هل عمليات الإعادة على الحدود البرية الأوروبية قانونية؟
١٢ سبتمبر ٢٠٢٢في يونيو/حزيران المنصرم، عندما حاول حوالي 2000 مهاجر دخول جيب مليلية من المغرب، فقد ما لا يقل عن 27 شخصًا حياتهم وأصيب آخرون بعدة بجروح خطيرة.
تمكن العشرات من المهاجرين القادمين من دول إفريقيا جنوب الصحراء من تجاوز السياج العالي المحيط بالمدن الإسبانية، وتم نقلهم إلى مراكز استقبال المهاجرين المؤقتة. وحسب منظمات حقوق الإنسان، قامت السلطات الإسبانية "بإبعاد" آخرين، مما يعني أنهم طُردوا على الفور وتمت إعادتهم إلى المغرب دون منحهم الفرصة لطلب اللجوء.
وأعرب خبراء من الأمم المتحدة وآخرون عن قلقهم بشأن هذه الممارسة التي يقولون إنها تنتهك القانون الأوروبي لحقوق الإنسان. لكن رأي المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان (ECtHR) يناقض رأي الخبراء، إذ ترى أن عمليات الإعادة على الحدود البرية لأوروبا، أو "عمليات الإعادة السريعة"، لا تنتهك بالضرورة الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان.
قضية حاسمة
في عام 2020 رفع مهاجران (ن.د) و(ن.ت) قضية ضد إسبانيا، وهما مهاجران أحدهما ينحدر من مالي والآخر من ساحل العاج، كانا قد تسلقا السياج المحيط بمدينة مليلية.
قضى قرار المحكمة أنه كان بإمكانهما التقدم بطلب للحصول على حماية دولية عند نقطة عبور حدودية أو في سفارة إسبانية. لكن وفقًا للمهاجرين والخبراء، يُمنع المهاجرون السود من إفريقيا جنوب الصحراء من الاقتراب من المراكز الحدودية، وباستثناء حالات لم شمل الأسرة، لا توجد إجراءات لطلب اللجوء في سفارة أو قنصلية إسبانية في الخارج.
ووجدت المحكمة أن المهاجرين تصرفا أيضا بشكل غير قانوني عبر عبور الحدود كجزء من مجموعة كبيرة وبالقوة. لذلك، اعتبرتهم مسؤولين عن عدم قدرتهم على تفعيل حقوقهم.
الضوء الأخضر!
تجري إسبانيا عمليات إعادة وصد منذ عام 2005. بعد حكم المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان لعام 2020، اعتبر بعض الخبراء القانونيين أن اسبانيا حصلت على الضوء الأخضر.
المعروف أن الإجراء الشائع في مليلية هو أنه بمجرد وصول المهاجرين إلى الأراضي الإسبانية، تتم إعادتهم إلى المغرب دون أي إجراءات أو فرصة أخرى لطلب اللجوء.
حدث هذا في 24 يونيو/حزيران 2022 ، وفقًا لشهادات مهاجرين أفارقة. أترون، شاب سوداني، حاول 10 مرات الدخول إلى مليلية، قال إنه رُحِّل قسرا إلى المغرب بعد أن وصل إلى أراضي الاتحاد الأوروبي. وقال أترون في تصريح لـ DW "يقومون بإعادتنا إلى المغرب. في بعض الأحيان يسمحون لضباط الشرطة المغربية أن يأخذونا، يعتقد معظم المهاجرين أنهم نجحوا بمجرد عبورهم الحدود. لكنهم غالبًا ما يتم صدهم وإعادتهم."
الصحفي الإسباني خافيير أنغوستو، صرح لـ DW أنه شهد على ترحيل 30 إلى 40 مهاجراً نحو المغرب بعد أن نجحوا في الوصول إلى الأراضي الإسبانية.
علاوة على ذلك ، اعترف رئيس حكومة مليلية، إدواردو دي كاسترو، بأنه لم يتم منح جميع المهاجرين الذين حاولوا تخطي السياج في 24 يونيو/حزيران فرصة لطلب اللجوء.
ا شيء لدي لأخسره!
حتى لو اعتُبر حكم المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان متماشياً مع سياسة الإعادة السريعة، تظل إسبانيا ملزمة بالالتزامات القانونية الأخرى، مثل حظر الإعادة القسرية. في حالة المهاجريْن (ن.د) و(ن.ت)، "كانت إسبانيا محظوظة لأنه من بين جميع الأشخاص الذين أُعيدوا، لم يتمكن المشتكون من إثبات حاجتهم إلى الحماية في المحكمة"، حسب آنا لوب، أستاذة القانون العام في ألمانيا.
ذلك يعني أنه إذا تعرض أي من المهاجرين السودانيين والتشاديين الذين تم إبعادهم في 24 يونيو / حزيران للاضطهاد أو التعذيب أو غيره من الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان، فسيكون طردهم من مليلية غير قانوني.
قال أترون، الذي كان يخطط لمحاولته التالية للقفز وتخطي سور مليلية عندما استجوبته DW، إنه لا يريد العودة إلى وطنه تحت أي ظرف من الظروف. يقول: "عليك إما الانضمام إلى الجيش أو البحث عن عمل غير قانوني. سأحاول مرارا وتكرارا، لم يبق لدي شيء لأخسره".