نتنياهو يعود الى زعامة الليكود عبر بوابة التشدد
أظهرت الانتخابات الداخلية لحزب الليكود اليميني الإسرائيلي فوز رئيس الوزراء السابق بنيامين نتنياهو في صراعه مع منافسه الرئيسي، وزير الخارجية سيلفان شالوم على رئاسة الحزب. وبذلك أصبح بنيامين نتانياهيو مرشح الليكود لمنصب رئيس الوزراء في الانتخابات التشريعية الاسرائيلية المقبلة اثر انسحاب ارييل شارون من حزب الليكود الذي ساهم في تأسيسه. وأعلن فوز نتانياهو رسميا وسط تصفيق أنصاره في المقر العام لتكتل الليكود في تل أبيب المدير العام للحزب اريك برامي حتى قبل الإعلان عن النتائج الرسمية. ويذكر أن نتانياياهو (56 عاما) إستقال وسط ضجة كبيرة مطلع آب/ أغسطس الماضي من منصب وزير المالية في حكومة شارون احتجاجا على الانسحاب الاسرائيلي من قطاع غزة واربع مستوطنات في شمال الضفة الغربية الذي تم في 12 ايلول/سبتمبر الماضي.
وكان حزب الليكود الإسرائيلي قد شرع أمس بإجراء اقتراع داخلي لانتخاب زعيم جديد في مسعى لإعادة توحيد الحزب اليميني بعد انشقاق رئيس الوزراء ارييل شارون الذي أدى إلى تصدع الحزب المهيمن على الحياة السياسية منذ فترة طويلة. ويملك الليكود حوالي 128 ألف عضو موزعين على مراكز انتخابية في شتى أنحاء البلاد.
أربعة متنافسين على الرئاسة
تنافس على رئاسة الحزب في انتخابات أمس أربعة أشخاص هم بنيامين نتنياهو، رئيس وزراء سابق، وسيلفان شالوم، وزير الخارجية الحالي، ويسرائيل كاتس وموشيه فايغلان. الا أن المنافسة الأساسية كانت منذ البداية بين الرجلين الأقوى في الحزب وهما نتنياهو وشالوم. ورغم أن حظوظ المرشحين الأخيرين في الفوز ضئيلة، إلا أنهما أصرا على خوض الانتخابات حتى النهاية. كاتس يتبوأ منصب وزير الزراعة وهو حليف سياسي وثيق الصلة بشارون حتى الانسحاب من قطاع غزة، حيث عارض الانسحاب وتعهد باستعادة أنصار الليكود الذي انضموا لحزب شارون الجديد "كديما".أما موشيه فايغلان، المرشح الرابع، فهو الوحيد الذي ينتمي إلى اليهود المتشددين ويتزعم التيار القومي المتطرف في حزب الليكود. كما كان في في منتصف التسعينات ضمن مجموعة نظمت احتجاجات اتسمت في بعض الأحيان بالعنف ضد اتفاق السلام المؤقت مع الفلسطينيين. ويطلق على جناحه، الذي نظم الكثير من الاحتجاجات ضد الانسحاب الإسرائيلي من قطاع غزة،"الزعامة اليهودية". وفضلاً عن ذلك فهو يدعم تيار التوسع في الاستيطان في الضفة الغربية، وتحويل إسرائيل إلى دولة تخضع لرجال الدين. ويرى بعض المراقبين أن إصرارهما على الترشح لمنصب رئيس الحزب تم لدواع تكتيكية كالحصول على بعض الامتيازات من نتنياهو أو شالوم في حالة عدم حصول الأخيرين على الأغلبية المطلوبة لأي من المرشحين واضطرارهما لخوض انتخابات التصفية.
نتنياهو: اتجاه عام نحو التشدد
وفي اطار حملتهم الانتخابية تبادل المرشحون الأربعة الاتهامات حيث ادعى كل منهم انه المرشح الأفضل الذي سيعيد الى الليكود قوته بعد انشقاق شارون. وكانت أقوى هذه الاتهامات هي التي تبادلها نتنياهو وشالوم. الأول اتهم غريمه بانه "سيحول الليكود الى كديما ب". كما ركز نتنياهو في حملته على عواطف أعضاء الحزب بقوله: "أعضاء الليكود سيتخذون قرارا شديد الاهمية، يبين ما اذا كانوا يريدون حزب ليكود كبير يحافظ على القدس ويعارض كديما، او حزب ليكود صغير وضعيف يشكل فرعا لكديما ولا يستطيع معارضة تقسيم القدس او اعادة الحدود الى مشارف كفار سابا والخضيرة".
والمعروف عن نتنياهو، الذي تولى رئاسة الوزراء في الفترة من عام 1996 إلى 1999، أنه يرفض التخلي عن أراض أخرى للفلسطينيين، ويدعو في برنامجه الانتخابي إلى التوسع في بناء مستوطنات الضفة الغربية مخالفاً بذلك "خارطة الطريق" الدولية التي تحظى بدعم الولايات المتحدة، وروسيا، والإتحاد الأوروبي، والأمم المتحدة (اللجنة الرباعية). وفي هذا السياق أدان نتنياهو الاتفاقيات القائمة على مبدأ الأرض مقابل السلام المؤقتة التي أبرمت مع الفلسطينيين. لكنه وافق على تسليم بعض الأراضي للفلسطينيين تحت ضغط الولايات المتحدة.
أما سيلفان شالوم، وزير الخارجية الحالي، فقد اعتمد على أصوات اليهود الشرقيين. كما أن له تاريخ طويل في السياسة الإسرائيلية، حيث تولى عدداً من المناصب السياسية. وقد قام بزيارة تاريخية مؤخراً إلى تونس، مسقط رأسه، بمرافقة والدته. وشالوم متزوج من جودي شالوم نير موسى، مذيعة شهيرة ورثت عن أسرتها صحيفة وأصبحت شخصية بارزة في المجتمع. وردا على تصريحات نتنياهو اطلق انصار شالوم هتاف "بيبي خائف". وقال انصار شالوم ان نتنياهو يعرف بأنه سيخسر في الانتخابات، انه خائف ويواجه حالة ذعر وهستيريا".
مرض شارون يخيم على الانتخابات
وخيم على انتخابات الليكود نبأ نقل شارون إلى المستشفى إثر إصابته بجلطة خفيفة في المخ. وأعلن الأطباء أن حالة رئيس الوزراء البالغ من العمر 77 عاماً ليست خطيرة، إلا أن القلق بشأن صحته دفع الإسرائيليين إلى التساؤل إلى متى سيظل قادراً من الناحية البدنية على مواصلة هيمنته على عملية صناعة القرار السياسي في البلاد. وفي هذا الإطار يقول محللون سياسيون إنه لم تهيمن أي شخصية على الساحة السياسية في إسرائيل إلى الحد الذي بلغه شارون منذ رئيس الوزراء الأسبق دافيد بن جوريون الذي ساهم في تأسيس الدولة اليهودية.
ورغم الفوز الواضح لبنيامين نتنياهو على منافسه شالوم، إلا أن عليه أن يقود حزباً يمينياً يكافح من أجل الحصول على المركز الثالث في الإنتخابات العامة القادمة خلف حزب "كديما" الجديد بزعامة شارون الذي يمكن إعتباره بمثابه "الوسط"الجديد، وخلف حزب العمل الذي استرد حيويته بعد تولي عمير بيريتس، الزعيم السابق لنقابات العمال، رئاسته.