"نادر وسيمين"- دراما إيرانية تسلط الضوء على انقسام المجتمع
١٩ يوليو ٢٠١١يبدأ الأمر بشجار في قاعة المحكمة وبقاض تم تكليفه بما لا طاقة له به. سيمين امرأة عصرية متحررة، تريد مغادرة إيران بأي شكل من الأشكال. غير أنا زوجها نادر على استعداد للانفصال عن زوجته، كي لا يترك والده المريض وحيداً خلفه في إيران. لكن المشكلة تكمن في عدم وجود حل وسط بين خطط الاثنين المستقبلية، فيقع الطلاق بينهما.
ابنة ومصير مجهول
ضحية هذا الطلاق هي ابنتهما البالغة من العمر 12 عاماً والتي تعيش مع والدها في البداية. وتعد الابنة تيرمه بؤرة أحداث الفيلم العاطفية، فبينما يغرق الكبار تدريجياً في الأكاذيب وأنصاف الحقائق، فإنها تطالب بشدة بإظهار الحقيقة.
ويعهد مخرج الفيلم أصغر فرهادي لأبنته بأداء هذا الدور، وهو أمر لم يكن بالهين، كما يقول فرهادي في حوار مع دويتشه فيله، ففي البدء كان صارماً معها للغاية. ويضيف المخرج الألماني: "ومن ثم، مع استمرار أعمال التصوير رأيت أن هناك ضغطاً هائلاً عليها. ولذلك حاولت أن أكون أقل صرامة معها، وبدأت أعاملها كما أعامل الممثلين الآخرين".
فيلم سياسي؟
وتتفاقم هذه الأزمة الزوجية في الفيلم من خلال أم شابة منحدرة من عائلة فقيرة، من المفروض أن تعتني هذه الزوجة الشابة بوالد نادر، لكنها سرعان ما تهمله. ويقود هذا الأمر إلى عراك بالأيدي، تفقد بسبه الزوجة الشابة الحامل جنينها، وهو ما يؤدي إلى مطالبة زوجها الصارم والمتدين بالثأر والدية.
وبدرامية عاطفية متزايدة باستمرار ينجح المخرج الإيراني أصغر فرهادي في خلق قصة مثيرة عن "الذهاب والبقاء" وعن "سجن الإنسان في وطنه". ومن خلال هذه الدرامية تكون القيم الغربية العصرية للطبقة الوسطى في إيران في مواجهة المشاعر الدينية المحافظة للطبقات الفقيرة. كما تزداد الصراعات الإنسانية نعقيدا من خلال سلطة عليا ضيقة الأفق والقضاء والقوانين الإسلامية.
عمل فني معقد
إن الصراحة، الذي يتناول فيه فرهادي لهذه المشاكل، أدهش النقاد الغربيين بشكل خاص. أما فرهادي نفسه فيلتزم جانباً كبيراً من الدبلوماسية، إذا ما دار الكلام حول تفسير عمله. عن ذلك يقول المخرج الإيراني: "يمكن أن يفسر هذا من منظور سياسي أو اجتماعي نقدي، أو من منظور فلسفي. وبذلك تتاح للمشاهد حرية الاختيار".
إن فيلم "سيمين ونادر" أكثر من قصة سياسية، وأكثر من دراما عائلية. مع توالي الأحداث يصبح الفيلم أكثر تعقيداً وأكثر إثارة، وكثير من الصراعات تبقى من دون حل حتى نهاية الفيلم. لكن المشاهد يلاحظ أنه يشاهد فيلماً مدهشاً وصريحاً ونقدياً من إيران، فيلم يثير الإعجاب، لا يمكن نسيانه بسهولة.
نجاح كبير في إيران وفرنسا
في إيران حقق الفيلم نجاحاً كبيراً، بعد أن أقبلت الطبقة الوسطى بشكل خاص على مشاهدته، واستمر عرضه لـ10 أسابيع. ومن ثم توقف عرض الفيلم، مثل جميع الأفلام في إيران من أجل إفساح المجال لأفلام أخرى. فمنذ الثورة الإسلامية لم يعد هناك ببساطة عدد كاف من دور السينما. أما في فرنسا فقد عرض الفيلم تحت عنوان "انفصال" في مطلع حزيران/ يونيو، وشاهده أكثر من نصف مليون شخص.
يورغ تاتسمان/ عماد غانم
مراجعة: لؤي المدهون