نظام التأمين الصحي يضع الائتلاف الحاكم أمام اختبار صعب
٢٥ سبتمبر ٢٠٠٦أعلنت وزيرة الصحة الألمانية أولا شميت، من الحزب الاشتراكي الديمقراطي، في لقاء صحفي تم نشره يوم الأحد (24 سبتمبر/أيلول) عن عدم استعدادها للتراجع عن أي من النقاط الأساسية في خطة إصلاح التأمين الصحي الخاصة بها، وتسببت بذلك في إثارة تساؤلات حول مدى استقرار التحالف الحاكم. فالوزيرة قدمت خطتها في يوليو/تموز من هذا العام، ولكنها لاقت معارضة حتى الآن من قبل المستشارة ميركل ورجال الاقتصاد من حزبها الذين أعلنوا تحفظهم بسبب عدم وضوح مصادر التمويل المعتمد عليها في الخطة الموضوعة. ودارت نقطة الخلاف الأساسية حول تكوين صندوق ادخار خاص بالرعاية الصحية وتمويله، إذ يسعى الحزب الاشتراكي الديمقراطي إلى زيادة الإسهام في الصندوق ليصل إلى 1 بالمئة فقط من دخل الأسرة، بينما يريد الحزب الديمقراطي المسيحي والحزب الاشتراكي المسيحي زيادة حد الإسهام ليصل إلى ما بين 2.5 وَ 3 بالمئة.
تباين في الموقف بشأن خطط الإصلاح
ظهرت علامات الشقاق داخل الائتلاف الحاكم فور بدء المناقشات حول إصلاح نظام التأمين الصحي في يوليو/حزيران الماضي، وتصاعدت الصدامات بين طرفي الائتلاف: الحزب المسيحي الديمقراطي والحزب الاشتراكي المسيحي(الاتحاد المسيحي) من ناحية، والحزب الاشتراكي الديمقراطي من ناحية أخرى. وحذر السياسيون من الجانبين من أن يؤدي الفشل في الوصول إلى اتفاق فيما يخص التأمين الصحي إلى انهيار الائتلاف الحاكم، الذي مثل التعاون الفيدرالي الأول من نوعه بين أكبر حزبين في ألمانيا منذ عام 1960.
يعود التباين بين موقف طرفي الائتلاف الحاكم فيما يخص التأمين الصحي إلى توجهاتهما السياسية المختلفة، فالحزب الديمقراطي المسيحي يريد التوجه إلى نظام رأسمالي بحت بينما يبحث الحزب الاشتراكي عن توفير احتياجات المواطنين الصحية دون إرهاقهم مادياً. لذلك فقد دافعت شميت، ذات الخبرة الطويلة في مجال الصحة، وحزبها الاشتراكي الديمقراطي عن أهمية الاكتفاء بنسبة 1 بالمئة حتى لا تُنهك العائلات ذات الدخل المنخفض بتنفيذ خطة الإصلاح الصحي، المقرر تنفيذه في أول أبريل/نيسان 2007 وقالت: "من الممكن مناقشة تفاصيل تنفيذ الخطة، لكن دون تغيير الركائز الأساسية في خطة الإصلاح".
الحكومة في موقف حرج
وبالرغم من صعوبة الموقف الذي وجدت الحكومة الألمانية نفسها فيه، أعرب فرانز مونتفرينج نائب المستشارة ميركل والعضو بالحزب الاشتراكي الديمقراطي عن تفاؤله قائلاً: "في هذا الوقت نحن نمر بمرحلة حرجة، ولا يمكن لأحد أن ينكر ذلك إلا أنني متفائل". هذه هي الأزمة الكبرى الأولى التي تهدد حكومة الائتلاف في شهرها العاشر وتبدو عائقاً أمام المسيرة المشتركة للجانبين، وهو ما دفع ميركل إلى اللقاء بكورت بيك رئيس الحزب الاشتراكي الديمقراطي يوم الجمعة الماضي لمحاولة تهدئة الصراع بين جانبي الائتلاف الحاكم. إلا أن موقفها يشوبه بعض الضعف ولا يساعد في الوصول إلى حل حاسم، لاسيما بعد أن تراجعت شعبيتها في استطلاعات الرأي الأخيرة التي أجرتها قناة التلفزيون الألمانية الأولى، بشكل لم يسبق له مثيل منذ انتخابها.
الخلافات داخل التحالف الحاكم فتحت الطريق لانتشار التكهنات حول احتمال قيام حكومة بديلة. وتتركز التوقعات بشكل أكبر حول إمكانية تحالف الحزب الاشتراكي الديمقراطي مع حزب الخضر والحزب الليبرالي الديموقراطي. وجاءت مطالبة الأمين العام للحزب الديمقراطي المسيحي رونالد بوفالا الحزب الاشتراكي الديمقراطي بالتمهل في اتخاذ القرارات في الوقت القادم لتقوي تلك التوقعات. أعضاء الحزب الليبرالي الديموقراطي، الذي ارتفعت شعبيته بشكل كبير في استطلاعات الرأي الأخيرة، من ناحيتهم متحمسون لتلك التوقعات ويريدون إنهاء المناقشات بسرعة، اما رئيس الحزب الليبرالي فيسترفيله فيطالب بإقامة انتخابات جديدة في حال انهيار التحالف بدلاً من قبول تحالف "إشارة المرور" أي التحالف بين الحزب الاشتراكي الديمقراطي (الذي يرمز له باللون الأحمر)، والحزب الليبرالي الديموقراطي (الذي يرمز له باللون الأصفر) وحزب الخضر.
انتخابات جديدة؟
ديرك نيبل الأمين العام للحزب الليبرالي أعلن اليوم بعد اجتماع مجلس الحزب عن أنه ضرورة اتخاذ خطوة حاسمة وإعادة الانتخابات مرة أخرى في حال انهيار التحالف الحالي، واستبعد نيبل قيام تحالف بين حزبه وبين حزبي الخضر والاشتراكي الديمقراطي. وذكر نيبل ثلاث نقاط محددة تباعد بين موقف حزبه والحزبين الآخرين وبالتالي تعوق طريق هذا التحالف في رأيه، وهي: رفض الحزب الليبرالي الديمقراطي زيادة الضرائب، وتمسكه بمطلب تحرير سوق العمل من البيروقراطية، ورفضه إصلاحات نظام التأمين الصحي التي يعتبرها "تأمينا إجباريا".
نيبل يسعى إلى إقامة عدد من اللقاءات بين حزبه والحزب الاشتراكي الديمقراطي. ومنذ تصاعد الأزمة داخل التحالف حول برنامج التأمين الصحي، تتزايد الشائعات حول لقاءات بين رئيس الحزب الليبرالي الديموقراطي فيسترفيله ورئيس الحزب الاشتراكي الديمقراطي بيك، إلا أن فيسترفيله ينفي تلك الشائعات. لكن حزبه يبقى في مركز الاهتمام الإعلامي وتبقى التساؤلات مفتوحة حول إمكانيات التحالف الجديدة في حال انهار التحالف الحالي قبل موعد الانتخابات القادمة في 2009.