ألمانيا- هل نُقل لاجئون سوريون من مساكنهم لإيواء أوكرانيين؟
٢٦ مارس ٢٠٢٢تحول إجراء إداري اتخذته بعض السلطات المحلية في ألمانيا بسبب تدفق اللاجئين من أوكرانيا، إلى خبر يتم تداوله على أساس أن الإجراء هو "عملية طرد ممنهجة" للاجئين السوريين المستفيدين من مساكن تابعة للبلديات الألمانية.
حقيقة الأمر أن الموضوع يرتبط بمراكز الاستقبال الأولية أو المؤقتة، التي أقيمت بعد أزمة اللجوء سنة 2015، لإيواء طالبي اللجوء وبقائهم فيها حتى البت النهائي في طلباتهم من قبل السلطات المختصة.
مهاجر نيوز، توصل بتوضيح من كلاوس أولريش برولس من مجلس اللاجئين بمدينة كولونيا، أكد من خلاله أن ما يحصل حالياً، هو "نقل بعض اللاجئين من مراكز الاستقبال الأولية الحكومية لإفساح المجال للأوكرانيين".
وأوضح المتحدث أنه "من الطبيعي، بسبب عدد اللاجئين المتزايد، أن يتم إيواؤهم أولاً في مراكز الاستقبال أو المراكز الأولية كما هو معمول به في ألمانيا". وأكد أنه حالياً "يتم إفراغ بعض المرافق لإفساح المجال لهؤلاء اللاجئين الجدد". موضحاً أنه "بعد تحديد أسماء اللاجئين الذين يتعين عليهم مغادرة مراكز الاستقبال الأولي، يتم مباشرة نقلهم إلى مراكز حكومية أخرى".
وعند سؤالنا عن مدى صحة الأخبار المتداولة حول أن هذا الإجراء يطبق حصراً على اللاجئين السوريين فقط، شدد برولس أن الأمر "لا يقتصر فقط على اللاجئين السوريين، وإنما يسري على جميع اللاجئين المتواجدين بهذه المراكز منذ أشهر، والمنحدرين من بلدان وجنسيات مختلفة".
حقوقيون ولاجئون يستنكرون!
الناشط الحقوقي طارق الأوس، كان قد تفاعل مع ما يجري بخصوص نقل اللاجئين القدامى إلى أماكن جديدة من أجل فسح المجال أمام استقبال اللاجئين الأوكرايين، عبر تدوينة على موقع التواصل الاجتماعي "توييتر". قال فيها إنه "لم يكن لدى العائلات فرصة للاعتراض على نقلهم، ويتم نقلهم في بعض الأحيان إلى أماكن بعيدة جدًا. ولم يعد بإمكان الأطفال الذهاب إلى مدارسهم".
الأوس أكد أيضا مثل المسؤول بمجلس اللاجئين في كولونيا، أن القرار لا يستهدف السوريين فقط. وأفاد الناشط الحقوقي في اتصال هاتفي لمهاجر نيوز أن الأمر "لا يتعلق بنقل اللاجئين القدامى من مراكز الاستقبال الأولي فقط على الأقل في برلين" وأضاف بأنه "تم نقل اللاجئين من ثلاث مراكز لجوء واحد فقط من بينها مركز استقبال أولي".
وشدد الحقوقي المنتمي لحزب الخضر الألماني على أن الأمر "مجحف في حق اللاجئين، لأنهم يتواجدون في مراكز اللجوء التي يتم نقلهم منها لسنوات، ويحرم اليوم أبناؤهم من متابعة دراستهم في المدارس المسجلين بها، كما تهدم محاولاتهم للاندماج والاستقرار".
في المقابل يرى الأوس أن الأسلم، أن يتم تخصيص مراكز اللجوء الفارغة للاجئين الجدد، ويقول "اللاجئون الأوكرانيون ليسوا أقل أهمية من اللاجئين القدامى، لكن استقبالهم لا يجب أن يَدْفَعَ ثمنه من سبقوهم من استقرارهم وحقوق أطفالهم". وشدد المتحدث علر أنه "مادامت السلطات لم تجد لهؤلاء الأشخاص، حتى القاطنين منهم في مركز استقبال أولي سكناً آخر طيلة السنوات الماضية، فمن المجحف في حقهم نقلهم الآن. ما يجب فعله هو تسوية الوضع القانوني لهذه المراكز وجعلها مراكز سكن دائمة، وفتح الشاغرة منها للاجئين الجدد".
الناشط الحقوقي الأوس، كان على تواصل مع "أسرة تم توزيعها على مركزين، وبالتالي تم فصل أعضائها عن بعضهم"، حسب ما ذكره في تدوينته على تويتر. لكنه أكد خلال اتصال هاتفي مع مهاجر نيوز أنه تم جمع الأسرة حالياً في مكان واحد بعد تدخل من المتطوعين والحقوقيين، مؤكداً أنه "عند تفريقها، كان المسؤولون على علم أنهم أفراد أسرة واحدة".
شكاوى تتعلق بالبعد والمساحة!
تواصل مهاجر نيوز مع طالبي لجوء قاطنين بمراكز أولية، كان من بينهم أ.ر طالب لجوء سوري، وصل إلى ألمانيا قبل ثلاثة أشهر، تم إيواؤه بمركز استقبال أولي بمدينة نويس في ولاية شمال الراين ويستفاليا غربي ألمانيا، الولاية التي تُعرف باستقطاب وتواجد أعداد كبيرة من المهاجرين واللاجئين. تم نقله مع باقي المتواجدين بمركز الاستقبال الأولي إلى مركز آخر يتواجد بضواحي قرية راينبيرغ.
يشتكي أ.ر من بعد المسافة عن المكان الأول الذي تم إيواؤه فيه، وأيضا شدد على أن المركز الذي نقلوا إليه أصغر مساحة بكثير من سابقه. لكنه أكد لمهاجر نيوز، أنه لم يكن هناك أي استهداف للسوريين دون غيرهم من طالبي اللجوء الآخرين، بل تم نقل المتواجدين الذين ينحدرون من مختلف الجنسيات.
تبريرات إدارية لقرار النقل
شتفان شتراوس، متحدث باسم وزارة العمل والاندماج والشؤون الاجتماعية في ولاية برلين، أوضح في رد خطي عبر البريد الالكتروني لمهاجر نيوز أن وضع البعض الذين تم نقلهم "إلى شقق تابعة للبلدية قد تحسن" عما كان عليه في مركز الإيواء الذي كان فيه من قبل. وأشار إلى أن الإدارة تحاول مراعاة وضع الذين يتم نقلهم ومحاولة تخفيف "الضرر" قدر الإمكان، وتجنيب هؤلاء المصاعب التي قد تواجههم مشددا على أن الوزارة "تحاول قدر الإمكان تجنب حدوث مثل هذه الصعوبات عند اتخاذ القرارات. ونحن نتأسف لأن بعض الأشخاص المتضررين من هذه الخطوة قد اضطروا للابتعاد عن محيطهم المعتاد".
وشرح شتراوس أسباب هذا القرار قائلا: "هناك زيادة كبيرة في عدد اللاجئين الذين يحتاجون إلى السكن والمساعدة، وقد توافدوا في فترة زمنية قصيرة جدًا. كما أننا لا نعلم بشكل مسبق عدد اللاجئين القادمين من أوكرانيا الذين يتعين علينا استقبالهم في الليلة الواحدة، لأنهم يدخلون إلى ألمانيا بدون تأشيرة. بضع ساعات فقط قبل وصولهم، نتوصل بأعداد القادمين عبر القطارات من بولندا".
كما أوضح المتحدث باسم الوزارة المحلية أنهم لا يعرفون "عدد الذين قد يتدبرون إقامات خاصة لأنفسهم لدى أصدقاء أو أقارب لهم والآخرين الذين سيحتاجون سكنا ويتحتم علينا إيجاد مكان لمعظمهم ليلا بعد وصول القطارات. إنه تحدٍ لوجستي كبير يتكرر كل ليلة". وأكد أن "هذا التدفق الكبير في مدة قصيرة للاجئين بسبب الحرب في أوكرانيا يسبب ضغطا كبيراً على ولاية برلين".
وشدد المتحدث أن "وزارة العمل والاندماج والشؤون الاجتماعية لم تتخذ قرارًا بإفراغ المساكن المؤقتة بدون تفكير، بل تم ذلك من أجل التمكن من ضمان سلامة اللاجئين الأوكرانيين، وكثير منهم من النساء والأطفال، يحتاجون للأمان". وأوضح أن "هذا المركز هو بالأساس مكان للاستقبال الأولي".
كما أكد شتراوس في رده أن "حوالي نصف الأشخاص الذين كانوا يقطنون هناك، تم نقلهم من قبل مساعدة الإسكان الاجتماعي التابعة للمنطقة. كما تم إيواء جزء آخر في مرفقين آخرين، في منشأة حديثة البناء بعيدة بعض الشيء".
تغير مفاجئ في المعاملة!
مركز لجوء خاص بالنساء في ولاية بافاريا، تم إخلاؤه من طالبات اللجوء المتواجدات فيه والقادمات من بلدان مختلفة، استعداداً لاستقبال اللاجئين الأوكرانيين.
مصدر من داخل مركز اللجوء، طلب عدم الإفصاح عن هويته، أكد أن "هذا القرار شمل كل طالبات اللاجوء وليس السوريات فقط، وقد تم نقلهن إلى مراكز استقبال في قرى بعيدة بسرعة كبيرة". المصدر تحدث عن تغيير كل الأواني المستعملة في المطبخ وافتتاح طابقين كانا مغلقين، يحتويان على مفارش وتجهيزات جديدة، افتتحت لدى وصول الأوكرانيين ووسائل الإعلام لتغطية حدث استقبالهم.
وأشار المتحدث الذي رفض الإفصاح عن هويته ضمن التقرير، أنه قد لاحظ "فرقاً في تعامل المسؤولين والموظفين داخل المركز مع اللاجئين الجدد" عن تلك التي كان يعامل بها اللاجئون الآخرون. وشدد على أن "هذا الاحتفاء قوبل به السوريون أيضا في السنة الأولى، لكن التعامل اختلف مع مرور الوقت".
ماجدة بوعزة
المصدر: مهاجر نيوز