ميركل ترفض مجددا خفض الضرائب وتدعو إلى التضافر لمواجهة الأزمة المالية
٢ ديسمبر ٢٠٠٨أعلنت زعيمة الحزب المسيحي الديمقراطي والمستشارة الألمانية انجيلا ميركل في كلمتها أثناء المؤتمر السنوي العام لحزبها الذي انطلق اليوم الاثنين أول ديسمبر/كانون الأول أنها لا تستبعد اتخاذ تدابير إضافية لإنعاش اقتصاد بلادها في حال استمرار الأزمة المالية العالمية الراهنة. وفي هذا السياق، قالت المستشارة ميركل إن "ألمانيا تبقي جميع الخيارات مفتوحة أمامها لمكافحة تداعيات الأزمة بشكل فعال". كما أكدت ميركل أن حكومتها أثبتت قدرتها على إدارة الأزمة الاقتصادية والتصرف حيالها بشكل سريع إذا لزم الأمر.
ومن ناحية أخرى، دعت ميركل إلى الاعتدال في التعامل مع الأزمة الاقتصادية التي تشهدها البلاد حاليا، وقالت: "الإنسان لا يمكنه العيش في مستوى يفوق قدراته المادية إلى الأبد". وفي الوقت نفسه، أكدت المستشارة الألمانية إمكانية تحقيق هدف إعادة التوازن إلى الميزانية خلال الفترة التشريعية المقبلة.
يذكر أن الحكومة الألمانية كانت تأمل في إعادة التوازن إلى الميزانية بحلول عام 2011 ، لكن الأزمة المالية العالمية أدت إلى تخليها عن هذا الموعد، بعد أن دخلت البلاد في مرحلة ركود.
الخلاف حول خفض الضرائب
وعلى الرغم من إبقاء الباب مفتوحاً أمام مزيد من التدابير الاقتصادية، فقد جددت ميركل رفضها للمطالب المتعلقة بخفض الضرائب من أجل دعم القدرة الشرائية للمواطنين الألمان. وأكدت أن حزبها يقف خلفها في ذلك، بعد أن طالبت أكثر من شخصية في الحزب المستشارة ميركل خلال الأيام الماضية بخفض الضرائب في البلاد من أجل إنعاش الاقتصاد. وفي هذا الإطار، نقل موقع تاغسشاو الإخباري الألماني على شبكة الإنترنت عن أمين عام الحزب رولاند بوفالا قوله إنه ليس هناك حاجة إلى المزيد من الإجراءات الإضافية لإنعاش الاقتصاد. ومن جانبها، أكدت ميركل في مقابلة مع قناة التلفزة الألمانية الرسمية الأولى أن زعامة الحزب تقف خلفها في خطتها الرامية إلى إدخال تعديلات في نظام الضرائب الألماني خلال الفترة التشريعية القادمة.
وكان العديد من كبار خبراء الاقتصاد في ألمانيا قد طالبوا الحكومة بخفض الأعباء الضريبية، ومن بينهم رئيس اتحاد الصناعات الألمانية فيرنر شناباوف الذي قال في مقابلة مع صحيفة هاندلسبلات الصادرة اليوم الاثنين: "يجب زيادة صافي دخل المواطن في ألمانيا". وشناباوف ليس وحيداً في هذه الدعوة، فقد انضم إليه كل من الأمين العام للاتحاد المركزي للحرفين الألمان هانس-إيبرهارد شلاير ورئيس الاتحاد الألماني لتجارة الجملة والتجارة الخارجية أنطون بورنر.
بيد أن عدداً من الخبراء يرى أن تخفيف الأعباء الضريبية لن يكون له أثر إيجابي كبير على الطلب المحلي، وتقوم حجتهم في ذلك على أن الأموال التي سيتم توفيرها ستذهب إلى دفاتر التوفير في البنوك بدلا من إنفاقها على شراء السلع والخدمات بسبب المخاوف السائدة من اشتداد حدة الأزمة المالية.
وعلى صعيد آخر، يرى بعض الخبراء أن موقف ميركل يخفي ورائه هدفاً انتخابياً، إذ أنها في رأيهم تسعى إلى الفوز بالانتخابات البرلمانية القادمة مقابل إتباع سياسة اقتصادية جديدة تتضمن إعادة هيكلة النظام الضريبي بشكل يخفف أعباءه عن مختلف الشرائح الضريبية.
تضافر الجهود لمواجهة الأزمة الاقتصادية
ومن ناحية أخرى، دعت ميركل في الكلمة التي ألقتها أمام حوالي ألف مندوب من حزبها إلى التضافر لمواجهة الأزمة الاقتصادية الحالية، كما قيمت أداء الائتلاف الحاكم خلال السنوات الثلاث الماضية بأنه إيجابي. تجدر الإشارة إلى أن الائتلاف الحاكم في ألمانيا يضم التحالف المسيحي، المكون من الحزب المسيحي الديمقراطي بزعامة ميركل وشقيقه الأصغر الحزب المسيحي الاجتماعي البافاري، بالإضافة إلى الحزب الاشتراكي الديمقراطي.
وبشأن القانون الأمني الجديد الذي يسمح للأجهزة الأمنية الألمانية التنصت على أجهزة الحاسوب الشخصية من خلال الإنترنت، دعت ميركل الحزب الاشتراكي الديمقراطي إلى الموافقة على القانون. وأشارت إلى أن معارضة الولايات التي يحكمها الحزب الاشتراكي الديمقراطي للقانون لا تقوم على التحلي بالمسؤولية.
كما دعت ميركل كافة أعضاء التحالف المسيحي، المكون من الحزب المسيحي الديمقراطي بزعامة ميركل وشقيقه الأصغر الحزب المسيحي الاجتماعي البافاري إلى الاستعداد للانتخابات الرئاسية العام المقبل 2009.
"خطاب ميركل مخيب للآمال"
لكن خطاب ميركل جاء "مخيباً للآمال" حسب تصريحات مسؤولين بالحزب الاشتراكي الديمقراطي، حيث ذكر هوبرتوس هايل، الأمين العام للحزب الاشتراكي الديمقراطي اليوم الاثنين عقب مشاورات جرت على مستوى رئاسة الحزب في برلين أن خطاب ميركل "قليل المضمون وخالي من الأفكار الجديدة". وأضاف أن ميركل قدمت نفسها أمام الحضور أكثر من مرة بشكل إيجابي"كزعيمة سياسية للحزب"، لكن ليس كمستشارة للدولة.
من ناحية أخرى، أشار هايل إلى أن الحزب المسيحي افتقد للموضوعية في معالجة القضايا الأساسية في إشارة إلى الجدل الدائر داخل أروقة الحزب المسيحي حول خفض الضرائب. وأعلن عن استعداد الحزب الاشتراكي لدراسة المزيد من الخطوات التي تعين على مواجهة أزمة قطاع المال والاقتصاد في البلاد ومنها إمكانية تقديم بعض الإعفاءات الضريبية لمحدودي الدخل ، ولكنه دعا في الوقت نفسه للتريث حتى تتضح آثار الإجراءات التي اتخذتها الدولة في هذا الشأن.