هل توجه إسرائيل ضربة للمنشآت الإيرانية دون موافقة واشنطن؟
٦ مارس ٢٠١٢ثمة من يقول إن توجهات الشارع العربي في الغالب تستبعد وقوع صدام عسكري بين إيران و بين إسرائيل، كما تستبعد قيام الأخيرة بضرب منشآت إيران النووية. وفي واقع الأمر تبدو الآراء منقسمة في اتجاهين، أحدهما - ويمثل رأي الأغلبية - يستند إلى "نظرية المؤامرة" ويفترض وجود تحالف غير معلن بين الدولتين يسعى إلى إضعاف العرب، وبالتالي فإن الحديث عن وقوع صراع مسلح بين البلدين هو ضرب من الخيال حسب أصحاب هذا الرأي، فيما يرى الرأي الآخر - وهو رأي ألأقلية - أن إسرائيل لا تجرؤ على ضرب إيران لأسباب يعزوها أصحاب هذا الرأي إلى قوة إيران وتأثيرها في إستراتيجيات المنطقة ودورها في التوازانات الدولية .
لكن سؤالا مهما يطرح نفسه في جزئيات هذا الملف: هل تستطيع إسرائيل أن توجه لوحدها ضربة لمفاعلات إيران النووية كما فعلت مع المفاعل العراقي عام 1981 والمفاعل السوري عام 2007؟ حسني عبيدي المتخصص بشؤون الشرق الأوسط وشمال افريقية تحدث إلى DWعربية مجيبا عن هذا السؤال بالقول: "أعتقد أن إسرائيل لديها قبل كل شيء القدرة السياسية على توجيه ضربة خاطفة لإيران، بمعنى أنه ليس هناك أي فيتو ضد قيامها بهذا العمل، كما أن إسرائيل تمتلك القدرة العسكرية تحت مظلة ترسانتها النووية على توجيه مثل هذه الضربة" .
"يستحيل أن تتعايش إسرائيل مع دولة نووية معادية"
ملف إيران النووي أصبح تحت الأنظار منذ عام 2002 ، وقد فاقم من جدية التهديد إيران النووي تعاملها مع المنظمة الدولية للطاقة الذرية التي سعت دون جدوى للاطلاع على مراحل التصنيع التي يمكن أن تؤهل هذا البلد لامتلاك قنبلة نووية. ويرى خطّار أبو دياب الخبير في العلاقات الدولية في حوار مع DWعربية أن "اقتراب إيران من القدرة على إنتاج قنبلة نووية قد أدى إلى تصعيد لهجة التهديد في خطاب إسرائيل التي ترى أن اقتراب إيران من الحصانة النووية سيحولها إلى قوة قادرة على الابتزاز والمساومة بالردع مع القوى الأخرى في المنطقة خصوصا وأنها تملك عناصر قوة أخرى تؤهلها لهذا الدور. وعلى العموم لا أعتقد أن إسرائيل يمكن أن تقدم على أي عمل عسكري موجه ضد إيران دون الحصول على موافقة ضمنية من واشنطن".
إيران دأبت على التأكيد على سلمية برنامجها النووي، لكن مخاوف إسرائيل ما زالت قائمة من هذا البرنامج وقد ذهب المحلل السياسي الإسرائيلي شاؤول منشّه في حديث إلى برنامج مشترك مع DWعربية إلى شرح احتمالات قيام إسرائيل بتوجيه ضربة إلى إيران بالقول: "هناك ثلاثة شروط لقيام إسرائيل بهجوم على المنشآت النووية الإيرانية، أهمها هو التأكد من أن إيران تجتاز نسبة %20 في تخصيب اليورانيوم لتعبر إلى مرحلة إمكانية إنتاج سلاح نووي، ويتم التأكد من هذه المسألة عبر مراقبة جوية مستمرة من قبل الاستخبارات الإسرائيلية والاستخبارات المركزية الأمريكية لإيران ". ومضى منشّه، الذي عمل لسنوات طويلة في إذاعة إسرائيل العربية، إلى القول: "من أول المستحيلات هو أن تتعايش إسرائيل مع دولة معادية في الشرق الأوسط تمتلك سلاحا نوويا".
"إيران: سياسة حافة الهاوية"
ويرى بعض المراقبين أن إيران تنتهج أسلوبا ذكيا في التعامل مع التحديات التي يطرحها ملفها النووي من خلال اعتمادها سياسة حافة الهاوية. ويتفق شاؤول منشه مع هذا الرأي ويقول: "إن إيران تهاجم السفارة البريطانية في طهران وتقطع النفط عن أوروبا وتهدد حاملات الطائرات الأمريكية في الخليج، ولكنها في ذات الوقت تقول إنها لا يمكن أن تتنازل عن صداقتها مع أوروبا وهي منفتحة للمفاوضات، وهذا يدل على حذر في السياسة. نحن نأمل أن تفعل العقوبات فعلها ولن نحتاج حينها إلى ضربة عسكرية لن تحمد عقباها لمنطقة الشرق الأوسط قاطبة".
ويستبعد أغلب المتخصصين بشؤون الشرق الأوسط وقوع حرب نووية حتى إذا امتلكت إيران قنبلة ذرية. ويعزو البعض منهم هذا التصور إلى عوامل جيوسياسية تمنع وقوع مواجهة مثل هذه، والى ذلك أشار الخبير حسني عبيدي معتبرا "أن التوازن النووي يمنع إسرائيل من القيام بتوجيه ضربة نووية لإيران. أستبعدُ سيناريو قيام حرب تقليدية طويلة الأمد بين إسرائيل وإيران، والحديث هنا يدور حول ضربة خاطفة تشل قدرات إيران وتثنيها عن الاستمرار في برنامجها النووي".
من جانبه أشار الخبير الإسرائيلي منشّه إلى أن بلاده تستبعد قيام إيران بتوجيه ضربة نووية لها مشيرا إلى أن الخطر يكمن في "أن إيران إذا امتلكت قنبلة نووية فسوف يزيد نفوذها السلبي الإرهابي المدمر في الشرق الأوسط ، وهذا يتضمن احتمال أن تعطي إيران إلى إحدى المنظمات الإرهابية في المنطقة قنبلة نووية تكتيكية يمكن أن تستخدم لضرب منشآت إسرائيل، ويعلم الله متى سيمكن العثور على منفذي مثل هذه الضربة".
ملهم الملائكة
مراجعة: أحمد حسو