خياراته والتنازل من أجل مصلحة البلاد وقيام الدولة. ويوضح الأخير أن "الجماعات الإسلامية المسلحة التي تعد الطرف الغالب في ليبيا لا تريد بناء مؤسسة جيش وطني وشرطة ليبية، لأن خطوة كهذه من شأنها أن تقلص من سلطة الأحزاب في ظل غياب الأجهزة الأمنية وهو ما سيفتح أمامها مجالا أكبر للسيطرة على البلاد".
دولة المؤسسات
ويعقد مراقبون للشأن الليبي إلى أن أكبر كميات السلاح المتواجدة في ليبيا تسيطر عليها كتائب الأحزاب الإسلامية التي رفضت مرارا مبادرات تجميع اثنين وعشرين مليون قطعة سلاح خفيفة ومتوسطة وثقيلة. في ما يختم الحاجي حديثه قائلا: "نحن الليبيون لسنا ضد الإسلام السياسي، وإنما نريد إسلاما سياسيا يسعى إلى مصلحة الوطن ويعمل على بناء مؤسسات الدولة المدنية الحديثة"، ويستشهد الأخير بما حدث في تونس حين تنازلت حركة النهضة عن السلطة في تونس من أجل مصلحة البلاد.
غير أن الحاجي يتدارك هنا ليعتبر أن الفرق شاسع بين الوضع التونسي ونظيره الليبي، خاصة بوجود مؤسسة الجيش والأجهزة الأمنية الأخرى التي تعمل في تونس على إرساء دولة المؤسسات، أما في ليبيا فالجماعات المسلحة لها أذرع داخل الأحزاب السياسية الممثلة في السلطة .