"نصف ضحايا نزاعات العالم سقطوا في العالم العربي"
٦ مايو ٢٠١٦أظهرت دراسة لمعهد لندن الدولي للدراسات الاستراتيجية أن 167 ألف شخص لقوا مصرعهم العام الماضي بسبب صراعات مسلحة. لتسليط الضوء على هذا الموضوع أجرتDW حوارا مع أنستاسيا فورونكوفا، وهي خبيرة ساهمت في إعداد التقرير.
وفيما يلي نص الحوار:
DW: هذا ثاني تقرير من نوعه تصدرونه حول ضحايا النزاعات المسلحة في العالم. ما هي أهم التطورات التي رصدتموها في التقرير الجديد مقارنة بالتقرير الأول؟
أنستاسيا فورونكوفا: التقرير السابق الصادر في 2014 أشار إلى تراجع الصراعات في العالم وفي نفس الوقت ارتفاع عدد الضحايا. لكن لاحظنا في التقرير الجديد أن عدد الضحايا خلال 2015 انخفض من 180 ألف إلى 167 ألف. تجدر الإشارة أن نصفهم سقطوا في النزاعات المسلحة في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا. الحرب في سوريا أوقعت لوحدها حوالي ثلث جميع الضحايا. من جهة أخرى وثقنا ارتفاعا لعدد الضحايا في كل من تركيا واليمن ومصر. لقد تعقدت أوضاع بعض الدول، وما يثير قلقنا أكثر في الوقت الراهن هو غياب آفاق حلول سلمية للصراعات المندلعة في دول الشرق الأوسط.
وفيما يتعلق بتنظيم داعش الإرهابي، يمكن القول أن هناك نقلة نوعية في نشاطه. إذ فقد التنظيم سيطرته على بعض المناطق في العراق وسوريا. لكنه عزز نفوذه في ليبيا وأحكم سيطرته على بعض المناطق هناك. رغم أن ليبيا لا تعاني من انقسام طائفي وديني ومقاتليه غير مرحب بهم مثلما هو الحال في سوريا والعراق. هذا التنظيم نجح في تدعيم وجوده خاصة في مدينة سرت. ما يعني أنه تنظيم متماسك ومستقر.
سجل التقرير السابق 42 نزاعا مسلحا في العالم. لكنها انخفصت إلى37 نزاعا حسب التقرير الجديد. هل تعني الإحصاءات الجديدة أن العالم شهد في عام 2015 تقدما في عمليات السلام؟
لا ليس بالضرورة لإن حل الصراعات المندلعة في الشرق الأوسط وشمال افريقيا بطريقة سلمية أمر بعيد المنال حسب اعتقادنا. من جهة أخرى تأزم الوضع أكثر في دول أمريكا الوسطى والمكسيك. الدليل في ذلك هو ارتفاع عدد الضحايا هناك مقارنة بعام 2014. لكن الوضع في كولومبيا تحسن بشكل واضح. ذلك يتجلى خاصة في انخفاض حدة الصراع بين الحكومة الكولومبية والقوات المسلحة الثورية الكولومبية المعروفة باسم "فارك" وميليشيات جيش التحرير الوطني. شهدنا خطوات كبيرة في اتجاه حل الصراع المسلح هناك. بيد أن هناك عقبات يجب تجاوزها لإحلال سلام بعيد المدى.
لكن الصراعات المسلحة ليست الوحيدة المهددة للأمن العالمي. في شهر نوفمبر/تشرين الثاني من عام 2015 تم المصادقة على اتفاقية لحماية المناخ في العاصمة الفرنسية. لقد دفع التغير المناخي الآلاف من الناس إلى مغادرة بلدانهم. نتوقع ارتفاع النازحين بشكل كبير في العشر إلى خمس عشر سنة القادمة وحسب مؤشراتنا فسنرى الملايين ينزحون بسبب التغير المناخي. هذا ما يقودنا إلى سؤال محوري هنا: كيف ستنعكس موجات هذا النزوح على الأمن العالمي؟
من جهة أخرى تسببت الصراعات والكوارث الطبيعية في نزوح 60 مليون لاجئ في عام 2015. أعداد اللاجئين ارتفعت بشكل مهول وهذا هو أحد أكبر التحديات التي تواجه العالم اليوم.
بناءا عليه نحذر من مغبة عدم التوصل لحلول سلمية للصراعات المسلحة، إذ أن عواقب ذلك ستكون وخيمة على شعوب العالم. سنواصل مراقبتنا لتطورات الأوضاع في العالم عن كثب.
ذكرتم في التقرير الجديد أن النزاعات المسلحة تركزت بالأساس في المدن. ماهو سبب ذلك برأيكم؟
صحيح. التقرير الجديد سلط الضوء أيضا على مدى تركز النزاعات المسلحة خاصة في المدن الكبرى التي صارت بؤرا للإرهاب. المثير للقلق هو أيضا ارتفاع عدد اللاجئين النازحين من المدن خلافا لما هو عليه الأمر في الأرياف. تزايدت حدة أعمال العنف في مدن متفرقة في العالم خاصة في تركيا وأوكرانيا.
ماهي أكثر المدن التي تأثرت بشكل كبير من تنامي أعمال العنف؟
مدن أمريكا اللاتينية هي أكثر المناطق التي تعرضت لعمليات العنف. هذه المدن تعاني بصفة خاصة من مشاكل الجريمة المنظمة والصراعات المستمرة.
أنستاسيا فورونكوفا، باحثة في مجال الحروب ومحررة لدى المعهد الدولي للدراسات الإستراتيجية في لندن.