هجمات جنوب فرنسا تؤكد استمرار التهديد الإرهابي من الداخل
٢٤ مارس ٢٠١٨تعيش فرنسا موجة تأثر كبرى السبت (24 آذار/ مارس) بعد موت دركي "بطل" حل محل رهينة في الاعتداء الإرهابي، الذي نفذه الجمعة في جنوب فرنسا، رضوان ل (25 عاماً)، الفرنسي من أصل مغربي، وأوقع أربعة قتلى وجرى خلاله احتجاز رهائن في متجر (سوبر ماركت) في بلدة تريب بجنوبي غرب فرنسا، قبل أن يلقي رضوان مصرعه في النهاية برصاص قوات الأمن. وقال رضوان ل إنه "جندي" في تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش)، الذي أعلن تبنيه لاحقا للهجوم.
المهاجم تطرف داخل فرنسا
ولد رضون ل في المغرب عام 1992 ونال الجنسية الفرنسية في 2004. وكان يخضع لمراقبة أجهزة الاستخبارات ومدرجاً على لوائح أمن الدولة "بسبب ارتباطه بالتيار السلفي"، بحسب المدعي العام فرنسوا مولانس. في آب/أغسطس 2016، أمضى شهراً في السجن بعد إدانته بـ"حمل سلاح محظور" و"استخدام مواد مخدرة" و"رفض الانصياع للأوامر". وبين 2016 و2017، خضع من جديد لمراقبة الاستخبارات التي لم ترصد "أي مؤشر يمكن أن ينذر بالانتقال إلى عمل إرهابي".
وتسعى جهات التحقيق في فرنسا إلى تحديد أسباب قيام رضوان بهجومه. وعثر المحققون في منزله في كاركاسون (جنوب) على "رسائل فيها إشارة إلى "داعش"، ويمكن اعتبارها بمثابة وصية، بحسب ما أفادت مصادر متطابقة. كما تم توقيف شخصين هما شاب في الـ17 قالت السلطات إنه صديق للمهاجم ورفيقته.
وعثر محققون في قضايا الإرهاب على متفجرات محلية الصنع وأسلحة في السوبر ماركت، الذي شهد عملية احتجاز الرهائن، وبالإضافة إلى القنابل، تم العثور على مسدس عيار 7.65 مليمترا وسكين صيد، حسبما علمت وكالة الأنباء الألمانية (د.ب.أ) من مصادر قضائية اليوم السبت.
وتؤكد العملية التي قام بها رضوان ل استمرار التهديد "الجهادي" من الداخل، الذي يقلق السلطات. كما أنها تُذكر "بأن مستوى التهديد الإرهابي على أرضنا لم يتراجع. الآن أصبح من الداخل وهو أساسا من صنع أفراد تشددوا أثناء وجودهم على ترابنا الوطني"، كما أعلن النائب العام للجمهورية في باريس فرنسوا مولانس.
انهيار "داعش" لم يغير من المخاطر
وعلق مسؤول فرنسي كبير في مكافحة الإرهاب في مقابلة مع وكالة فرانس برس هذا الأسبوع "إنه خطر سيستمر، وتزداد صعوبة كشفه". فالأمر لم يعد يتعلق بأشخاص عائدين من مناطق المعارك في سوريا والعراق لتنفيذ هجمات في أوروبا، كما حصل خلال اعتداءات باريس وسان دوني في 13 تشرين الثاني/نوفمبر 2015 (130 قتيلا) وانما بأشخاص متأثرين عن بعد بعقيدة تنظيم "الدولة الإسلامية" قبل أن ينتقلوا للتنفيذ.
وقال لوران نونيز رئيس المديرية العامة للأمن الداخلي الفرنسي لوكالة فرانس برس في تشرين الأول/ أكتوبر إن "التهديد بشكل أساسي يصدر عن أفراد موجودين في فرنسا: إما أشخاص غير حازمين منعوا من التوجه إلى سوريا أو العراق وإما إرهابيون يمكنهم الانتقال إلى التنفيذ بدون أن يكون هناك مؤشرات سابقة إلى ذلك".
وقال جان بيار فيليو أستاذ العلوم السياسية لوكالة فرانس برس إن "حملة أوروبا"، التي أطلقها داعش في أيار/ مايو 2014 مع الاعتداء على المتحف اليهودي في بروكسل تتواصل. هذه الحملة تنفذها بشكل أساسي خلايا نائمة مثلما حصل في كاتالونيا في آب/ أغسطس 2017 أو إرهابيون منفردون، كما حصل في أود" في جنوب فرنسا.
وشدد هذا الخبير على أن ذلك يأتي فيما تركز النقاش العام في الآونة الأخيرة على المخاطر التي يشكلها العائدون إلى بلادهم، أي هؤلاء، الذين تمكنوا من الانضمام إلى تنظيم "داعش" في العراق وسوريا، وقرروا العودة لتنفيذ هجمات.
وشدد المسؤول السابق لوحدة التدخل لدى الدرك فريديريك غالوا أن "انهيار تنظيم الدولة الاسلامية لم يغير المعطيات. هذا ما كنا نخشاه".
ص.ش/ف.ي (أ ف ب/ ص.ش)