نهاية صراع الإخوة فتح وحماس .. ضياع فرصة السلام مع إسرائيل؟
٢٤ أبريل ٢٠١٤بعد قطيعة دامت سنوات وشهدت عمليات خطف وقتل وأسر وتبادل اتهامات، تحققت أخيراً المصالحة التي كان ينتظرها الكثيرون بين حركة التحرير الوطني الفلسطينية (فتح) وحركة المقاومة الإسلامية (حماس)، بعد سلسلة جلسات بدأت يوم الثلاثاء، وسط تأكيدات من الجانبين على ضرورة تنفيذ الاتفاقات التي وقعا عليها في القاهرة والدوحة.
وبقدر ما لقي اتفاق المصالحة بين حماس وفتح ترحيباً داخل الأراضي الفلسطينية، إذ اعتبر خطوة أولى أمام توحيد صفوف الفلسطينيين، بقدر ما أثار ردود أفعال رافضة له، أولها موقف إسرائيل، التي رأت فيه تناقضاً مع جهود عملية السلام بين الفلسطينيين والإسرائليين، وشنت غارة جوية على قطاع غزة بعد ساعات وجيزة من الإعلان عن الاتفاق، بالإضافة إلى تعليق محادثات السلام وفرض عقوبات على السلطة الفلسطينية.
من جانبها، هددت الولايات المتحدة الأمريكية بإعادة النظر في المساعدات التي تقدمها للفلسطينيين في حال شكلت منظمة التحرير الفلسطينية التي تقودها فتح حكومة مع حركة حماس، بينما رحب الاتحاد الأوروبي بقرار المصالحة باعتبارها "عنصراً مهماً لوحدة الدولة الفلسطينية المستقبلية" في إطار تسوية تنص على تعايشها مع الدولة العبرية.
مصالحة جزئية؟
بدأ الصراع بين حماس وفتح، أو ما يطلق عليه الانقسام الفلسطيني، منذ صيف 2007، عندما نشأت سلطتان سياسيتان إحداهما تحت سيطرة حركة فتح في الضفة الغربية والثانية تحت سيطرة حماس في قطاع غزة، بعد أزمة سياسية نشأت إثر فوز حماس في الانتخابات التشريعية عام 2006.
ورغم مطالب الفلسطينيين بتحقيق وحدة وطنية ومساعي أطراف خارجية مثل السعودية والقاهرة، أسفرت عامي 2007 و2011 عن توقيع اتفاقات بين حماس وفتح، إلا أن جهود المصالحة فشلت بسبب اتهام الطرفين لبعضهما البعض بعدم الالتزام ببنود الاتفاقات بينهما.
نقاط الخلاف التي تعمقت بين الطرفين بعد حملات القتل والاختطاف في صفوف الجانبين كانت توحي بأن تحقيق المصالحة أمر بعيد المنال. وفي هذا الصدد، يقول نبيل عمرو، الوزير السابق في السلطة الفلسطينية ومستشار الرئيس محمود عباس لشؤون الثقافة والإعلام، إن الاتفاق بين حماس وفتح تم هذه المرة لأنه أعطى الأولوية لموضوع تنظيم الانتخابات وتشكيل حكومة مشتركة بغرض تحقيق رغبة الشعب الفلسطيني في خلق الوحدة الوطنية.
ويضيف عمرو، خلال حديثه لـDW عربية: "الاتفاق لم يبتّ في كل القضايا، بما فيها القضايا الشائكة بين حماس وفتح، ومنها مثلاً قضايا الأمن والمعابر، فنحن لم نتطرق إليها، وبالتالي فهو حتى الآن ليس اتفاقاً شاملاً".
هل تغير موقف حماس؟
رد إسرائيل العنيف على إعلان المصالحة يأتي - حسب قولها - بسبب موقف حماس، التي لا تعترف بوجودها، وهو رد يعلق عليه عمرو بالقول: "لقد توقعنا أن يكون رد فعلهم كذلك، فهم يتصيدون أي خطأ أو خطوة يقوم بها الفلسطينيون ليتذرعوا بها ويعاقبوهم عليها. لا جديد في موقفهم، بدليل أنهم شرعوا في إصدار ردود أفعالهم السلبية حول الاتفاق مباشرة، بينما كان بوسعهم الانتظار إلى أن يطلعوا جيداً على طبيعته".
أما الصحافي والخبير الإسرائيلي يوني بن مناحم، فيعتبر موقف إسرائيل طبيعياً بسبب طبيعة حركة حماس. ويضيف بن مناحم أن "هناك غضب شديد (في إسرائيل)، لأن الإسرائيليين يعتبرون حماس حركة إرهابية ولا تلتزم باتفاقية أوسلو ولا بالاتفاقات المبرمة مع منظمة التحرير الفلسطينية. هي حركة تسعى لتدمير دولة إسرائيل".
ورغم أن رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس اعتبر أن توقيع المصالحة بين فتح وحماس لا يتعارض مع تحقيق السلام مع إسرائيل، إلا أن مراقبين في إسرائيل توقعوا أن يزيد التحالف بين حماس وفتح من الاحتقان السياسي بين الفلسطينيين والإسرائيليين. في هذا الصدد، يعتبر يوني بن مناحم أن كلام عباس "قد يكون ... صحيحاً. لكنني أشك في ذلك لأن التجارب الماضية أثبتت أنه كلما تدخلت حماس في السلطة الفلسطينية ولو من وراء الكواليس، كلما تضررت عملية السلام وأصبحت مواقف الفلسطينيين أكثر تشدداً".
تصريحات الرئيس الفلسطيني أوحى للبعض بأن حماس قد تكون غيرت موقفها بخصوص حق إسرائيل في الوجود وخيار المقاومة الذي تتبناه، وهو ما لا يراه الوزير الفلسطيني السابق نبيل عمرو، إذ يقول: "نحن لم نتباحث بخصوص ذلك، لكن حماس مطالبة بموقف واضح وأن تجزم إن كانت مستعدة للاعتراف بإسرائيل أم لا. فالعلاقات بينهما حتى الآن لا تتعدى الجوانب الأمنية".
يشار إلى أنه، وعقب القرار الإسرائيلي بتعليق المفاوضات مع الجانب الإسرائيلي، أفادت وسائل إعلام بوقوع انفجار شرقي قطاع غزة على الحدود مع إسرائيل. وتضاربت الأنباء حول طبيعة الانفجار، بين مصادر فلسطينية تؤكد أنها عبوة ناسفة انفجرت في عربة عسكرية إسرائيلية، ومصادر إسرائيلية أشارت إلى انفجار قذيفة هاون أطلقت من غزة على منطقة تجري فيها القوات الإسرائيلية عمليات روتينية، حسب قولها.