هل تعامل محاكم اللجوء بالنمسا الرجال والنساء بإنصاف؟
١٧ يونيو ٢٠١٩إعتاد طالبو اللجوء في النمسا على الذهاب إلى محكمة اللجوء الوطنية إذا أرادوا الطعن في رفض طلبهم. وبين عامي 2008 و 2013، استمعت المحكمة إلى عشرات آلاف القضايا من طالبي اللجوء، وكانت نسبة نجاح الدعاوى حوالي 31 بالمئة من مجموع القضايا المقدمة، ما يعني أن النسبة الكبرى من الطعون المقدمة للمحاكم باءت بالفشل وتم رفضها، ومع ذلك اتضح أن النساء حصلن على نسبة نجاح أفضل لقضاياهن المرفوعة مقارنة بالرجال.
كثير من الدراسات حاولت فهم كيفية اتخاذ القرارات القانونية، وفحص وجود تمييز في حال كان المتغير هو جنس مقدم الطلب، وبناء عليه حاولت مجموعة من الباحثين في ألمانيا والنمسا معرفة ما إذا كان نوع الجنس يلعب دوراً مهماً خلال تقديم طلب الجوء.
التحيز "الجندري" موجود
خلال فترة ست سنوات و بعد دراسة 40000 حالة لجوء، توصل الفريق إلى بعض الإجابات المهمة عن هذا الأمر وكان من أبرزها:
- هناك فروقات في طلبات اللجوء في حال كان مقدم الطلب رجل أم امرأة، واحتمال الحصول على نتيجة إيجابية للمرأة 37.5 في المئة، في مقابل 28.5 في المئة للرجل.
- يمكن أن يؤثر جنس القاضي على فرص نجاح طالب اللجوء.
- أهم ما وجده الفريق هو أن القضاة الرجال الذين استمعوا لطالبي اللجوء كانوا متحيزين بشدة لصالح طالبات اللجوء الإناث مقارنة بالذكور. وعن هذا يشرح أليخاندرو إيكر، من جامعة مانهايم والذي شارك في هذه الدراسة ما يلي:
"لنفترض أنك قاضٍ يتعامل في الغالب مع طالبي اللجوء من جنوب الصحراء الكبرى في أفريقيا، وأغلب المتقدمين كانوا من الذكور، ثم تنظر بعدها في قضية لطالبة لجوء، فمن المحتمل جدًا أن تحصل طالبة اللجوء على قرار إيجابي"، ويوضح إيكر أن هذا التصرف ينطبق على القضاة من الجنسين، حيث تعامل القضاة الرجال والنساء في هذا الأمر بنفس الطريقة.
ما لا نعرفه
إن النتيجة التي مفادها أن محكمة اللجوء كانت أكثر ميلًا إلى اتخاذ قرار لصالح النساء من الرجال، تثير الكثير من الأسئلة، على سبيل المثال: ماذا لو كانت لدى طالبات اللجوء أسباب أفضل للاستئناف بشكل عام؟ هل يؤثر سلوك المرأة في المحكمة على قرار القضاة؟
لا يمكن للدراسة التي أجراها إيكر وزملاؤه الإجابة عن هذه الأسئلة، والتي تتعلق بالمتقدمين والمزايا النسبية لقضيتهم. وعلى الرغم من أن الباحثين تمكنوا من إظهار وجود صلة بين مقدار الدعم القانوني الذي يمكن لطالبي اللجوء الوصول إليه واحتمال اتخاذ قرار إيجابي بشأنه، إلا أنهم لم يتمكنوا من استنتاج كيف أن هذه المتغيرات وغيرها قادرة على التأثير على مجريات القضية.
القضاة من النساء يمنحن اللجوء بشكل أكثر
بالإضافة إلى وجود جانب من التمييز في اتخاذ القرار من قبل المحكمة بحسب نوع الجنس، كما ذكر سابقاً، بينت الدراسة أن القضاة كانوا موزعين على أساس الجنس بالتساوي تقريبا للنظر في القضايا المقدمة، وبالرغم من أن نصف القضايا بحثها قضاة رجال، كانت نسبة الموافقة الإيجابية على الطلبات التي بحثنها القضاة النساء أعلى.
وبينت الدراسة أنه وبغض النظر عن جنس مقدم الطلب، كانت القاضيات في المحكمة النمساوية أكثر ميلًا من زملائهن الذكور إلى منح اللجوء. ويقدم إيكر شرحا تقريبيا هنا لفهم الموضوع بشكل أفضل، ويقول: "إذا كان كلانا من إيران أو العراق وقدمنا إلى النمسا، ولدينا نفس الخلفية الثقافية تقريبًا وتقدمنا بطلب للجوء، وكنت أمام قاضًيا رجلا بينما أواجه أنا قاضية، فسوف تكون احتمالية حصولي على اللجوء أكبر من حصولك أنت عليها".
هل محاكم اللجوء غير عادلة؟
يقول الفريق إن النتائج التي توصلوا إليها تبين أن المتقدمين قد لا يحصلون على محاكمة عادلة لوجود اختلافات في النتائج الإجمالية لطالبي اللجوء بناءً على ما إذا كان القاضي رجلًا أو امرأة. بالإضافة إلى ذلك، فإن كيفية تقسيم القضايا المعروضة على القاضي إلى المتقدمين من الذكور والإناث تؤثر على فرص نجاح المتقدمين لصالح النساء.
ولا تخبرنا الدراسة عن سبب وجود هذه الاختلافات. و يعترف.إيكر "لا يمكننا القول ما إذا كان الرجال يتعرضون للتمييز أو أن الإناث يعاملون بسخاء شديد، لأنه لا يمكننا أن نقول ما هو القرار الصحيح لكل قضية".
بيد أنه هناك حاجة إلى القيام بشيء ما بشأن عدم المساواة. ويوضح الباحث "لا يجب أن يعتمد حق اللجوء في النمسا على جنس القاضي الذي نترافع أمامه. ويؤكد" يجب دراسة هذا الموضوع". ومن أجل معالجة هذه المشكلة ، يقترح إيكر لجنة مختلطة من القضاة من الرجال والنساء، والتي من شأنها أن ترى أي تحيز قد يظهر، ويساهم في إلغائه.
ويقول إيكر إن القضاة يجب أن يحصلوا على عدد أكبر من القضايا التي يتوازن فيها عدد المقدمين من الرجال والنساء. ويوضح قائلاً: هناك قضاة لجوء لا يرون طالبة لجوء واحدة خلال عام كامل. وعلى الرغم من أن غالبية المتقدمين في النمسا بالإضافة إلى بلدان أخرى في أوروبا هم من الذكور، فمن الممكن الحصول على توازن أكبر من خلال توزيع أفضل.
ومن دون جمع ودراسة بيانات جديدة، يحجم إيكر وزملاؤه عن تطبيق استنتاجاتهم على البلدان الأخرى. الآن يتم البت في قضايا اللجوء في النمسا في المحكمة الإدارية الفيدرالية. ومجددا يراقب إيكر وفريقه عن كثب هذا النظام الجديد المتبع على أمل رصد بعض التغييرات الإيجابية. يشار إلى أن كل المعلومات الواردة أعلاه جاءت بناء على دراسة الدكتور الخياندرو إيكر الباحث في مركز الدراسات الأوروبية الاجتماعية في جامعة مانهايم وزملاء له في جامعة فيينا.
ماريون ماكريغور/ علاء جمعة
مهاجر نيوز