"نهر الموت يبتلع عائلة سورية على طريق الفردوس الأوروبي"
١٠ أكتوبر ٢٠١٨لم يكن نيجيرفان أصلان، الشاب ذو الـ26 ربيعاً، يدري أنه سيلقى مصير آلاف الأشخاص الغرقى الذين يسمع عنهم في الأخبار وهم يموتون على طريق الوصول إلى "الفردوس الأوروبي".
فالشاب السوري كان يعيش مع عائلته في كردستان العراق منذ عدة أعوام، ورغم أنه لم يمض على زواجه سوى ثمانية أشهر، إلا أنه خاطر بنفسه مع زوجته الحامل وأخته التي كانت تريد اللحاق بخطيبها في ألمانيا، ليلقوا مصيرهم غارقين في نهر على الحدود التركية اليونانية وهم يحاولون الوصول إلى أوروبا.
"نهر الموت"
يقول شفكر هوفاك، وهو أحد أقارب الضحايا ويقيم في السويد، لمهاجر نيوز إنه حاول قبل أقل من شهر، في زيارته الأخيرة لعائلته، أن يثني نيجيرفان عن تعريض حياته للخطر، لكن "المرحوم الذي لم يمت في ساحة القتال في معركة الموصل –حيث شارك فيها مقاتلاً للبيشمركة- توفي في غضون عدة دقائق كان يحاول خلالها عبور نهر الموت"، على حد تعبيره.
و"نهر الموت" الذي يتحدث عنه قريب الضحايا هو نهر إفروس (بالتركية: نهر مريج، وبالبلغارية: نهر ماريتسا)، وهو أطول نهر في منطقة البلقان، والذي ينبع من بلغاريا ويرسم الحدود بين تركيا واليونان، قبل أن يصب في بحر إيجه.
وأصبح هذا النهر مدفن أحلام "العديد" من الأشخاص الذين غرقوا فيه، حيث قالت هيئة إدارة الحدود الأوروبية "فرونتكس" إن "العديد من المهاجرين ماتوا غرقاً جراء محاولتهم عبور النهر". وأضافت "فرونتكس" أنه في العام الماضي وحده تم اعتراض 5500 مهاجر حاول عبور النهر بزيادة قدرها 80 بالمئة عن العام الذي قبله، حسبما جاء في تقرير لـDW.
دون سترة نجاة وسط العاصفة!
وقد أكّد تقرير إخباري أن عدد المهاجرين الوافدين إلى أوروبا عبر تركيا شهد ارتفاعاً ملحوظاً خلال العام الجاري، مقارنة بالعام الماضي. وذكرت صحيفة "فيلت آم زونتاغ" الألمانية، استناداً إلى تقرير داخلي للمفوضية الأوروبية، أنه تم تسجيل وصول حوالي 39 ألف مهاجر من تركيا إلى أوروبا خلال الفترة من كانون الثاني/يناير حتى منتصف أيلول/سبتمبر 2018، بزيادة قدرها 43% مقارنة بنفس الفترة من عام 2017.
ويُحمّل قريب الضحايا، المهرّبَ مسؤولية غرق أهله، مشيراً إلى أن الأشخاص الذين نجوا من الغرق في القارب المطاطي الذي كان يحمل عشرة مهاجرين أخبروه أن المهرب لم يوفر لهم سترات النجاة، كما أنه حاول العبور بهم إلى اليونان رغم تحذيرات السلطات التركية بهبوب عاصفة على البحر المتوسط تشمل اليونان وضفاف بحر إيجه. يقول هوفاك: "من الواضح أن المهرب أراد أن يستغل غياب رقابة السلطات وسط الجو العاصف، لكنه تسبب بقتل أهلنا"، مشيراً إلى ضرورة معاقبته.
"الهجرة تقليداً للآخرين" أم بسبب الأوضاع؟
يقول قريب الضحايا إن أحد الأسباب التي دفعت الضحايا لسلك طريق أوروبا الخطر هو رغبة أخت نيجيرفان -ذات الـ18 ربيعاً- باللحاق بخطيبها في ألمانيا. أما عن الأسباب الأخرى فيتابع: "أحياناً يكون تقليد الآخرين هو السبب في توجه البعض للهجرة إلى أوروبا، وأحياناً تكون الأوضاع السيئة والفقر في البلد الذي يعيش فيه الإنسان هي السبب"، ويضيف: "عندما تقوم الحكومات في الشرق الأوسط بتحقيق الاستقرار الحقيقي، فإن ذلك سيساهم في الحد أو التقليل من هجرة الشباب".
وعن سبب تعريض الضحايا أنفسهم لخطر العبور عبر النهر، يقول قريبهم: "أعتقد أن الضحايا لم يكن لديهم المال الكافي للمجيء إلى أوروبا عبر طرق أخرى تكلّف الكثير من النقود، أما طريق البحر فهو أرخص".
ومهما كان سبب الهجرة، كما يقول هوفاك، فإن "على الإنسان ألا يلقي بنفسه إلى التهلكة"، وينصح جميع الشباب ألا يعبروا طرق الهجرة الخطرة "عندما تتوفر لقمة العيش" بالقرب من الأهل، على حد تعبيره، مشيراً إلى أن "نقوداً قليلة مع العيش في الوطن أفضل من تعريض النفس للخطر".ويتابع: "أن يموت الإنسان على أرضه أفضل من أن يدفن في البحر أو النهر في طريق الوصول إلى أوروبا التي ليست كصورتها في الأحلام الوردية الموجودة في مخيلات الراغبين بالهجرة".
محي الدين حسين/ مهاجر نيوز