ميركل وبوش: يجب منع ايران من الحصول على الاسلحة النووية
٤ مايو ٢٠٠٦في وقت وصل فيه الخلاف النووي مع إيران إلى طريق مسدود، توجهت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل أمس الأربعاء (03.05.06) إلى العاصمة الأمريكية واشنطن في زيارة تعتبر الثانية من نوعها في هذا العام. وبعد ساعة من المناقشات بين المستشارة ميركل والرئيس الأمريكي بوش في المكتب البيضاوي خرج الاثنان للحديث عن موقف موحد وجبهة واحدة ضد نشاطات إيران النووية. ولكن هذا الموقف الموحد يشوبه إختلاف في رؤية وتقييم السبل الكفيلة بتحقيق الهدف المتمثل في ثني إيران عن هذه النشاطات التي أثارات وما تزال حفيظة الدول الغربية. ففي الوقت الذي أكدت فيه ميركل انها والرئيس الأمريكي متفقان على حل الأزمة بالطرق الدبلوماسية، رفض الرئيس الأمريكي استبعاد اللجوء إلى القوة. يرى الكثير من المراقبين ان ميركل في زيارتها هذه ترغب بوضع استراتيجية لمواجهة إيران من اجل تجنب انقسام الغرب كما حدث قبيل الحرب التي قادتها الولايات المتحدة على العراق عام 2003. ميركل تريد من جانب أخر جذب المزيد من الشركاء المحتملين إلى هذه الجبهة، التي يجب ان تظهر لإيران ان نشاطاتها النووية غير مقبولة، من اجل حل النزاع تدريجياً. ولكن يبدو ان تشكيل هذه الجبهة مازال يصطدم بالرفض الروسي-الصيني. ولكن الرئيس الأمريكي اعتبر ان هنالك "نقطة بداية جديدة" تتمثل في موافقة روسيا على الهدف النهائي في ضرورة عدم امتلاك إيران لأسلحة نووية. كما جاء اجتماع بوش وميركل في وقت قدمت الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا يوم أمس الأربعاء مشروع قرار إلى مجلس الأمن الدولي يطالب إيران بتجميدها لنشاطاتها المتعلقة بتخصيب اليورانيوم التي يشتبه الغرب في أنها جزء من برنامج سري لصنع أسلحة نووية. لم يحتوي النص الذي تعارضه روسيا والصين أي عقوبات لكنه يهدد بالنظر في إجراءات أخرى حسبما قد يكون ضروريا لضمان إذعان إيران، الامر الذي قد يعد وسيلة مبطنة للقول ضمنا بأن الحلفاء الغربيين سيحاولون استصدار قرار لفرض عقوبات اذا ظلت طهران على تحديها لمطالب المجلس. كما أعلن في نهاية اللقاء عن نية الرئيس الأمريكي جورج بوش بزيارة ألمانيا في 14 تموز/يوليو المقبل لعقد قمة أخرى مع المستشارة الألمانية انجيلا ميركل.
الملف الإيراني
وقبيل الزيارة ألتقى موقعنا بالمختص في الشؤون الأمريكية ينس فان شيربينبرغ لسؤاله عن طبيعة هذه الزيارة. يرى شيربينبرغ إن الزيارة تنبع من إصرار الحكومة الألمانية "على استنفاد جميع الجهود الدبلوماسية المتوفرة" من أجل الحيلولة دون اللجوء إلى حل عسكري للخلاف. وعن اختلاف وجهات النظر بشأن آليات التعامل مع القيادة الإيرانية، أشار الخبير إلى عدم وجود رأي موحد في الإدارة الأمريكية يؤيد توجيه ضربة عسكرية لإيران، الأمر الذي "ستستخدمه ميركل من أجل التأثير على موقف أصحاب القرار في البيت الأبيض." وأضاف فان شيربينبرغ أن الرئيس الأمريكي يرفض لغاية الآن إجراء محادثات مباشرة مع المسؤولين الإيرانيين وأن ميركل "ستحاول إقناع بوش بإجراء محادثات مباشرة، ما سيقدم الدعم لجهود الترويكا الأوروبية في فض النزاع مع الإيرانيين." وعلى ضوء اللقاء الذي سيعقده الأعضاء الدائمون في مجلس الأمن وألمانيا في التاسع من مايو/ أيار الجاري، أشار الخبير إلى أن المستشارة الألمانية "ستبذل جميع الجهود للتوصل إلى إجماع بخصوص الملف النووي ." وتابع أن مسؤولة برغماتية مثل المستشارة ميركل " لن تؤيد فرض عقوبات اقتصادية قاسية على إيران،" عازيا ذلك إلى روسيا والصين سترفضانها.
السياسة الألمانية الخارجية
وعن سياسة أنجيلا ميركل الخارجية مقارنة مع المستشار الألماني السابق غيرهارد شرودر، قال الخبير إن ميركل "تنتهج سياسة خارجية واضحة وصريحة تصب قبل كل شيء في مصلحة بلادها" وإن النجاح في تمرير هذه السياسة "يحتاج إلى بناء علاقات جيدة مع الولايات المتحدة." وعزا فان شيربينبرغ ذلك بالتساؤل عن مغزى معارضة جميع المواقف الأمريكية وبالقول إن علاقات ألمانية ـ أمريكية جيدة " تفتح المجال أمام المسؤولين الألمان للتأثير على المواقف الأمريكية وانتقادها." واستطرد قائلا إن ميركل مقارنة مع شرودر "توجه انتقادات لمواضيع محددة مثل موضوع معتقل "غوانتانمو." وعن توازن العلاقات الألمانية ـ الأمريكية من جهة والألمانية ـ الروسية من جهة أخرى، قال خبير شؤون أوروبا الشرقية في مؤسسة "بيرتلسمان" الألمانية كورنيليوس أوخمان إن المستشارة "استطاعت منذ تسلمها السلطة الموازنة بين علاقة بلادها مع موسكو من جهة وواشنطن من جهة أخرى،" وإن ذلك "أكسب السياسة الخارجية الألمانية ثقة كبيرة في المحافل الدولية." إلى ذلك، تابع فان شيربينبرغ بالقول إن ميركل "تتبع في علاقاتها مع موسكو نفس الاستراتيجية التي تتبعها مع واشنطن،" وإنها "لا ترغب في تطوير العلاقات مع روسيا في مجال الطاقة فقط، بل أيضا في مجالات أخرى وخصوصا في ظل ازدياد شعبية الرئيس الروسي فلاديمير بوتين."
قطاع الطاقة
وبخصوص ملف الطاقة الذي أخذ في ظل محاولات العملاقة الألمانية "إي ـ يون" تبوء المركز الأول في قطاع الطاقة على حساب نظيرتها الروسية " غاز ـ بروم" وزيارة ميركل الأخيرة لروسيا، قال الخبير أوخمان إن المستشارة "ستبحث مع الرئيس الأمريكي الموقف الروسي من موضوعي الطاقة وإيران." وأضاف أوخمان أن ملف الطاقة "سيأخذ حيزا واسعا من لقاء ميركل ـ بوش نظرا لقمة الثماني التي ستعقد قريبا في سانت بيتربورغ الروسية،" وأن ميركل "ستستفسر بكل تأكيد عن موقف الرئيس الأمريكي بخصوص السياسة الروسية في مجال الطاقة." وعن الخطط الألمانية ـ الروسية الرامية إلى مد خط لضخ الغاز يمر عبر بحر الشمال وليس كما جرت العادة عبر الأراضي البولندية، قال الخبير إن هذا الملف سيكون أيضا حاضرا في مناقشات ميركل ـ بوش." وتوقع أوخمان أن ميركل سيتوجب عليها سماع بعض الانتقادات للمشروع المثير للجدل والذي تنتقده بعض الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي وخاصة الجديدة (الشرقية) منها.