ميركل تحذِّر: ألمانيا أمام امتحان صعب على الصعيدين الداخلي والخارجي
١٠ نوفمبر ٢٠٠٩شهدت جلسة المناقشة العامة الأولى التي عقدها البرلمان الاتحادي في برلين اليوم الثلاثاء 10 نوفمبر/تشرين الثاني جدلاً واسعاً بين نواب الحكومة والمعارضة حول تحديد خطوط السياسة الداخلية والخارجية للحكومة الجديدة. وركَّزت المستشارة في بيانها الحكومي على الوضع الداخلي بصورة خاصة فشرحت طويلا انعكاسات الأزمة الاقتصادية والمالية المتوقعة على اقتصاد البلاد وسوق العمل فيها وإمكانية الخروج منها. واستهلت خطابها بالإشارة إلى أن البلاد ستواجه في الأسابيع والأشهر المقبلة تحديات وأخطار على مختلف الأصعدة، فالبطالة "ترتفع وستزداد ارتفاعا" على حد تعبيرها، مشيرة إلى أنه بفضل الدوام الجزئي فقط تمكنت الحكومة السابقة من إبقاء الوضع في سوق العمل مستقراً نوعاً ما، الأمر الذي ستواصل الحكومة الجديدة اعتماده مستقبلا على حد قولها.
ألمانيا أمام امتحان صعب للغاية
وأضافت ميركل أن ألمانيا تقف أمام امتحان صعب للغاية لافتة إلى أنها لا تريد إخفاء المصاعب المالية والاقتصادية في البلاد التي ستزداد في الفترة المقبلة. وحذرت هنا "من واقع توسّع الأزمة الدولية ومن خلط الأوراق الحاصل عالميا" بين الدول الأكثر تقدما. وبعد أن ذكرت أنها تريد "قيادة ألمانيا إلى قوّة جديدة" بفضل وجود مواقع صناعية واقتصادية هامة فيها، وكذلك قوى عاملة مؤهلة، دعت إلى التنبه والعمل "من أجل الحصول على ورقة قوية" في معركة التنافس الدولي القائم حاليا.
وشددت المستشارة على أن حكومتها ستخفض الضرائب، رغم العجز المالي الحاصل في موازنة الدولة، "من أجل دعم النمو الذي دونه لا استثمار ولا فرص عمل ولا مال للتعليم ولمساعدة الضعفاء في المجتمع". كما ذكرت أن النمو يعني أيضاً خفض الأعباء المالية على الشركات، خاصة الصغيرة والمتوسطة منها، لكي تتمكن من خفض كلفة الإنتاج والمنافسة بصورة أفضل بسلعها المصدَّرة إلى الخارج. ورفضت ميركل اقتراحات التقشف لمواجهة أعباء الأزمة الاقتصادية قائلة إن الرد سيكون في خفض الضرائب على الشركات والمواطنين من أجل دعم براعم النمو التي ظهرت أخيرا، وأضافت أن لا نمو دون استثمار، ولا نمو دون فرص عمل ومال.
ميركل تكتفي بعرض سريع للسياسة الخارجية
وخصصت ميركل مجالاً ضيقاً جدًا في بيانها الحكومي الطويل للسياسة الخارجية باستثناء أفغانستان التي أكدت التزام ألمانيا بدعم حكومتها لتأمين الأمن وإعادة الإعمار فيها. واعترفت بأن هذا الالتزام صعب ومكلف، مشيرة إلى أنها تريد تسليم الأمن إلى القوات الأفغانية، "إنما بروية ودون تسرّع". واكتفت المستشارة أيضا بالإشارة إلى أزمتي الشرق الأوسط وإيران وضرورة العمل على حلّهما لتضيف أن العالم الحر "يواجه تحديات كبيرة وعلى المرء بذل كل جهد ممكن لحماية الحرية وضمان الأمن داخلياً وخارجياً".
وفيما يخص العلاقات الأوروبية ـ الأوروبية، أكدت ميركل أن "معاهدة لشبونة" الهادفة إلى نقل الاتحاد الأوروبي إلى مرحلة سياسية أعلى ستنفذ قريباً بعدما وقَّع عليها جميع الدول الأعضاء في الاتحاد. وعن روسيا، قالت إن بلدها يسعى إلى فتح حوار موسع مع موسكو مشيرة إلى "أننا بحاجة إلى بعضنا البعض". وأعلنت عن تأييدها الكامل لرؤية الرئيس الأمريكي باراك أوباما الداعية إلى عالم خال من الأسلحة الفتاكة. وأكد بيان المستشارة أن الحكومة الجديدة ستبقي على القرار المبدئي الذي اتخذته الحكومة السابقة دون أن يطبق حتى الآن والقاضي برفع معدل المساعدات الألمانية للدول النامية والفقيرة إلى 0.7 بالمائة من الناتج القومي السنوي.
وقصَر وزير الخارجية الجديد رئيس الحزب الليبرالي غيدو فيسترفيله كلمته على الحديث عن السياسة الأوروبية معتذرا عن التطرق إلى الأزمات الدولية والإقليمية الأخرى لكونه لم يكوِّن بعد صورة واضحة عنها بعد مرور أيام قليلة على تسلمه مهامه، على حد تعبيره. واكتفى بالقول إن السياسة الخارجية لبلده "ستكون سياسة سلام وقِيَم".
انتقادات شديدة من جانب المعارضة
ومن جانبها، وجهت المعارضة الألمانية انتقادات شديدة للحكومة الجديدة. ونقلت وكالة الأنباء الألمانية عن رئيس حزب اليسار أوسكار لافونتين قوله إن "الحكومة الجديدة عاجزة وتتبع أسلوباً خاطئاً لإدارة الأزمات". وأضاف لافونيتن: "هذه الحكومة غير قادرة على القيام بواجبات المرحلة ..هذه هي الحكومة الخطأ في الوقت الخطأ". وقال السياسي البارز إن هذه المرحلة لا تتطلب بحث تداعيات الأزمة الاقتصادية العالمية بل التفكير في أسبابها أيضا.
كذلك قال رئيس الكتلة البرلمانية للحزب الاشتراكي الديمقراطي فرانك فالتر شتاينماير إن الحكومة الجديدة وقعت في "بداية كارثية" لعملها. واتهم شتاينماير، الذي شغل منصب وزير الخارجية ونائب المستشارة خلال الأعوام الأربعة الماضية، المستشارة ميركل بأنها تتعمد إخفاء أعباء المرحلة المقبلة عن المواطنين. وتعقيبا على اتفاقية تشكيل الائتلاف الجديد بين المحافظين والليبراليين قال شتاينماير:"هذا البلد سيتعرض للانقسام..لن يتم تقويض الأسوار بل بناء أخرى". لكن رؤساء الكتل النيابية المعارضة بدورهم لم يتطرقوا في كلماتهم إلى السياسة الخارجية وركزوا في ردهم على المستشارة على السياسة الداخلية.
الكاتب: اسكندر الديك - برلين
مراجعة: سمر كرم