هل تتسع مظلة القانون الألماني لقضاء إسلامي موازٍ؟
١٩ سبتمبر ٢٠١٤ظهور ما عُرف بـ"شرطة الشريعة" في مدينة فوبرتال الألمانية مؤخرا جدد النقاش حول علاقة المسلمين بدولة القانون الألمانية وما يمكن أن يُطلق عليه "العدالة الموازية" للمسلمين في ألمانيا. هذه النقاشات ليست جديدة، إذ سبق وأُثيرت مع تكرار حوادث القتل بدافع الشرف لفتيات من أسر مهاجرة أو مع إثارة قضية ختان الإناث أو إرغام الفتيات على الزواج.
وتزيد أهمية مثل هذه النقاشات في الوقت الحالي حيث تشير إحصائيات إلى أن نحو خمس المواطنين في ألمانيا ينحدرون من أصول أجنبية وهو أمر يطرح سؤالا ربما تجد الدولة نفسها مضطرة للإجابة عنه خلال السنوات المقبلة وهو: هل يتعين على نظام القضاء والقوانين الألمانية مراعاة الخصوصية الدينية والثقافية للمواطنين وربما تبنيّ بعض الإجراءات مثل الصلح العرفي وإدخالها بشكل أكبر تحت مظلّة القوانين الألمانية؟
وقد أثار هذا السؤال جدلا واسعا خلال الاجتماع السبعين للقانونيين الألمان والذين رفضوا في المجمل فكرة الإقرار بوجود "محاكم شرعية" على سبيل المثال كمكمل للهيكل القضائي الألماني، إلاّ أنهم أقروا في الوقت نفسه أهمية وضع الدوافع الدينية بشكل أكبر في عين الاعتبار.
جرائم الشرف
عندما يسمع المواطن الألماني العادي مصطلح "جرائم الشرف"، فإن أول ما يتبادر إلى ذهنه صور العديد من الشابات التي انتشرت قصصهن وصورهن في وسائل الإعلام ممّن قُتلن على أيدي رجال في عائلتهن بسبب عدم رضاهم عن تصرفاتهن التي تخالف عادات وتقاليد الثقاقات التي ينحدرن منهن. الزواج القسري والثأر أيضا من القضايا التي تُطرح بين الحين والآخر في ألمانيا وتتولى سلطات التحقيق والقضاء الألمانية البت فيها.
وبعد وقوع العديد من حوادث القتل بدافع الشرف في ألمانيا في غضون فترة زمنية قصيرة بداية الألفية الثالثة، بدأت الجمعيات والمنظمات غير الحكومية في إطلاق حملات بهدف التوعية وتوفير الحماية والمساعدة للمتضررات من العنف الأسري.
ويرى قاضي المحكمة الدستورية العليا فيلهيلم شلوكيبير أن الأمر بحاجة أولا لمعرفة مدى علاقة هذه الأمور بالدين، بحيث قال في تصريحات لوكالة "إيه.بي.دي" الإخبارية على هامش المؤتمر:"كثيرا ما تُطرح هذه القضايا للنقاش على أساس أنها نابعة من أصول دينية، لكن الواقع أن الثأر والقتل بدافع الشرف لهما صلة أكبر بمفاهيم قديمة عن معنى الشرف وبالتالي لا يمكن تبريرها على أساس أنها تندرج ضمن حرية العقيدة".
قوانين موازية؟
وقد اختلفت آراء المشاركين في المؤتمر الذي ضم نحو 2500 من رجال القانون بين محامين وقضاة وأساتذة في القانون حول التعاطي القانوني مع القضايا التي يمكن أن تكون لها دوافع دينية. وفي سياق متصل، دعا خبير العقوبات الجنائية ميشائيل روزنتال، رجال القانون في ألمانيا للمزيد من التفهم لوضع المهاجرين المسلمين، مشددا على ضرورة كسب ثقتهم في النظام القضائي الألماني.
وقال روزنتال إن علاقة معظم المسلمين مع النظام القضائي الألماني تشوبها حالة من عدم الثقة، الأمر الذي يجعل الكثيرين يلجأون لفكرة الوسيط لحل المشاكل التي قد تحدث بين المسلمين بدلا من اللجوء للمحامي التقليدي.
لكن فكرة الاعتماد على الوساطة وحدها لحل المشكلات بعيدا عن الأطر الشرطية والقضائية المعتادة لم تُقابل بحماس من بعض رجال القانون مثل قاضي المحكمة الإدارية البروفيسور هينيج رادتكه. هذا الأخير أشار إلى افتقار غالبية الأشخاص، الذين يتولون تسوية الصراعات بعيدا عن المحاكم، للمعايير الأساسية للمؤسسات القانونية، الأمر الذي يُعقّد من عملية دمج الفكرة ضمن الإطار القانوني القائم بالفعل.