ناشطة ألمانية بارزة: "عائلتي" تنقل صورة للجزائر من الداخل!
٢٩ مارس ٢٠١٩من خلال كتابها "عائلتي الجزائرية"، نقلت الناشطة الألمانية في مجال حقوق المرأة، أليس شفارتسر، صورة الجزائر من الداخل. الكتاب لاقى صدى واسعاً، خاصة من قبل الجزائريين المقيمين في فرنسا. عن الجزائر والاحتجاجات الحالية ضد بوتفليقة، تحدثت شفارتسر في حوارها التالي مع DW:
DW : سيدة شفارتسر، بداية ما هو سبب اهتمامك بالجزائر؟
أليس شفارتسر: عشت لفترتين طويلتين في باريس خلال ستينيات وسبعينيات القرن الماضي، وفي ذلك الوقت كانت الجزائر موجودة في كل مكان. يمكن القول أن الجزائر، هي فيتنام بالنسبة لفرنسا، حيث تتكرر نفس مشاهد مقاومة الاستعمار والغضب وما إلى ذلك. بعدها قمت عام 1989 في تونس، بتنظيم حلقة دراسية للصحفيين من دول المغرب العربي. وكان من بين المشاركين، جزائريون. لكن جميلة، كانت من الذين بقيت على اتصال بهم. جميلة، هي الشخصية الرئيسية في كتابي "عائلتي الجزائرية". وباعتبارها صحفية وامرأة متحررة كانت تعيش جميلة في فترة التسعينات وضعية صعبة. أحضرتها إلى مدينة كولونيا، حيث عاشت خمس سنوات، تحسنت خلالها حياتها. من خلال تلك الفعالية كونت علاقة صداقة مع العائلة الجزائرية. كانوا يأتون لزيارتي، وأنا أذهب إلى الجزائر لزيارتهم. يمكن القول أنني نقلت صورة هذه العائلة كنموذج، لأنها عائلة كبيرة تضم ثلاثة أجيال.
ما هي ميزة الكتابة عن الجزائر من خلال عيون عائلة جزائرية بدلاً من الاعتماد على التحليل؟
كلاهما مشروع. قصة العائلة، تنقل صورة للجزائر من الداخل. الكتاب نُشر قبل عام في ألمانيا وقبل أسبوعين فقط في فرنسا. ويُقال في فرنسا، إنه أول كتاب عن الحياة في الجزائر اليوم. لا نعرف الكثير عن الجزائر اليوم. كانت الجزائر معروفة على الصعيد العالمي في ستينيات وسبعينيات القرن الماضي، وكانت تحظى بالإعجاب باعتبارها البلد، التي حررت نفسها من الحكم الاستعماري وأصبحت بعد ذلك قبلة الثوريين، التي حج إليها الجميع - تشي جيفارا، الفهود السود وآخرون. ثم دخلت في غياهب النسيان، خاصة خلال صدمة التسعينيات، التي يُطلق عليها الجزائريون اسم "العشرية السوداء". الحرب الأهلية، التي أشعلها الإسلاميون و راح ضحيتها أكثر من مأتي ألف شخص. ومازالت الجزائر تعاني من آثارها إلى اليوم. هناك صدمتان تعاني منهما الجزائر اليوم؛ الاستعمار: كما حكى لي شقيق جميلة الأكبر، الذي قاتل وهو طفل، الاستعماريين. والصدمة الثانية، الإسلاموية في التسعينيات. هذان هما الموضوعان الرئيسيان في وقتنا الحالي واللذان يمكن تسليط الضوء عليهما في هذا البلد.
هناك مظاهرات في الوقت الحالي ضد الرئيس بوتفليقة، ما هو تقييمك لهذا التطور في ضوء سنوات خبرتك العديدة؟
لقد تنبأت بالفعل بهذه الاضطرابات في كتابي، لكن في هذا الشأن لا يحتاج المرء أن يكون عرافاً. لأنه كان من المتوقع أن يتقدم بوتفليقة للترشح للمرة الخامسة بدعم من العصابة المختبئة خلفه، على الرغم من أنه بالكاد قادر على الحركة. غير أني لم أكن أتوقع مثل هذه الاحتجاجات الواسعة والحاسمة. "عائلتي الجزائرية"، كما أعرفها في كتابي، تنزل بأكملها إلى الشوارع وتبقيني على إطلاع يومي بالمستجدات.
يمكنني أن أخبركم أن معظم المحتجين في الجزائر العاصمة وكذلك في وهران وفي سطيف وفي تيبازة، من الشباب والنساء اللائي يخرجن بأعداد كبيرة إلى الشوارع، لأنهم ليسوا متساوين في الحقوق المدنية بعد. طابع الاحتجاجات كان ولا يزال سلمياً ويدعو للبهجة. النساء تطلق الزغاريد، هذه الصيحات العربية، التي تطلق في نطاق عائلي فقط، كما أخبرتني "عائلتي" والكثير من الأشخاص، الذين يكتبون لي. منذ نشر الكتاب في فرنسا، يكتب لي جزائريون، لا أعرفهم. لكن في الوقت نفسه الناس قلقون، وقلقهم هذا مشروع، لأنهم يحتجون على ما هو موجود. ولأنهم لا يعلمون ما الذي يمكن أن يحدث. كما لا يُعرف بعد كيف سيكون رد فعل النظام في نهاية المطاف، في حالة استمرت المقاومة. في حين يبقى الإسلامويون متربصين في الخفاء.
هل هذا هو السبب بالضبط وراء كبح جماح الاحتجاجات في الجزائر خلال ثورات ما يُعرف بالربيع العربي عام 2011 ؟
خلال "الربيع العربي"، قال الجزائريون على الفور "لا شكراً"، وكانوا على حق. لأنه سرعان ما تحول "الربيع العربي" إلى "شتاء عربي". لقد أشعل القليل من العطشى للحرية شرارة هذا الربيع. لكن على الفور، دخل الإسلامويون المنَظَّمون بشكل جيد والمدعومون بأموال النفط في هذه الفوضى وحاولوا في جميع البلدان، الاستيلاء على السلطة.
كان الجزائريون يدركون هذا الخطر، لأنهم لن يصوتوا بعد الآن للإسلاموين بعد ما حدث في التسعينيات، ولأنهم يعلمون جيداً أن هؤلاء عصابة قتل.
لكن بالطبع حاليا هناك تخوف من خطر التطرف الديني ما بعد الصدمة. هناك الكثير من الأمل والكثير من القلق. كيف ستتطور الأمور؟ بالطبع، هذا يعتمد إلى حد كبير على الغرب، وكيف سيكون رد فعله ؟ هل سيحاول دعم القوى الديمقراطية الحقيقية هناك؟ الأمر ليس سهلاً. أم أنه سيختار في نهاية المطاف دعم النظام الحالي. لكن مع كل هذه الأسئلة، فإنه من الواضح، أنه لو دخلت الجزائر في حالة فوضى، ستدخل معها منطقة شمال إفريقيا بأكملها، وحينها سنعرف ما ذا يعني تدفق اللاجئين بشكل جيد. لذلك فمصير الجزائر لا ينبغي أن يثير اهتمامناً بدافع التعاطف فقط!
أجرت الحوار: لويزا فون ريشتهوفن
أليس شفارتسر، هي واحدة من أشهر الناشطات الحقوقيات في مجال حقوق المرأة في ألمانيا. أسست الصحفية والكاتبة الألمانية، مجلة المرأة بعنوان " Emma ". كما صدر كتابها "عائلتي الجزائرية" باللغتين الألمانية و الفرنسية.