هربا من ترامب، مئات اللاجئين يسلكون"طرق الموت" إلى كندا
١٤ فبراير ٢٠١٧عشرات العائلات، نساء وأطفال صغار يتخذون رحلتهم في البرد القارس والثلوج، بينما حوصر رجال لساعات ومنهم من فقد أصابع يديه وقدميه من شدة البرد. هؤلاء جزء من الأعداد المتزايدة من اللاجئين غير النظاميين الذين يحاولون العبور إلى كندا عير الولايات المتحدة التي يرى كثيرون منهم أنها لم تعد مكانا "آمنا"لهم، بعد وصول الرئيس دونالد ترامب إلى السلطة.
"القلق نابع من أن الناس يسيرون في طقس بارد للغاية، وسط ثلوج كثيفة، وفي الحقول. هم يغامرون بصحتهم وأمنهم" تقول ريتا شهال المديرة التنفيذية لمجلس الهجرة والأديان في مانيتوبا، وهي مؤسسة غير ربحية تقدم المساعدة للمهاجرين واللاجئين في هذه المحافظة الكندية.
وتقول شهال إن حوالي 300 لاجئ دخلوا كندا دون تصاريح قانونية وتقدموا بطلبات حماية في كندا منذ أبريل الماضي. في السنوات الماضية، سبعون طلب لجوء في فترة مماثلة كان يعتبر عددا كبيرا، تقول شهال لـ DW.
الخوف من الترحيل
ويبقى سبب هذا الارتفاع غير واضح، ولكن شهال توضح أن الكثير من هؤلاء المهاجرين يقولون إنهم يخشون ترحيلهم من الولايات المتحدة لبلدانهم الأصلية، أو يشعرون بأنهم لن يحصلوا على جلسة لجوء عادلة. آخرون "قلقون من المناخ السياسي والاجتماعي داخل الولايات المتحدة وكيف ستتم معاملتهم هناك"، تضيف. ويعبر معظم طالبي اللجوء إلى مانيتوبا بالقرب من مدينة إمرسون الصغيرة، والتي تبعد بنحو 110 كيلومتر إلى الجنوب من وينيبيغ، عاصمة المحافظة وأكبر مدنها.
ولاياتا مينوستا وداكوتا الشمالية الأمريكية تقعان على الحدود مع مدينة إمرسون التي يقدر عدد سكانها بحوالي 700 نسمة. 22 لاجئا عبروا إلى كندا بالقرب من إمرسون خلال نهاية الأسبوع الأولى من شهر فبراير، وفقا لخدمة الشرطة المحلية، بينما عبر 21 شخصا آخر نهاية الأسبوع الماضي.
طالبو اللجوء يعبرون أيضا من خلال نقاط أخرى على طول الحدود الأمريكية الكندية التي تصل إلى 9000 كيلومتر وقد اعترضت الشرطة الكندية 823 طالب لجوء في محافظة كيبيك في الفترة ما بين 1 أبريل و30 نوفمبر من العام الماضي، حسب أرقام وكالة خدمات الحدود الكندية (CBSA). وحسب الوكالة أيضا فمعظم طالبي اللجوء الذين يصلون إلى مانيتوبا ينحدرون من الصومال يليهم مواطنو إرتريا ودجيبوتي. وفي الكيبيك ينحدر معظم اللاجئين من إرتريا والسودان وسوريا. ولأن أعداد طالبي اللجوء الذين يعبرون أمرسون مرتفع، نظمت المدينة لقاء مع وحدة من الشرطة الحدودية ووكالة الحدود الكندية الأسبوع الماضي."الأمن كان الهاجس الأكبر" يقول غريك جانزن، أكبر مسؤولي المدينة بعد الاجتماع، ويضيف أن الحكومة قدمت الكثير من الدعم في هذه المسألة.
من بين طالبي اللجوء غانيون أيضا عبروا الحدود إلى مانيتوبا في الأشهر الأخيرة، وعدد منهم هرب من الاضطهاد في بلده والعنف المرتبط بميوله الجنسية فالمثلية الجنسية مثلا ممنوعة في غانا ويعاقب عليها القانون الجنائي، كما تقول ماجي يبوا رئيسة الاتحاد الغاني في مانيتوبا لـ DW. "العديد من اللاجئين لم يكونوا يخططون لعبور الحدود لكندا والدخول في هذه الرحلات الخطرة. كانوا يعتقدون أنهم سيستقرون في الولايات المتحدة وسيرحب بهم وسيكونون في أمان، لكنهم شعروا أن الأمور لن تكون كما تصوروها فدخلوا في هذه المغامرات"، تقول يبوا.
رحلة محفوفة بالمخاطر
جانت دينش، المدير التنفيذي لمجلس اللاجئين الكندي، يقول إن طالبي اللجوء يجدون أنفسهم مضطرين لاتخاذ طرق خطرة إلى كندا بسبب اتفاق دخل حيز التنفيذ بين الولايات المتحدة وكندا في 2004 والذي يتم بموجبه إرسال معظم اللاجئين الذين يطلبون الحماية على الحدود الكندية الأمريكية إلى الولايات المتحدة التي تعتبرها كندا بلدا آمنا.
لكن الاتفاق لا ينطبق على كل من يوجد داخل كندا، ومن المرجح أن يتجاوب مجلس الهجرة واللاجئين الكندي مع طلبات اللجوء. ويقول دينش إن الاتفاق "يمنع الناس من تقديم طلبات لجوئهم بالشكل المطلوب وبطرق آمنة". وتدعو منظمات حقوقية مختلفة لإلغاء هذا الاتفاق، وتعتبر هذا الأمر ملحا أكثر الآن مع حظر السفر الذي يريد ترامب تطبيقه على مواطني سبع بلدان ذات غالبية مسلمة وتوجهاته بخصوص موضوع اللاجئين. ويقول دينش "لم نكن يوما مع هذا الاتفاق ونرى الآن أن طرق العبور غير النظامية هذه هي واحدة فقط من العواقب الواضحة لهذا الاتفاق".
الولايات المتحدة لم تعد آمنة للاجئين
منظمة العفو الدولية في كندا من بين المعارضين لهذا الاتفاق الذي لا تنوي كندا حتى الآن إلغاءه حسب ما أعلنه وزير الهجرة الكندي، ويقول أليكس نيف المدير التنفيذي للمنظمة في كندا أن الولايات المتحدة ليست مكانا آمنا للاجئين. وحسب متحدثة من وزارة الهجرة الكندية فقرارات ترامب تتعلق بمسألة إعادة توطين اللاجئين ولا تؤثر على برنامج الولايات المتحدة للجوء، وفي نفس الوقت سياسة كندا في حماية المهاجرين واللاجئين تتضمن مراجعة مستمرة لظروف البلدان التي يأتي منها أو يرحل إليها اللاجئون للتأكد مما إذا كانت دولا آمنة أم لا.
وتضيف المتحدثة: "هذا الاتفاق مايزال أداة مهمة بالنسبة لكندا والولايات المتحدة للعمل على معالجة طلبات اللجوء المقدمة في بلدينا". من جهتها تقول شهال إنه من الصعب التكهن بما ستكون عليه الوضعية مستقبلا لكنها تتوقع أن تتواصل ظاهرة عبور اللاجئين إلى كندا من الولايات المتحدة خاصة مع تحسن أحوال الطقس.
الكاتبة: دامور جيليان كرستلر/س.أ