هل تفتح الأزمة السياسية في مصر شهية العسكر للعودة للحكم؟
١٨ مارس ٢٠١٣في ضوء الأزمة الدائرة في مصر التي أفرزت حالة من الشلل السياسي والاقتصادي مصحوبة بتصاعد وتيرة الاحتجاجات الشعبية ودعوات للعصيان المدني في العديد من المحافظات، أطلقت المؤسسة العسكرية المصرية في أكثر من مناسبة تحذيرات من أن يدفع تفاقم الصراع السياسي والقضائي البلاد للانهيار. وبالرغم من حرص المؤسسة العسكرية على النأي بالنفس عن التدخل في الشؤون السياسية إلا أنها توعدت في الوقت نفسه بمواجهة كافة أشكال الانفلات والفراغ الأمني. في الجانب الآخر يواجه الرئيس المصري محمد مرسي وجماعة الإخوان المسلمين اتهامات بسوء إدارة البلاد وتهميش القوي السياسية الأخرى المعارضة، فضلا عن اللجوء للحل الأمني لاحتواء موجة الاحتجاجات.
في غضون ذلك بدأت بعض الأصوات تطالب بتدخل الجيش لإنقاذ البلاد من "تسلط الإخوان" وحماية مصر من الانقسام والانهيار. ليس هذا فحسب بل بادر مواطنون في جمع توكيلات لوزير الدفاع الفريق أول عبد الفتاح السيسي أسوة بما تم للزعيم المصري الراحل سعد زغلول. مراقبون آخرون حذروا من ثورة جديدة يقودها الفقراء والـ "الجياع" في إشارة إلى تردي الوضع الاقتصادي والمعيشي في قطاعات كبيرة، بعد أن أضحى الوضع السياسي والاقتصادي والاجتماعي وأيضا الأمني يهدد أمن الدولة وتماسكها. فهل تضطر المؤسسة العسكرية للتدخل مجددا في السياسة والإمساك بمقاليد السلطة؟
"الضبطية القضائية" واللجان الشعبية، بداية لفوضى أمنية؟
حذر وزير الدفاع المصري الفريق أول عبد الفتاح السيسي من استمرار الصراع بين مختلف القوى السياسية على إدارة شؤون البلاد وما قد ينجم عنه من "انهيار للدولة"، حسب وصفه. ويأتي ذلك في وقت يثير فيه موضوع تفعيل "الضبطية القضائية للمواطنين" والحديث عن تشكيل لجان شعبية تتولى حفظ الأمن جدلا واسعا تصاحبه مخاوف من انزلاق البلاد إلى فوضى أمنية. أحمد كامل، عضو المكتب السياسي للتيار الشعبي المعارض، حذر من تداعيات تفعيل "الضبطية القضائية" وإخراجها من سياقها القانوني منبها إلى أنها "تكرس العنف وتفسح المجال أمام المواطنين للدخول في مواجهات"، فضلا عن تمهيدها لـ "ظهور ميليشيات تابعة لتيارات مختلفة". وخلال مشاركته في برنامج شباب توك على قناة DWعربية اعتبر أيضا أن "مصر بمثل هذه الخطوات تمشي على خطى ثابتة على نهج ثورة 1979 بقيادة الخميني".
وبدوره أعرب كريستيار أخراينر، خبير شؤون الشرق الأوسط في الجمعية الألمانية للسياسة الخارجية، عن مخاوفه من "إساءة استخدام هذا الحق"، لاسيما في ضوء الوضع الهش والمعقد الذي تعيشه مصر وأيضا في ظل وجود مجموعات كثيرة ذات أهداف مختلفة مما قد يقود في رأيه إلى مزيد من الفوضى. في حين استبعد اللواء السابق أحمد رجائي وخبير الشؤون العسكرية والأمنية، في حديث مع DW عربية مثل هذه السيناريوهات وشدد على أن الشعب المصري "لن يقبل بوجود ميليشيات تتولى ضبط الأمن كما أن الجيش والشرطة لن يسمحا بوجود أي شيء خارج الأعراف المتأصلة في المجتمع المصري".
"أخونة" مؤسسات الدولة.. مجرد مخاوف؟
على صعيد آخر تعالت تحذيرات من تغلغل التيار الإسلامي في مؤسسات الدولة وسعيها لتغيير هويتها فيما بات يوصف بمحاولات "أخونة أجهزة الدولة". مروان الأفندي، المتحدث الرسمي باسم حزب الحرية والعدالة الإسلامي، اعتبر خلال مشاركته في برنامج شباب توك أن الحديث عن "الأخونة" الذي تداولته وسائل الإعلام لا يعدو كونه مجرد "حديث يثير مخاوف المواطنين". أما اللواء السابق أحمد رجائي فقد استبعد، في معرض حديثه لـ DWعربية، حدوث تغيير في هوية أجهزة الدولة المصرية بما فيها المؤسسة العسكرية. وأكد رجائي على أن "الشعب المصري بكامل مؤسساته سواء الشرطة أو الجيش أو القضاء لن يقبل تغيير هويته لأنها مؤسسات متماسكة وأصيلة ظلت لفترات طويلة على هذا الشكل" وأنها سترفض أي هوية جديدة. بيد أن رجائي حذر من جهة أخرى من أن التيارات الإسلامية دخلت السياسة "ليس فقط من أجل العمل السياسي بقدر ما أنها دخلت أيضا لتغيير الهوية المصرية وأعرافها".
وفيما يتعلق باحتمال تدخل الجيش إذا ما تطورت الأوضاع في مصر باتجاه الفوضى والفراغ الأمني، قال خبير الشؤون العسكرية أحمد رجائي لـDW عربية أن "كل من يطلب بتدخل الجيش، فهو يطلب ذلك بهدف الحماية وليس الحكم"، مشيرا إلى أن المؤسسة العسكرية المصرية لم تتدخل طوال تاريخها في السياسة "وأن المرة الأولى التي قامت فيها بذلك كان عندما كُلفت من قبل الرئيس المصري السابق حسني مبارك بضبط الأمن في البلاد". وأضاف قائلا: "لقد كانت تجربة مريرة بالنسبة للجيش المصري ولا أعتقد أنه يريد تكرارها مرة أخرى".