نازحات في فقر مدقع.. كيف يواجهن الحياة بعد العودة إلى سوريا؟
٣ أبريل ٢٠١٩رغم مرور ثماني سنوات على اندلاع الحرب الأهلية في سوريا، إلا أنه لا توجد أي آفاق لإقرار سلام دائم في البلاد. فمدن بأكملها مثل حلب أصبحت تحت الأنقاض خلال سنوات القتال. أدى النزاع إلى نزوح ما يقرب من نصف سكان البلاد الذين بلغ عددهم في عام 2011 نحو 22 مليون نسمة. وبخلاف مئات الآلاف من السوريين الذين يبحثون عن ملجأ في الخارج، هناك ملايين من النازحين داخلياً - وغالبًا ما تكون النساء هن الفئة الأكثر تضرراً وسط أهوال الحرب.
يقول تقرير جديد نشره المجلس النرويجي للاجئين (NRC) إن عددًا لا يحصى من النساء السوريات يجدن أنفسهن غير قادرات على استعادة أرضهن عند عودتهن إلى البلاد، حيث تم تدمير العديد من السجلات الرسمية للأراضي والممتلكات العقارية أثناء النزاع، ما جعل من الصعب عليهن الحصول على الوثائق ذات الصلة لتقديم مطالبات باستعادة هذه الممتلكات.
ومع نزوح ملايين الأشخاص في سوريا عدة مرات في السنوات الأخيرة، تزايدت النزاعات على الأراضي في الدولة التي مزقتها الحرب. ويتوقع مجلس اللاجئين النرويجي أن يتم رفع أكثر من مليوني دعوى قضائية في سوريا لاستعادة الممتلكات المفقودة
أغلال السلطة الأبوية
من ضمن المشكلات التي تواجهها النساء السوريات أن وثائق الأراضي في بلادهن غالبًا ما تحتوي فقط على أسماء رجال العائلة. ومع وفاة العديد من أزواجهن أو إخوانهن أو آبائهن أثناء الحرب، تجد الكثير من السوريات أنفسهن في فقر مدقع لعدم وجود من يكفل معيشتهن، كما أنهن غير قادرات على المطالبة بممتلكاتهن. ووجد استطلاع أجراه (NRC)أن أربعة بالمائة فقط من اللاجئات السوريات اللواتي يعشن في الأردن ولبنان لديهن ممتلكات في سوريا مسجلة باسمهن.
تقول لورا كونيال، الخبيرة القانونية في (NRC) في مقابلة مع رويترز: "تتعامل النساء في سوريا بالفعل مع إطار قانوني يشوبه التمييز، فوفق الشريعة الإسلامية على سبيل المثال لا يتم منحهن إلا نصف حصة الرجال من الأرض عند توزيع الميراث".
وتضيف كونيال: "لقد أصبحوا الآن أسوأ حالًا. معظم الأراضي والممتلكات هي خرائب .. وما تبقى منها - وهو قليل - بعيد للغاية عن متناول النساء نظرًا لعدم قدرتهن على توفير الأوراق اللازمة لاستخراج سندات الملكية. ما يترك النساء في مأزق قانوني، ويجعلهن غير قادرات على وراثة أو بيع الممتلكات."
زواج الأطفال كوسيلة للهروب من الفقر
وفقًا لما أورده مجلس اللاجئين النرويجي، فإن الكثير من النساء السوريات يفتقرن إلى وثائق الهوية اللازمة لتقديم أي مطالبات بالأراضي أو العقارات؛ فقد لاذ الملايين بالفرار من الحرب الأهلية دون أن يحملوا أي أوراق معهم، ومن حمل أوراقه معه تمت مصادرتها عند نقاط التفتيش.
تقول كونيال إن اثنين بالمائة فقط من النساء النازحات في جنوب سوريا يُعتقد أنهن ما زلن يحملن جوازات سفر - مقارنة بـ 21 بالمائة من الرجال - في حين أن ثلاثة أرباع العائلات السورية التي لجأت إلى الأردن أبلغت مجلس اللاجئين النرويجي أنها اعتادت امتلاك مستندات ملكية، فقد أفاد 20 بالمائة منهم بحيازتهم للوثائق.
وفقًا لتقرير مجلس اللاجئين النرويجي، فقد دفعت الأوضاع الصعبة بعض النساء السوريات إلى تزويج بناتهن القاصرات حتى يتمكن من الحصول على ممتلكات. وأوضحت كونيال أن العديد من النساء "يغمرهن حزن عميق وهن يبحثن عن أزواج لبناتهن من ملاك الأراضي حتى يكون لهن سقف فوق رأسهن".
وفي دراسة أجرتها الأمم المتحدة عام 2017 وُجد أن زواج الأطفال في سوريا يرتفع بمعدل "ينذر بالخطر". الدراسة غطت حوالي 2400 امرأة وفتاة تعشن في لبنان، تزوج أكثر من ثلث من شملهم الاستطلاع - تراوحت أعمارهن بين 20 و 24 سنة - قبل بلوغ سن الثامنة عشر، وأن ربع الفتيات اللاجئات الذين تراوحت أعمارهن بين 15 و 17 عاماً كن متزوجات بالفعل في ذلك الوقت.
الكاتب: سيرتان ساندرسن/ عماد حسن
المصدر: مهاجر نيوز