"ميغيس"مبادرة عربية هدفها مساعدة اللاجئين العرب في برلين
١٩ يناير ٢٠١٨مؤسسة "ميغيس" البرلينية لرعاية وإدماج أصحاب الاحتياجات الخاصة تقدم منذ ما يزيد عن السنة مبادرات لمساعدة اللاجئين، وذلك ضمن إشراف مختصين عرب ناطقين بلغة الضاد ،حيث يعمل هؤلاء بتناغم من أجل تأهيل وإدماج حاملي الإعاقات الجسدية والنفسية من الوافدين الجدد في حياتهم البرلينية الجديدة.
تمثل المجموعة السورية من الوافدين الجدد أكبر مجموعة عربية تتمتع بالمساعدة في فضاء المؤسسة. يسهر فيصل باكير السوري الأصل على دعم ورعاية هؤلاء في إطار برنامج حكومي برليني.
"أشتغل هنا منذ انطلاق المشروع قبل حوالي سنة مع حاملي الإعاقة من العرب لاسيما السوريين منهم الذين يمثلون الأغلبية. يحمل اللاجئون الذين نعني بهم إعاقات متنوعة مثل الإعاقة الجسدية والنفسية" هكذا شرع السيد باكير يتحدث لـ DW عربية واصفا نوعية العمل الذي يؤديه لهذه الفئة من الوافدين الجدد في برلين.
قدم باكير من سوريا منذ حوالي ثلاثة عقود من الزمن للدارسة في الجامعات الألمانية حيث درس علم العمل الاجتماعي في الجامعة البرلينية ليلتحق إثرها مباشرة عقب انتهائه من الدراسة إلى العمل الاجتماعي.
مهمة باكير الخمسيني في مؤسسة "ميغاس" تتمثل كما أفادنا في حديثه بتقديم جملة من الخدمات الضرورية التي يحتاجها أصحاب الاحتياجات الخاصة من الناطقين بلغة الضاد، ثم استرسل قائلا "ننسق مواعيد مع إدارة المستشفيات والأطباء و الإدارات الحكومية كما نقوم أيضا بدور المترجم عند الحاجة." كما ينسق باكير مع مجموعة من الأخصائيين من النساء والرجال من أجل مساعدة المعاقين من اللاجئين.
"المبادرة تستهدف خدمة اللاجئين المرضى"
محمود فيومي الفلسطيني الأصل يعتبر أحد الفاعلين في هذا البرنامج. اختصاصه في العمل الاجتماعي وتكوينه في التمريض ساهم في تقديم مساعدة مهنية متميزة لحاملي الإعاقة من العرب في أروقة "ميكاس".إذ يخدم البرنامج على إدماج المرضى في الحياة المدنية البرلينية من خلال تدريبات ميدانية حتى يتمكن حامل الإعاقة من التأقلم في شوارع المدينة وكيفية استعمال وسائل النقل المدني مثل مترو الأنفاق والحافلات ويستمر السيد فيومي الأربعيني بالقول:" نعطي حاملي العربات وفاقدي البصر على سبيل المثال نصائح تسهل لهم التكيف في حياتهم للتنقل بدون صعوبة في المدينة. وتعلم وتطبيق الإشارات الخاصة في محطات النقل المدني، كما نقوم كذلك بتدريبهم عمليا على قواعد قطع الطرقات أو الركوب في الحافلة والتحرك في شوارع المدينة بكل ثقة ."
ويقول فيصل في فحوى حديثه لـ DWعربية إن أعدادا هائلة من ضحايا الحرب السورية من مختلف الشرائح العمرية والاجتماعية تحمل جلها صدمات نفسية جراء ما عاشوه في الحرب وفي السجون ويسترسل المشرف السوري في مجرى حديثه يقول:" نحن نود أن نقدم لهؤلاء أيضا المساعدة والرعاية إلا أننا نواجه صعوبات مع الدوائر الطبية الرسمية في برلين التي لم تعترف رسميا بالكثير بالحالات النفسية." ويقول السيد باكير إن أعدادا كبيرة من الوافدين الجدد من مختلف الشرائح العمرية في حاجة ماسة إلى رعايتنا و إلى عملنا الاندماجي.
مجهود مميز ونجاحات عديدة
يرى باكير أنه بمعية طاقم عمله المتكون من 12 شخصا قد تمكن من تحقيق نجاحات عديدة تستحق الذكر والتنويه، أما السبب في هذا كما يقول ." لا شك أن اللغة ساهمت بقسط وافر في كسب الكثير من أصحاب الإعاقة من العرب والوافدين الجدد على حد سواء كما أن انتمائنا نحن كطاقم عمل للعقلية والثقافة العربيتين ساعدا أيضا في نجاح المشروع." ويضيف السيد باكير يقول بأنهم يكسبون ثقة الزائر في الوهلة الأولى وأن عامل الثقة أساسي في العمل الاجتماعي عموما.
يشمل برنامج رعاية وإدماج ذوي الاحتياجات الخاصة على حزمة من البرامج الثقافية والترفيهية التي كثيرا ما لا يجدها اللاجئ في محيطه العائلي لاسيما منهم من يقطن في السكنات الجماعية. تهدف مؤسسة " ميكاس" من خلال برنامجها إلى كسر العزلة وتعريفهم عبر أنشطة ثقافية بالحياة الثقافية والاجتماعية في الحاضرة برلين ويقول باكير في هذا الصدد:" ننظم رحلات إلى مقاطعات ألمانية وننظم جولات في المدينة وزيارة متاحف." أمّا في نهاية الأسبوع كما يقول السيد فيومي فإن العاملين في المؤسسة يقومون بتنظيم فعاليات ترفيهية مشتركة مثل الطبخ الجماعي والاستماع إلى الموسيقى والرقص واللهو. ويضيف السيد باكير يقول :" الأنشطة الثقافية التي نسهر على تنظيمها في نهاية الأسبوع هامة جدا فمن خلالها نهدف إلى بعث الراحة في نفوس زبائننا بعد أسبوع مضن ومكثف بالمواعيد.
تفاعل من قبل اللاجئين
" أشكر الطاقم العربي الذي يسهر على مساعدتي في مختلف الجوانب من مرافقة ومشاركة في الأنشطة المتوفرة في النادي ناهيك عن الحوارات والترجمات في المستشفى أو لدى المكاتب الحكومية." هذا ما قاله لنا السيد أبو محمود السوري الأربعيني في العمر والقادم من منطقة كوباني السورية. السيد أبو محمود أصيب بداء السرطان الذي جعله بحاجة إلى الرعاية وإلى التكيف في واقعه الاجتماعي والصحي الراهنين. الترحيب بهذا المشروع لم ندركه لدى السيد أبو محمود فقط بل أيضا لدى آخرين قد بدت على محياهم الفرحة والطمأنينة.
يبدو أن هذا النوع من العمل الاندماجي لذوي الاحتياجات الخاصة لا يزال غريبا وبالتالي مرفوضا لدى الكثير من أولياء الأمور من الوافدين الجدد والسبب في ذلك كما يقول باكير: "عديد من العائلات السورية من الوافدين الجدد ترفض رفضا قاطعا تصنيف ذويها بالإعاقة النفسية لأنها سلبية ومنبوذة في عقليتنا العربية، وتتجنب العائلات المحافظة أي اتصال كان بالدوائر الصحية الرسمية تحسبا للقيل والقال ." كما علمنا أيضا أن هنالك من يرفض إرسال زوجته أو ابنته إلى مثل هذه المؤسسات لفقدان الثقة وجهل الخدمات المتوفرة مفضلين بذلك حمل عناء الرعاية بأنفسهم. كما أنهم يعتقدون لا أحد أجدى وأجدر بتقديم المساعدة مثل العائلة ذاتها.
شكري الشابي/ برلين