ميركل في الساحل الإفريقي - الأولوية للأمن أم التنمية؟
٢ مايو ٢٠١٩تأتي جولة المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل إلى بوركينا فاسو ومالي والنيجر لتأكيد اهتمام ألمانيا الكبير بتحقيق الاستقرار في دول مجموعة الساحل الإفريقي. وفي أعقاب محادثات مع الرئيس البوركيني، روش مارك كابوري، قالت ميركل إن بوركينا فاسو تواجه تحديات جسيمة نظرا لتردي الوضع الأمني في البلاد مع تزايد سكانها بنسبة 3%، ووعدت بتعاون ألمانيا مع بوركينا فاسو في مجال الأمن. ولتبيان أهمية استقرار المنطقة بالنسبة إلى أوروبا نذكر بأن الاتحاد الأوروبي رصد للفترة الممتدة بين 2017 و 2021 نحو مليار يورو للمساعدة التنموية يُضاف إليها الالتزام العسكري للاتحاد الأوروبي ضد إرهابيين.
ويجدر الإشارة إلى أن ميركل لا تزال ترفض توريد أسلحة إلى بوركينا فاسو. وخلال زيارة رئيس بوركينا فاسو، روش مارك كابوري في فبراير إلى برلين اتفق البلدان على تعاون أوثق في مكافحة الإرهاب.
كما أجرت ميركل مشاورات مع رؤساء مجموعة دول الساحل الخمسة حول الاستقرار المحتمل لهذه الدول التي تواجه تهديدات من مجموعات إرهابية وزعزعة الاستقرار، وتركزت المشاورات على قوة مكافحة الإرهاب التابعة لدول المجموعة والتي يصل قوامها إلى 5000 رجل ويناط إليها مكافحة الإرهاب المتنامي في المنطقة. ويرى خبراء أن أداء هذه القوة لا يزال قليل الفعالية.
وتضم مجموعة الساحل التي تأسست في عام 2014 إلى جانب بوركينا فاسو كلا من مالي والنيجر وموريتانيا وتشاد.
العنف يزداد
ومنذ الاعتداء الإرهابي الأول في وداغودو الذي خلف 30 قتيلا في عام 2016 تحصل في بوركينا فاسو في كل أسبوع هجمات جديدة. فإذا وقعت في 2015 أربعة اعتداءات إرهابية، فإنها وصلت في عام 2018 إلى 160 هجوما. وتشعر البلاد بتأثير تصعيد العنف في مالي المجاورة حيث استقالت في الأسبوع الماضي الحكومة بعد احتجاجات ضد الوضع الأمني المتردي في شمال مالي ووسطها.
زيارة الوحدات الألمانية في مالي
وتفقدت المستشارة ميركل جنود بلادها في معسكر كاستور بمدينة غاوا بمالي. وفي بداية أبريل وافقت الحكومة الألمانية على تمديد المشاركة العسكرية لألمانيا في مهمة بعثة الأمم المتحدة المتكاملة المتعددة الأبعاد لتحقيق الاستقرار (مينوسما). ويتمركز حاليا 850 جنديا ألمانيا في مالي قد يرتفع عددهم حسب تفويض البرلمان الألماني إلى 1200 جندي. وتكشف هذه المشاركة الألمانية الأهمية الكبيرة التي توليها ألمانيا باستقرار المنطقة. وبموازاة ذلك تنشر فرنسا ألف جندي كجزء من مهمتها العسكرية لمكافحة المجموعات الإرهابية.
وأكدت ميركل أن هناك علاقة بين الاضطرابات والوضع الأمني المتفاقم في بوركينا فاسو والأزمة في ليبيا والتطورات في السودان.
من جانبه طالب رئيس بوركينا فاسو، كابوري أوروبا بتبني موقف مشترك من أجل التوصل إلى حل للأزمة في ليبيا، وقال إن القضية الليبية في حاجة ماسة إلى حل، محذرا من أنه بدون ذلك سيتفاقم التهديد، على سبيل المثال، عبر تهريب الأسلحة إلى المنطقة.
وأعلنت ميركل أن ألمانيا ستساعد بوركينا فاسو عبر تعزيزات قدرات الشرطة، وأنها ستخصص حوالي 10 مليون يورو لتجهيزاتها.
وأضافت أن الجيش الألماني سيقدم خدمات استشارية لبوركينا فاسو بقيمة تتراوح بين 7 إلى 10 مليون يورو، ولفتت إلى أنه جرى البدء في المفاوضات الأولية بهذا الشأن، وقالت ميركل إن هذه الخطوة تأتي نظرا للوضع الصعب في بعض أجزاء في بوركينا فاسو حيث تم إغلاق العديد من المدارس.
وفي سياق متصل، قالت المستشارة الألمانية إن بلادها ستقدم في مجال التعاون التنموي 5.5 مليون يورو كمساعدات إضافية للمساعدات التي تم التخطيط لها حتى الآن، وستتركز هذه المساعدات على مكافحة التغير المناخي وإدارة المياه وتحسين جودة التربة.
وبحسب خبراء تحظى ميركل بسمعة ممتازة في الإقليم، حيث يُنْظَر إليها على أنها سياسية تعمل من أجل منطقة الساحل الأفريقي برمتها.
يشار إلى أنه منذ أزمة اللاجئين في 2015، تحولت إفريقيا إلى مركز ثقل للسياسة الخارجية لميركل التي توجهت إليها في خريف 2016 حيث قامت بجولة شملت النيجر ومالي واثيوبيا. ثم توالت بعد ذلك زيارات المستشارة الألمانية لإفريقيا كما زار رؤساء أفارقة برلين.
ويذكر أنه في أحدث مؤشرات الأمم المتحدة للتنمية، احتلت مالي المركز 182 وبوركينا فاسو المركز 183 والنيجر المركز 189، المركز الأخير.
عدد السكان يرتفع
وبحسب خبراء، يرتبط الإرهاب في هذه الدول بصراعات عرقية واجتماعية، ويلتهم معدل الزيادة السكانية في هذه الدول (من 3 إلى 4%) معدلات النمو الاقتصادي التي تتراوح بين 5 إلى 6%. ويجدر الإشارة إلى أن معدل الزيادة السكانية في النيجر هو الأعلى في العالم (نحو 4%).
وتدعم ألمانيا منطقة الساحل بـ 1.7 مليار يورو في الفترة بين 2017 حتى 2020، وسيتم تخصيص مليار يورو من هذه المساعدات للتنمية، فيما سيتم تخصيص الجزء الباقي للجيش والبنية التحتية والتعليم والوقاية من الأزمات والمساعدات الإنسانية.
ويشارك جنود ألمان في مهمة الاتحاد الأوروبي للتدريب وضمن بعثة الأمم المتحدة المتكاملة المتعددة الأبعاد لتحقيق الاستقرار في مالي (مينوسما). وتعد البعثة العسكرية الألمانية في مالي هي ثاني أكبر بعثة عسكرية لألمانيا بعد أفغانستان.
ميشاييلا كوفنر/ م.أ.م