نظام الأسد..العدو الأخف ضرراً من "داعش"؟
٢٣ أغسطس ٢٠١٤تتواصل الحرب في سوريا منذ أكثر من ثلاثة أعوام، وتستمر معها المأساة الإنسانية، إذ تجاوز عدد القتلى 190 ألف شخص علاوة على تدمير العديد من المدن والمناطق. لكن مع تقدم ما يعرف بـ"تنظيم الدولة الإسلامية" في العراق وجرائمه الوحشية، تراجع الاهتمام بالوضع السوري، على الرغم من أن التنظيم ينشط ايضا في سوريا، وتحديدا في محافظة الرقة.
بالنسبة للرئيس السوري بشار الأسد أنه لا يفرق بين أعدائه، فجميع من يقاتلونه ويسعون لقلب نظام حكمه هم في نظره "إرهابيون" وهم من يقومون بالمذابح في حق الشعب السوري، كما قال في أكثر من مناسبة. وكان الأسد قد أطلق في عام 2012 سراح مئات الإسلاميين ومعظمهم من قادة جماعات سلفية، وهو الأمر الذي أعتبره الخبراء بمثابة خطة من قبل نظام الأسد لتعزيز المخاوف من سيطرة الإسلاميين على سوريا إذا ما سقط نظام حكم الأسد، على إعتبار أن البديل سيكون أسوأ من نظام الأسد. بالنسبة للسورين وللغرب ايضا.
"داعش" ليس له صديق
كشف الرئيس الفرنسي فرانسوا أولاند عن حصول المعارضة السورية، غير الجهادية الإسلامية، على سلاح من فرنسا قبل أشهر قليلة، لكن هذا لا يمنع أن القوى المعتدلة المعارضة للنظام السوري في موقف صعب، إذ يتعين عليها النضال على جبهتين في آن واحد: ضد النظام وضد المتشددين.
وفي بداية الأمر لم يقف الجهاديون في وجه النظام وإنما تركزت أولويتهم على السيطرة على المناطق التي حررتها قوى المعارضة المعتدلة كـ"الجيش السوري الحر" مثلا، وهو ما كان يصب في نهاية المطاف في مصلحة النظام السوري، في نظر بعض الخبراء. لكن ومع مرور الوقت أصبح تنظيم "الدولة الإسلامية" أحد أخطر التهديدات بالنسبة للأسد، كما يقول يوخين هيبلر أستاذ العلوم السياسية بجامعة دويسبورغ الألمانية في حوار لإذاعة "دويتشلاند فونك"، ويشير في هذا السياق إلى المواجهات بين قوات النظام السوري وعناصر تنظيم "الدولة الإسلامية" أثناء محاولتهم السيطرة على مطار الطبقة العسكري الذي يعد آخر معقل للنظام السوري في محافظة الرقة.
شريك غير محبوب؟
الموقف الأمريكي الذي لم يستبعد شن هجمات تستهدف تنظيم "الدولة الإسلامية" في سوريا على خلفية التقدم المقلق هذا التنظيم، يجعل بعض المراقبين لا يستبعدون أن يضطر الغرب للتعاون على مضض مع الأسد كـ"شريك غير محبوب" حتى وإن كانت بريطانيا استبعدت فكرة التعاون معه.
فقبل أيام قليلة وصف الرئيس الأمريكي باراك أوباما عملية تدمير ترسانة السلاح الكيماوي السوري بالخطوة المهمة واكتفى بمطالبة الأسد بعدم ارتكاب جرائم ضد شعبه، فيما تجنب الحديث عن مسألة تنحيه عن السلطة. ويرى يوخين هيبلر أن الهجوم اللفظي من الغرب على الأسد تراجع بشكل واضح في الفترة الأخيرة، إذ من الواضح أن الغرب لم يعد يرى في الأسد المشكلة الرئيسية بل في تنظيم "الدولة الإسلامية"، كما يعتقد الخبير الألماني.
ويوضح هيبلر أن موقف الغرب الداعم للأكراد في العراق على عكس موقفه في سوريا، جعل الكثير من السوريين يشعرون بأنهم تركوا وحدهم في الورطة، وأضاف خبير العلوم السياسية:"الكثير من السوريين لم يعودوا يرون في بشار الأسد الشر الأكبر بل صاروا ينظرون إليه كأخف الضررين، لاسيما بعد مشاهدة لقطات الفيديو الكثيرة العنيفة لتنظيم الدولة الإسلامية". وتشير كل هذه التطورات إلى أن هذا التنظيم قد حل محل نظام الأسد من حيث التنصنيف كعدو لدود ليس فقط لقطاع كبير من الشعب السوري، بل وللغرب أيضا.